سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أطفال في قارعة الطريق نتيجة إفرازات الحرب السورية الدائرة

قامشلو/ رشا علي –

أكدت الإدارية في لجنة الأطفال شلير “جوليا خلو” بأن ظاهرة رمي أطفال حديثي الولادة منتشرة في سوريا كلها، ولكنها أكثر انتشاراً في مناطق حكومة دمشق، مشددة على ضرورة أن يكون المجتمع أكثر وعياً لمواجهة الظروف، والعوائق خاصة في زمن الحرب.
مازالت حالات التخلي عن الأطفال الحديثي الولادة بازدياد في مناطق مختلفة من سوريا، فلا يكاد يمر شهر أو اثنان، دون أن تُسجل فيه حالتان أو ثلاث حالات، لأطفال تخلى عنهم ذووهم، ورموهم في أماكن عامة، إما على قارعة الطريق، أو بالقرب من المساجد أو المشافي، أو الحدائق أو بجانب حاويات القمامة وغيرها من الأماكن التي تعج بالمارة.
هناك أسباب وعوامل كثيرة دفعت إلى انتشار هذه الظاهرة، وفي مقدمتها الحرب السورية الدائرة منذ 11 عاماً، كغيرها من الحروب، التي حصلت في مختلف بقاع العالم، حصدت أرواحاً كثيرة، وكان الأطفال والنساء هم أكثر الضحايا، مما عانوا من النزوح والتهجير، والعنف والقتل، والتشرد والاغتصاب، والاختطاف وغيرها من الأساليب، التي جعلت منهم الضحية الأولى.

سبب ازدياد الظاهرة
وحول انتشار ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة، وأسبابها تحدثت صحيفتنا “روناهي” مع الإدارية في لجنة الأطفال شلير في ساحة المجتمع المدني “جوليا خلو” التي أكدت في حديثها بداية إلى أن ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة في حالة ازدياد في عموم المناطق السورية، وتعدّ أحد الظواهر السلبية، التي أنتجتها الأزمة السورية.
وبيَّنت جوليا: “هناك بعض العوائل، تتخلى عن أطفالها، وترميهم في الأماكن العامة، منذ بداية الأزمة السورية وتكثر هذه الظاهرة في مناطق سيطرة حكومة دمشق، والمناطق المحتلة، ولكن لا ننكر بأن هذه الظاهرة انتشرت في مناطقنا أيضاً، بمعنى سوريا كلها، تشهد انتشار ظاهرة رمي الأطفال، والسبب هو حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ 11 عاما، فهذه البيئة تساعد على ازدياد الظواهر السلبية في المجتمع”.
“لا يتحملون الظروف”
أسباب كثيرة تختبئ وراء هذه الظاهرة، وهي تختلف من عائلة إلى أخرى، فالأحداث والأمور السلبية لها التأثير الأكبر في هذه الظاهرة، إما تأثير نفسي، أو معنوي أو اقتصادي، وأن حالة الحرب والفوضى التي تعيشها المنطقة، وما يرافقها من هجمات، وتهديدات، ونزوح، وهجرة وسوء الوضع الاقتصادي، يخلق مشاكل كبيرة وضغوطات نفسية، وهي من الأسباب الأساسية للخلافات الأسرية، والأمراض النفسية، أما الأسباب الرئيسية للتخلي عن الأطفال حديثي الولادة هي الزواج غير الشرعي، وعدم القدرة على الإعلان عن ولادة الأطفال أو تربيتهم، فتلك الأسباب ليست كافية، بأن ترمي روحاً صغيرة وبريئة لا تعلم شيئاً بالقرب من المسجد، أو على قارعة الطرقات، أو عند الحاويات من وجهة نظر الإدارية في لجنة شلير.
ووصفت جوليا الأشخاص، الذين يقومون بهذا الفعل بـ ضعيفي الشخصية، مكملة حديثها: “إن الأشخاص الذين يقومون بهذا الفعل الشنيع، هم أشخاص ضعيفو الشخصية، لا يتحملون الظروف، التي يمرون بها سواءً في حالة الحرب أو المرض، فينتجون أعمالاً سلبية”، مبينة: أنه من خلال المعرفة، والفكر والتعلم يمكن تجاوز هذه الظاهرة.
وحول كيفية التصرف إن وُجِد طفل مرمى في الشارع، أو أمام المنزل، أو أي مكان آخر، ذكرت جوليا: يجب على الشخص الذي عثر على الطفل الذهاب إلى كومين الحي، وبدوره ينسق مع الجهات المعنية، ويقدم شكوى إلى مكتب الشكاوى من أجل فتح تحقيق، ومعرفة سبب رمي الطفل.
يجب معاقبة الجاني
وحول عمل لجنة شلير المعنية بشؤون الأطفال، أوضحت جوليا، بأنه ليس لهم أي نشاط يتعلق بظاهرة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة، وليس لديهم أي إحصائية متعلقة بذلك، وقالت: “فقط نتابع قضايا الأطفال، الذين تعرضوا للعنف والاغتصاب، وذلك بالتنسيق مع هيئة المرأة، والحماية الجوهرية، ومكتب الشكاوى، ومجلس العدالة لشمال وشرق سوريا، بشأن الأطفال”.
ونوهت جوليا إلى: “أن هيئة المرأة هي التي تعمل بشكل أكبر على قضايا شؤون الأطفال في مناطق شمال وشرق سوريا، وترعى هؤلاء الأطفال، الذين تخلت عنهم عوائلهم، وتؤمن لهم السكن والأمن، أو يُسلمون للعوائل، التي لا يملكون أولاداً، وذلك بعد دراسة حالة العائلة، والتوقيع على أوراق رسمية لضمان حياة كريمة للطفل”.
 وعدّت جوليا: أن رمي الأطفال جرمٌ يجب أن يُعاقب عليه الجاني، بإصدار عقوبات قاسية بحقه، لأن هذا الفعل بعيد عن القيم الإنسانية، وخرق سافر لحقوق الطفل، حيث يُتخلَّى عن الطفل دون معرفة مصيره، أو مستقبله، أو الحياة، التي سيعيشها في حال دام حياً، كما أشارت إلى ذلك جوليا.
السير على فكر وفلسفة القائد أوجلان
يعج المجتمع، الذي يعيش الصراعات، والنزاعات بالظواهر السلبية، وفي هذه الحالة، يجب أن يكون المجتمع أكثر وعياً، ويقف في وجه هذه الظواهر للحد من انتشارها، كما يجب أن تتغير الذهنية المجتمعية، من أجل معرفة كيفية الحفاظ على أنفسنا، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، وتجاوز الظروف القاسية كلها، وفي حال لم يبدأ المجتمع بذلك، فلن يستطيع التقدم والتطور، حسب رأي جوليا.
لفتت جوليا في حديثها إلى ضرورة السير على فكر، وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، اللتين قدمتا اهتماما واضحا وحلاّ للفئات العمرية من المجتمع كله، من عمر الأطفال إلى المسنين، فبتلك الفلسفة الحل للمشاكل التي يعاني منها المجتمع في مواجهة العقبات، التي تعترض طريق المواطنين، وتدريب الجميع، وبناء مجتمع حر وديموقراطي نحو تقدم وتطور أكثر.
اختتمت الإدارية في لجنة الأطفال شلير جوليا خلو حديثها: “أمانينا مزروعة في أطفال مجتمعنا، وواجبٌ علينا الاهتمام بهم، كما يجب أن نكون يقظين أكثر تجاه الظواهر السلبية، التي يتعرض لها الطفل، لأن أطفالنا مستقبلنا، إذا لم يكن هناك صغير في المجتمع، فلن يكن هناك كبير، وأتمنى من كل شخص أن يعدّ نفسه مسؤولاً عن هؤلاء الأطفال، ليكبروا، ويبنوا مستقبلاً مشرقاً”.