“أربعون عاماً… وأنا فخورة بما أنجزت”

تقرير/ رشا علي-

روناهي/ قامشلو – زاولت مهنة الخياطة أربعين عاماً بكل حب وعزم وإصرار, ولكن الظروف تسببت في إبعادها عن مهنتها التي وصفتها بأنها لطالما كانت جزءاً من حياتها

امتهنت “شيرين حسين” البالغة من العمر 65 عاماً, من سكان الهلالية في مدينة قامشلو, مهنة الخياطة منذ أربعين عاماً، ولكن بعد أمراض نزلت بها كالضغط والسكري اضطرت إلى ترك مهنتها، لتشجع زوجة ابنها حتى تكمل ما بدأته لما وجدت فيه من ارتياح مادي ومعنوي.

التقت صحيفتنا “روناهي” بالخيّاطة شيرين حسين، التي حدثتنا بدايةً عن سبب اختيارها لمهنة الخياطة بالتحديد، وكيف كانت حياتها سابقاً فقالت: “حياتنا قديماً كانت تختلف عن حياتنا اليوم, حيث كانت أجمل، كنا نعمل منذ الصباح إلى المساء دون كلل أو ملل, نغسل الثياب ونجلب الماء من البئر ونخبز ونربي الأبقار بالإضافة إلى عملي في الخياطة”.

مشيرةً إلى أن الحياة كانت بسيطة في تلك الأيام, وكانت جميع المستلزمات رخيصة جداً, فكانوا يشترون كل ما يلزمهم بليرة واحدة, ويعملون مقابل أجور زهيدة, ويمضون وقتهم ولا يشعرون به.

“ماكينتي كانت الوحيدة في الحي”

أما عن كيفية تعلمها مهنة الخياطة ومتى بدأت بها, وضحت بأنه بعد أن رزقت بولدين بدأت بمهنة الخياطة. ثابرت شيرين على تعلم مهنة الخياطة عندما كانت تساعد أولاد خالها في عامودا، حيث كانوا يعملون بها أيضاً, فتذهب بطفليها إلى منزلهم من الصباح إلى المساء, وتساعدهم في قص القماش وخياطتها بهدف التعلم, وتابعت شيرين عن تلك الأوقات قائلة: “تعلمت مهنة الخياطة في بيت خالي, وبعدها اشتريت آلة الخياطة وبدأت بالعمل عليها في خياطة الملابس, فمارست مهنتي لأربعين عاماً، ولم يكن يوجد في حينا، الهلالية، غير ماكينتي، وقد كانت الماكينة الوحيدة في الحي”.

وبينت كيفية عملها على مر السنوات, وعلى ماذا كانت تركز في خياطتها: “قمت بخياطة الكثير من اللباس للناس عموماً، وخاصةً الزي الكردي الفلكلوري للفرق الكردية”.

كانت طلبات كثيرة تأتي لشيرين لتخيط الملابس للفرق الكردية الفلكلورية من الخارج, وخصوصاً في المناسبات الكردية القومية كأعياد النوروز، فتشير بأنها كانت ترهق كثيراً بسبب ضغط العمل حينها، وأردفت: “عندما كانت تقترب أعياد النوروز, لم نكن نستطع النوم بسبب زيادة الطلب على خياطة الزي الكردي”. ولكثرة شغفها وحبها لمهنتها كانت تتقن خياطة مختلف أنواع الزي الكردي بكل منطقة من مناطق كردستان حسب طلب الزبائن، كما كانت السبّاقة لإرضاء الذوق العربي، حيث كانت أغلب زبوناتها من الشعب العربي يقصدنها لتخيط اللباس العربي التقليدي لهن.

شيرين تؤكد على أن الهدف الأساسي من تعلمها لمهنة الخياطة كان العمل على مساعدة زوجها, لإعالة أسرتهم ورغبتها بالاعتماد على نفسها، وقالت: “من الجميل أن تجد نسوة يعتمدن على أنفسهن، ويعملن بجد وإصرار لإثبات ذاتهن”.

“مهنة علمتني الكثير”

وأما عن السبب الذي أجبرها على الابتعاد عن مهنتها التي زاولتها خلال أربعين عاماً فقد كان إصابتها بأمراض السكري والضغط وضعف الرؤية وآلام الظهر، وفيما بعد سلمت الأم شيرين آلة الخياطة خاصتها والتي تعتبرها ميراثها المميز لزوجة ابنها لتكمل مشوارها في مهنة الخياطة.

واختتمت شيرين حسين حديثها وكلها أمل وشوق وحنين لإعادة مزاولة مهنتها: “منذ عدة أشهر وأنا بعيدة عن مهنتي, التي طالما أحببتها كثيراً لأنها كانت جزءاً من حياتي, وبالرغم من أن الأمراض الكثيرة والتقدم في السن فرقوني عنها إلا أنها علمتني الكثير”.

شيرين أصرت أن تكون آخر صورة لعدسة روناهي على ماكينة الخياطة خاصتها معبرةً من خلال ذلك عن فخرها بما أنجزته مع هذه الآلة لسنوات.