ألبين أحمد لروناهي: شَبابُنا المُنظم استطاع إثِباتَ نَفسهِ، ونَعملُ لنكونَ نَمُوذجاً لغَيرنا

حوار / حسام اسماعيل –

روناهي / عين عيسى- في حوار أجرته صحيفتنا مع الرئاسة المشتركة لمجلس شباب سوريا الديمقراطية ألبين أحمد بيّنت من خلالها واقع الشباب والتنظيمات الشبابيَّة في مناطق شمال وشرق سوريا، وأهميَّة تَنظيم عمل الشبيبة، في ظلِّ مُحاولة الرأسماليَّة العالميَّة التأثير على شَبابنا.

أكدَّت ألبين أحمد على أنَّ تَنظيم الشّباب ضمن هياكل تنظيميَّة وبشكل كومينالي جَعل شَبابنا يَتجاوزون الكثيّر منَ المَشاكل التَّي من المُمكن أن تُؤثر عليهم وبشكلٍ كبير، وأنَّ شبابنا في مَناطق شمال وشرق سوريا أصبحَ لهم دورٌ فعالٌ على الصعيّد السياسي والعسكري.

ودعت ألبين الشَّباب المُهجرين واللاجئيَّن خَارج الجغرافيَّة السوريَّة الرُّجوع إلى سوريا، لأنَّ بلدهم أولى بهم، وبِحاجة إلى سواعِدهم في هذهِ المرحلةِ الصعبة التي يَمر بها.

وهذا نصُّ الحِوار:

ما هو دَور الشَباب بشكلٍ عام؟ وهل وُضِع شَبابنا في قالبٍ مُعين لا يَستطيعون النفاذ مِنهُ؟

نستطيعُ القول ذلك لقد كانَ شبابنا وعلى الدوام قَبل الثّورة التي حَصلت في سوريا في قالبٍ معينٍ لا يُمكن النفاذ منهُ، واستيعاب الطَّاقة التي يَمتلكونها وتَكريسها لخدمةِ السُلطة، وحتى تم تَحديد مَسار حياتهم وبشكلٍ كاملٍ.

لقد استوعبنا هذا الأمر مع بدايَّة تَأسيس مجلس شباب سوريا الديمقراطيَّة مع انطلاق ثورة روج آفا، ونَستطيع القول بأنَّ الشعب الكردي هو الرائد بهذا المجال لأنَّ ثورة روج آفا هي ثَورةُ الشباب، واستطاع الشباب مُنذ 1999م، تَنظيَّم أنفسهم وتَفعيّل دور المرأة، لتَكون الثورة بشكلٍ فعلي هي ثورة الشباب سواء الرجل أو المرأة، ومَعروف بأنَّ ثورة الشباب هي ثورةٌ ديناميكيَّة، وهذا الأمر أصبح واضح من كلِّ النواحي العسكريَّة والفكريَّة الفلسفيَّة والشعارات التّي رَفعتها ثورة روج آفا، واستطاعت البدء بِثورتها من خلالِ هذهِ المبادئ والانطلاق من خلالها، وتَغيير التَفكيّر النَمطي الذّي كانَ سائدً ومعروفً.

ـ كيف يمكن تجاوز العقلية التي تنظر إلى فئة الشباب نظرة تصغير وتغفل عن دورهم؟

من أجلِ الإجابةِ على هذا السؤال يَجب الرجوع إلى أساس المُجتمع الطبيعي الذي كانَ سائداً حيثُ كان وعلى حدٍ سواء دورُ الرجل والمرأة والشباب هو دورٌ جوهري ورئيسي، حيثُ كان يَقع على عاتقِ الشباب مَسؤوليَّة حمايَّة المُجتمع في حين كانَ دورُ المرأة هو قيادته، والرّجل كانت مَسؤوليتهُ هي الصيد وتأمين الغذاء، وكانوا عبارة عن منظومة من العمل الجماعي المُنظم المثمر الذي يُحقق العدالة لكل أفراد المُجتمع.

إلى أن تم اختراع الطبقات من قِبل السُلطة، وأصبح رجال الدين وعبدة الإله هم الطّبقة العُليا في المُجتمع في حين أصبح الشباب في أدنى الهرم المُستحدث وتم تَهميش دورهم، وكل هذا الأمر كان بسببِ السُلطة، وتَحويل دور المرأة والشبيبة من دورٍ مهمٍ وفعال إلى دور مُتدني في أسفلِ الهرم المُصطنع، وكَرست السُلطة فِكرة مَفادها بأنَّ الرجل الكبير بالسن أو الشخصيات البارزة الأنانيَّة هي القادرة على قيادةِ المُجتمع، وحتى قيادة البيت واتخاذ القرارات المُهمة والمصيريَّة، وبالتالي وُضِع الشباب في قالبٍ معين، وحتى رُسم مستقبلهم وحُدد مَسارُ حَياتهم.

عندما قُمنا بالثورةِ والتي كانت هي ثورةُ الشباب كان منَ الصّعب إقناعُ الشبابِ بهذا الأمر، ولم يستطيعوا تَقدير هذا الأمر.

والسُلطة الأبويَّة المُنتشرة في مُجتمعاتنا بسبب تَراكمها مع مُرور الزمنِ أدت إلى تحديدِ وتَهميش دورِ الشّباب كما سَبق وذكرنا، لذلك كان دورٌ الشباب دورً محدودً وهامشي، وامتد تأثيرُ هذهِ السُلطة إلى الأم ضمن العائلة الواحدة، حيث كان يُمارس الأب سلطته عليها، وهيَّ بدورها تُمارس السُلطة على الأبناء وهكذا دواليك.

ـ كيفَ نَستطيعُ تَفعيّل دور الشباب في المُجتمع، والتَخلص من ذهنيَّة السُلطة التي همشت الشَباب؟

في بدايَّة الثورة لعبت الرأسماليَّة دورها في التأثيرِ على الشباب، لذلك نحنُ في مجلس شباب سوريا الديمقراطيَّة ومُنذ تأسيسه في 2017م، بدأنا التغيير من خلالِ الناحيَّة الفكريَّة، لإيماننا بأهميَّة تغيّير ذهنيَّة الشباب وتَوعيتهم، ليَتم تَغيير هذهِ الذهنيَّة من خلالِ الفكر الكومينالي الطبيعي، والعَودة بشبابنا إلى الأساس الطبيعي.

وتَنظيمُ الشبيبة على مبدأ الكُومين مثل المُجتمع الطبيعي الذي كان يَعيشُ من خلالِ مجموعة من الأشخاص، ومع مُحاولة الرأسماليَّة سرقة دور الشباب لإدراكها تماماً بمخاطرِ تَمسك الشباب بأصالتهم ورجوعهم إلى الأساس الطبيعي لهم وجُذورهم، من خلالِ البرامج التي تُعرض أو الوسائل الحديثة لمَواقع التواصل أو غيرها من الوسائلِ الأخُرى التي تُروّج للفكرِ الرأسمالي وتَكريسهُ بينَ هذهِ الشريحة، وللأسف أن شريحةً واسعةً وكبيرة من الشبابِ ونتيجة الحروب وغيره هَاجروا إلى الدول الرأسماليَّة نتيجة هذا التأثير الذي يَعمل على تَوجيه الشّباب نحوَ رؤيَّة ضيقةٍ وضحلةٍ ومثاليّةٍ، وأن يَكون تَفكيره مَحدود وغير قَادر على التفكيرِ في مجتمعهِ وتَقدمهِ وحمايتهِ.

وحالياً نحنُ كمجلس لشباب سوريا الديمقراطيَّة لدينا خُطة لتنظيم عمل الشباب أكثر للحدِ من الظواهر السلبيَّة التي تُؤثر على شبابنا، ولا نُنكر بأنَّ الشبيبة لعبت دورها في الثورةِ من كل النواحي سواء حمايَّة الشعب والعمل التنظيمي والفكري ووصلوا إلى مرحلةِ مُعينة، ولكن ليس إلى المرحلة المَطلوبة المرضيّة، لذلك يَجب تَفعيّل دور الشبيبة أكثر، وقمنا بالانضمام إلى مجلس سوريا الديمقراطي، والهيئات الرئاسيَّة أو أي مُنسقية أو مرحلة من المراحلِ ليكون دورُ الشبيبةِ هو الدورُ الفعال في مجلس سوريا الديمقراطية، ومبنيٌ على إرادةٍ قويةٍ من ناحيَّة تنظيم المُجتمع أو من النواحي السياسيَّة أو العسكريَّة أو الاقتصاديَّة، للمُواجهة والتصدي لأي عمليَّة تخريب تَحصل ضد شُعوبنا ومُكتسباتنا التي حَققناها.

 نحنُ حالياً كشباب مُنَظمين نُحاول إثبات أنفسنا في كلِّ المَجالات وعلى كافة الأصعدة، لأنَّ الشبيبة آنَ لها ووجَبَ عليها أن تَلعب دورها وبشكلٍ فعَّال، ومن الأمثلة على ذلك الحُضور الشبابي القوي والفعال في المُؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطيَّة الذي تم عقدهُ كانت الشبيبة مَوجودة في اللجنةِ التحضيريَّة للمؤتمر وفي الديوان أيضاً أثناء عقدهُ، ولعَبت دورها أيضاً ونستطيع القول بأنَّ الشبيبة حاضرةٌ.

ـ كيف يُمكن للشبيبة أن تَتجاوز سلبيات الرأسماليَّة التي تَغلغلت في صُفوفهم، وكيف السَّبيل لتوظيف إمكانياتهم وطاقاتهم لخِدمة بلدهم وشُعوبهم؟

انغماس الشبيبة والانحراف إلى السلبيات المَوجودة والمُغريات التي تُؤثر بشكلٍ كبير على المجتمعات يكون من خلال تشغيَّل الشباب وتَنظيم عملهم وتَنظيمهم بهذهِ الطريقة نستطيع تَجاوز الكثير من المشاكلِ والسلبيات، وكثيرٌ من شبابنا في مناطق شمال وشرق سوريا مُنشغلين في أعمال مفيدة تَخدم المُجتمع، وتَصبُّ في مصلحته، ومن أجل الحُصول على نتيجةٍ أفضل يَجب على الكومينات والمجالس التي شُكلت في كل مناطق شمال وشرق سوريا أن تَعرف كيفَ تُنظم الشبيبة؟، طبعاً هذا الأمر موجود، ولكنُّه يَحتاج إلى تَفعيلٍ أكثر.

ومن جانبٍ آخر يجب أن نتجه إلى شبيبة المُخيمات، من خلال افتتاح دورات تدريبية توعويَّة، مثلاً الأن ما يقارب 50 شابة في التدريب منهن 15 تخرجن و15 أخريات دخلن للتدريب، أيضاً المرأة الشابة تَقوم بأخذِ تدريب، طبعاً هذا الأمر من شأنهِ تغيير ذهنيَّة المُجتمع، وخاصةً فكر داعش التَخريبي الذي لا زال عَالقً في أذهانِ الكثير من الشَباب، وبالأخص الحالة التي يَعيشُ فيها شباب المُخيمات وأكثرهم عاطلين عن العمل، وهذا الأمر يُولد فراغ، يَجب تعبأتهُ بالأمور الإيجابيَّة.

طبعاً بالتأكيد استطعنا حصد نتائج ايجابيَّة من خلالِ النشاطات التي نقومُ فيها في مُخيمات شمال وشرق سوريا، وأصبحَ الكثيرُ منهم يَتجهون إلى المَجالس الشبابيَّة المُتواجدة ويُؤمنون بأفكارها، وأصبحوا يؤازروننا في مسألة الوقوف في وجه العادات السلبيَّة التي تُهدد شبابنا.

وأصبح لنا تَنسيق حتى مع الكُتل المُتواجدة على صعيد الشرق الأوسط وحتى عالمياً مثل؛ لبنان والأردن ومصر وألمانيا وبلجيكا وحتى الشباب والشابات السوريين اللاجئين خارج حدود الجغرافية السورية، ونُحاول إيصال رسالة لهم بالعودة وأن سوريا تحتاج للشباب وللمرأة الشابة للدفاع عن الثورة ومكتسباتها.

مسألة التنسيق مع الكتل الشبابيَّة في الداخل والخارج أمرٌ مهمٌ جداً، ونحن في مجلس شباب سوريا الديمقراطيَّة استطعنا أن نخطي الخطوات الأولى في هذا الاتجاه، ولكن نَحتاجُ إلى تَفعيل هذا التنسيق وهذا التعاون بشكلٍ أكبر، وهذا ما نَرتئي إليه ونَحتاج إلى وقتٍ كبير لنَستطيع تَحقيقهُ، وللخلاص من  الذهنيَّة الرأسماليَّة والسلطويَّة المُنغرسة في عقولنا المُمتدة إلى آلاف السنين، والتغيير الذي نَبتغيّه بالتالي يَحتاج إلى أجيال وأجيال للوصول إليه، لذلك مَطلوب منا كشبابٍ واعي مُؤمن بقضيتهِ التحرريّة أن نَعمل ونُقاوم بكلِ ما أوتينا من قوة.

ويجب أيضاً على مجلس شباب سوريا الديمقراطيَّة أن يَتوسع أكثر، وهذا الأمر يَحتاج إلى مُؤتمر، وسوف يُعقد بعد شهرين تقريباً، ومن خلالهِ سوف نَطرحُ بنوداً أساسيَّة من أجل تَوسيع العمل أكثر، ولأنَّ سوريا استطاعت أن تُقاوم وتُناضل بشريحةِ الشباب والمرأة الشابة حتى أصبحنا قُدوة لغَيرنا سواءً في سوريا أو على مُستوى الشرق الأوسط والعَالم أجمع.