الشدادي/ حسام الدخيل ـ
تستمر دولة الاحتلال التركي بممارسة حرب المياه ضد شعوب إقليم شمال وشرق سوريا منذ عدة أعوام عبر مواصلة حبس مياه نهر الفرات، وقطعها لمياه محطة علوك مما يُنذِر بكارثة إنسانية وبيئية.
تعاني مناطق إقليم شمال وشمال شرق سوريا أسوأ أزمة مياه في تاريخها، بسبب تداعيات الحرب والتغيّر المناخي والسياسة العدائية التي تنتهجها تركيا تجاه المنطقة. ويواجه ملايين السكان خطر العطش والأمراض والنزوح والموت، في ظل نقص حاد في الموارد والبنية التحتية والمساعدات الإنسانية. وتحاول الإدارة الذاتية الديمقراطية في المنطقة إيجاد حلول عاجلة للتخفيف من معاناة الأهالي والحفاظ على الأمن والاستقرار.
أسباب أزمة المياه
قطع تركيا لمياه محطة علوك هو أحد أبرز أسباب أزمة المياه في إقليم شمال وشرق سوريا، التي تقع في مدينة سري كانيه المحتلة الحدودية، والتي احتلتها دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها في عام 2019. وتعتبر محطة علوك أهم مصدر للمياه الصالحة للشرب في الحسكة، حيث تُغذي مليون شخص في مدينة الحسكة وريفها الغربي، بالإضافة إلى مخيم الهول الذي يضم نحو 70 ألف نازح ولاجئ، معظمهم من النساء والأطفال. ومنذ احتلالها للمحطة، تقوم تركيا بقطع إمدادات المياه بشكلٍ متكرر ومتعمّد، بذريعة الصيانة أو الاحتياجات العسكرية أو الأمنية، ما يتسبب في شلل كامل للحياة اليومية في المناطق المتأثرة.
وتم تسجيل تسع وثلاثين حالة قطع للمياه من محطة علوك منذ احتلالها، ويكون القطع بفترات متباعدة، ومنذ أكثر من ثمانين يوماً تقطع دولة الاحتلال التركي المياه عن مليون مدني في الحسكة وريفها الغربي.
يعتمد السكان على الآبار الجوفية أو الصهاريج المتنقلة أو الشبكات البديلة للحصول على المياه، ولكن هذه المصادر غير كافية أو غير آمنة أو غير مستدامة، ويعاني الأهالي من نقصٍ في المياه النظيفة والمعقمة، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض والوباء.
تخفيض المحتل التركي لحصة سوريا من مياه نهر الفرات
سبب آخر يفاقم أزمة المياه في إقليم شمال وشرق سوريا هو تخفيض تركيا لحصة سوريا من مياه نهر الفرات، الذي ينبع من تركيا ويعبر سوريا والعراق. ويعتبر نهر الفرات أهم مصدر للمياه في المنطقة، حيث يروي الأراضي الزراعية ويولّد الكهرباء ويدعم الصناعة والتجارة.
على الرغم من وجود اتفاقية مائية موقّعة عام 1987 بين سوريا وتركيا، وهي: “كمية المياه التي تسلمها تركيا لسوريا يجب أن تكون 500 متر مكعب في الثانية”. لكن منذ عام 2017، بدأت تركيا بتخفيض حصة سوريا من مياه النهر، بحجة تشغيل سد السلامة الذي بنته على النهر في إطار مشروع الأناضول الجنوبي الشرقي، وهو مشروع ضخم للتنمية الزراعية والصناعية في المنطقة، وقد انخفض منسوب مياه النهر بشكلٍ كبير، ما أثّر على سدود ومحطات ومضخات وقنوات الري في سوريا، وتسبب في تلوث وتدهور جودة المياه. وقد تعرضت مدن الرقة ودير الزور وحلب لنقصٍ حاد في المياه، ما أدى إلى تضرر الملايين من السكان والمزارعين والمنتجين.
تداعيات عدة
مخاطر إنسانية واقتصادية وبيئية جراء انقطاع المياه، حيث تُلقي أزمة المياه في إقليم شمال وشرق سوريا بظلالها على جميع جوانب الحياة في المنطقة، وتهدد بإحداث كارثة إنسانية واقتصادية وبيئية، ومن بين التداعيات الرئيسية:
-
تفاقم الأوضاع الصحيّة:
يُعرّض نقص المياه النظيفة والمعقمة صحة السكان لمخاطر جسيمة، خاصةً الأطفال والنساء وكبار السن وكذلك المرضى والنازحين واللاجئين، وتزداد احتمالية انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الإسهال والتيفوئيد والكوليرا والجرب والحصبة، والتي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات بسبب صعوبة الوقاية والعلاج من هذه الأمراض، في ظل نقص في المستلزمات الطبية والكوادر الصحيّة.
-
تدهور الأوضاع الاقتصادية:
تؤثر أزمة المياه سلباً على القطاعات الاقتصادية الرئيسية في المناطق المتأثرة من قطع مياه نهر الفرات، حيث يعتمد عليها غالبية السكان في قطاع الزراعة الحيوي، بالإضافة إلى إنهاك قطاع الثروة الحيوانية، فضلاً عن توقف عنفات توليد الكهرباء الموجودة على السدود، مما يخلق أزمة كارثية للسكان في المنطقة، وغيرها من التداعيات الاقتصادية.
-
تضرر الأوضاع البيئية: