سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أردوغان والخسارة الكبيرة في سوريا

نيكوس كونستاراس
إن توغل الدولة التركية في شمال سوريا لا يسير كما كان يأمل أردوغان، فبعد أسابيع من العدوان على شمال سوريا؛ تجد الدولة نفسها معزولة بشكل متزايد وتعتمد في تحركها على أهداف روسيا، في حين أن الكرد كسبوا التعاطف الدولي وقادتهم دخلوا في محادثات مع الأمريكيين والروس وحتى مع النظام السوري.
في المقابل؛ بعض الأراضي والمدن التي سيطرت عليها دولة الاحتلال التركي في سوريا، خسرت قوتها وحضورها على جبهات أكثر أهمية بكثير، وكان قرار مجلس النواب الأمريكي الذي يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن على يد الأتراك في 1915-1916 (بأغلبية 405 صوتاً مؤيداً وثلاثة معارضين)، يثبت أن نفوذ أنقرة في واشنطن في حالة سقوط إلى الهاوية. ولعقود من الزمن كانت هناك جهود حثيثة من قبل الأرمن الأمريكيين لم تنجح في تحقيق ذلك، ثم فجأةً، اعتمد القرار بالإجماع تقريباً. لقد نجح أردوغان في توحيد النظام السياسي المنقسم في الولايات المتحدة ضد تركيا وبخاصة من قبل المؤيدين الجمهوريين المتحمسين لدونالد ترامب إلى أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين يعملون على أمل إزاحته، يدين أعضاء من كلا الحزبين الخيانة الأمريكية للكرد والجرائم التي ارتكبها الجيش التركي وحلفاؤهم، بينما يبحثون عن طرق لإظهار استيائهم. في اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار الإبادة الجماعية للأرمن، وافق مجلس النواب على فرض عقوبات على تركيا، مرة أخرى بالإجماع تقريباً موجة التعاطف مع الكرد، الذين لعبوا دوراً كبيراً في تفكيك ما يسمى بداعش الإرهابي ومقتل زعيمه، هي ضربة أخطر للدولة التركية، حيث تعتمد سياستها على الإصرار على أن ما تسميهم الانفصاليين الكرد في تركيا (وبالتالي إخوانهم في سوريا) هم إرهابيون في نظرها وهذا غير مقبول لدى الكثير من الساسة الأمريكيين.
وعلى خلاف ادعاءات أردوغان، الآن الأتراك هم المتهمون بالإرهاب، بينما يرون القائد العسكري للكرد السوريين، الجنرال مظلوم عبدي، يتفاوض مع الأمريكيين والروس، حيث أعلن السيناتور ليندسي غراهام، أحد أكثر مؤيدي ترامب حماسة، أنه إذا استمر العدوان التركي على تل تمر وكوباني، والمناطق المسيحية والكردية، فسيؤدي ذلك إلى قطع ما تبقى من العلاقة بين الكونغرس الأمريكي وتركيا.
وعلى المدى القصير، فإن التوتر مع الولايات المتحدة قد يخدم أردوغان في السياسة الداخلية نوعاً ما. ولكن؛ قرار الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن يثبت أن الدولة التركية فقدت اليوم الكثير من رأس المال السياسي في واشنطن، لدرجة أنه لا يمكنها التهديد بتدمير العلاقات أو الوصول إلى تفاهم. لكن؛ هذا لا يعني أن الأمر بات سهلاً، فكلما خسر أردوغان، سيسعى لتحقيق أمور أخرى في مناطق أخرى جديدة.