قامشلو/ صلاح إيبو ـ
في الوقت الذي يوصي فيه الأطباء عامة الناس، الإكثار من تناول الفواكه والخضار؛ بهدف زيادة مناعة الجسم ومقاومة فيروس كورونا، الذي انتشر بشكلٍ ملحوظ ضمن مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، شهدت أسواق المنطقة ولا سيما قامشلو والحسكة، ارتفاعاً غير مبرر في أسعار الخضار والفواكه لتسجل نسبة 100% لبعض الأنواع مع سريان قرار حظر التجوال في قامشلو وباقي المناطق، فمن المسؤول عن هذا؟
الموقع، سوق الأحد أو سوق حطين في مدينة قامشلو، الأم “حسنة” تتجول ضمن السوق لشراء حاجياتها من الخضار والفواكه إلا أن حقيبتها شبه فارغة من المال، تقف أمام بسطة بيع الفواكه، تمد يدها لصنف من التفاح غير صالح للاستهلاك البشري، تستفسر عن السعر، 1200 ليرة… ألا يمكننك بيعي إياها بـ1000 ليرة، يُجيب البائع “ما بتوفي”، على مقربة من الأم “حسنة” تتبضع نسوة أخريات، إحداهن تتدخل وتسأل الأم حسنة لماذا لا تأخذين كيلو تفاح من النوع الجيد الذي يبلغ ثمنه 2500 ليرة بدلاً من هذا المتعفن؟، ترد الأم بحسرة، لا مال معي، أطفالي يريدون تناول الفاكهة ولا أملك ثمن النوع الجيد.
مبررات الغلاء… عذر أقبح من ذنب
هذه الصورة الواقعية تعكس حقيقة جزء ليس بالقليل من مجتمعنا الذي انتشر الفقر فيه بكثرة، لكن يوماً بعد آخر يزداد معه حال هؤلاء سواء نتيجة الغلاء غير المبرر في غالبية قطاعات الحياة اليومية، وما ارتفع قبل شهر يبقى مرتفعاً رغم غياب المبررات.
الفاكهة والخضار، تعتبر سلعاً أساسية مع حلول شهر رمضان المبارك، إلا أن سوقها شهد ارتفاعاً جنونياً وغير متوقع، الأسعار فجأة ارتفعت 100% مع دخول قرار حظر التجوال حيز التنفيذ في السادس من نيسان الجاري. في جولة لروناهي ضمن أسواق قامشلو قبل فرض الحظر (5 نيسان) كانت أسعار بعض الخضار بالليرة السورية كالتالي (خيار 1200، بندورة 1000-1300، خضار ورقية 500، تفاح 1800، برتقال 2500، موز 2800).
هذه الأسعار اعتبرت مرتفعة وقتها مقارنة مع الفترة ذاتها من شهر آذار، ونتيجة إغلاق النظام السوري معابره مع مناطق الإدارة في 22 آذار المنصرم، شهدت الأسواق وقتها غلاء إلا أنها عادت للاستقرار بعد أيام وباتت شبه مقبولة للأهالي مقارنة مع صرف سعر الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية.
لكن ما لا يمكن تصوره، هو ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بعد يومين فقط من فرض حظر التجوال في قامشلو أي /8/ نيسان الجاري، بنسبة كبيرة، إذ كانت الأسعار في سوق الخضار وقتها (خيار 2500، بندورة 2500، موز 4500، تفاح 2500، برتقال 3000، خضار ورقية 1000)، وقبل أيام فاق سعر الكيلو الواحد للخيار في مدينة الحسكة 4000 ليرة سورية، إلا أن الأسعار حتى لحظة إعداد هذا التقرير؛ باتت أقرب للواقع بقليل، إلا أنها مرجحة للغلاء في أي وقت نتيجة عدم توفر الحلول الدائمة.
يقول “محمد علي” أحد باعة الخضار في سوق الأحد عن الارتفاع الكبير في الأسعار عند سؤاله عن السبب مقارنة بالأيام القليلة الماضية: “لا يمكنك مقارنة الأسعار قبل الحظر وضمنه ببعض”، وتابع بالقول: “نحن نشتري من سوق الهال بأسعار مرتفعة وهم يتحججون بفرض حظر التجوال وزيادة أجور النقل والشحن، بل يقولون أن الحواجز سبب آخر للارتفاع”.
على بُعد أمتار من البائع ذاك، بائع آخر يبع السلعة ذاتها بفارق 500 ليرة سورية للكيلو الواحد، فارق كبير مقارنة بالسوق واليوم والساعة ذاتها، هذا البائع أيضاً عزى سبب اختلاف الأسعار لقرار الحظر، إلا أن مستهلكاً ميسور الحال وافقه على الأسعار المرتفعة وربطها بفقدان الليرة السورية لقيمتها متجاهلاً حقيقة أن أسعار الخضار والفواكه ضمن جغرافية سوريا تحدد بالليرة السورية وليس الدولار.
واستثنى قرار الحظر الكلي المفروض في قامشلو في السادس من نيسان والذي تم تمديده لـ22 من الشهر ذاته، محال الخضار والمواد الغذائية وبعض المحال الأخرى من قرار الإغلاق العام، وبهذا يتوجب على سوق الهال مزاولة أعماله وبقاء حركة نقل الفواكه والخضار بين الأقاليم كما هي.
رحلة الخضار والفواكه
توجهنا إلى سوق الهال الذي بات أقل اكتظاظاً مقارنة بالسابق، الخضار متوفرة ضمن السوق، الأسعار متفاوتة بين محل وآخر، إلا أن نوعية السلع تبدو واحدة، وبعض الأصناف ربما يكون مصدر توريدها لسوق الهال واحد، البعض رفض التحدث لنا والبعض أفصح عن معلومات دونما السماح بالكشف عن أسمائهم أو صورهم. حركة الخضار والفواكه إلى إقليم الجزيرة أو شمال وشرق سوريا عامة، قُيدت بعد إغلاق النظام السوري معابره مع مناطق الإدارة الذاتية، ليجبر تجار الكمسيون على إيجاد طرق بديلة، الأول الاستيراد من باشور، والثاني عبر معبر منبج من المناطق المحتلة من تركيا (إدلب، عفرين، إعزاز)، والقليل من المواد تدخل عبر طرق التهريب من مناطق النظام، الأسعار تختلف من مصدر إلى آخر.
لكن الحقيقة الواضحة أن الأسعار قبل الحظر وبعدها اختلفت بالفعل، السبب هو التاجر وميوله للربح، وفق البعض من مرتادي سوق الهال، أحدهم تحدث عن احتكار عدد قليل من التجار دون ذكر أسمائهم إدخال السلع ولا سيما مادتي البندورة والخيار التي تعتبر سريعة التلف، وبعض أصناف الفواكه، وهنا التسعيرة بيده وقال “المال والربح لا يعرفان الوجدان، للأسف هم يتحكمون بالسوق والإدارة لا تستطيع فعل شيء”.