سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أربع سنوات حاسمة للأمريكان

رفيق أبراهيم-

السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الكثيرين ممن يتابعون الأوضاع العالمية ومدى ارتباطها بالسياسة الخارجية الأمريكية والانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت قبل أيام قليلة، ويبدو أنها حسمت لمصلحة الديمقراطيين وممثليهم جو بايدن. والسؤال كيف ستكون نتائج فوز بايدن على العالم؟ وما مدى تأثيرها على المناطق الساخنة من العالم وبخاصة فيما يخص الشأن السوري على اعتبارنا جزء لا يتجزأ من الكل السوري؟ ثم هل سنرى حلاً للأزمة السورية في ظل تعنت النظام؟ وهل سيتم لجم تركيا وإخراجها من الأراضي السورية المحتلة؟
هذه الأسئلة والكثير غيرها بانتظار الأجوبة والحلول، وبخاصة أن الدور الأمريكي تراجع كثيراً في عهد ترامب، فما هو المنتظر من بايدن لإعادة الصورة الحقيقية لأمريكا قبل أن تهتز.
باعتقادي أن الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية واضحة المعالم، وأولوياتها قضايا الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب وأمن حليفتها إسرائيل ومتابعة التطبيع ومحاربة مشاريع إيران في المنطقة، هذه أولويات لكل الإدارات الأمريكية. لكن فوز بايدن بالرئاسة ستعيد حسابات الكثير من الدول، لأنه قالها علناً بأنه لا بد أن تستعيد أمريكا مكانتها المرموقة ثانية، وهو يملك الحنكة والخبرة السياسية الطويلة، مما يسمح له بإدارة الكثير من الملفات العالقة.
وما يهمنا هنا تعامله مع الأزمة السورية، التي همشت من قبل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي، ليتصدر مشهدها الروس وتركيا وإيران، لتتقاسم فيما بينها الكعكة السورية حتى بداية عام ٢٠١٩ حيث عملت روسيا على تحييد الدور الإيراني، بالتوافق مع مصالحها مع إسرائيل، التي أغارت على الأراضي السورية في العديد من المرات لتحجيم دور إيران، عبر ضربها لقواعد للموالين لها، وتركيا التي كسبت احتلال المدن السورية عبر المصالحات والتنازلات للروس. غير أن الولايات المتحدة الأمريكية غضت الطرف عن الكثير من الهجمات والانتهاكات التركية في شمال وشرق سوريا، بل ساهمت باحتلال سري كانيه وكري سبي بشكل مباشر، وكلنا يعلم ما جرى حينذاك بالتفصيل.
ولعبت السياسة الأمريكية في عهد ترامب دوراً سلبياً أثر بشكل كبير على دورها في العالم، فاستغلت روسيا ذلك وتسلمت الملف السوري ليتم عمليات البيع والشراء مع الجار السيئ، تركيا. الآن ونحن على أبواب تسلم الديمقراطي بايدن مفاتيح البيت الأبيض، كل الدلالات تشير إلى تحول جذري في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وبخاصة التعامل مع الأتراك والروس، الذين سيعيدون الترتيبات بينهم من جديد، وحسب آراء الكثير من المحللين فإن الهوة بين تركيا وأمريكا ستزداد، لأن تركيا اختارت الروس وعقدت صفقة الأس ٤٠٠ المخالفة لقواعد حلف الناتو، لتضرب عرض الحائط قوانينها وتحذيرات الأمريكيين بالعقوبات، وعليها أن تختار بين الناتو أو روسيا القادرة على تغيير سياساتها مع تركيا متى ما شاءت، وخيارات تركيا محدودة في ذلك، إما الناتو وأمريكا وإما الروس، وأحلى الاختيارين مر، أمريكا قادمة بحلة وإدارة جديدة ولعل من أولوياتها إيجاد الحلول للقضايا العالقة، بايدن قادم بسياسة جديدة وما علينا إلا الترقب والانتظار.