أحاديث تحت جسر عفرين

منان خلباش-

ما تزال الردود الغاضبة وكل أشكال السخط والتنديد مستمرة من قبل أهالي عفرين، جراء الأحاديث التي أطلقها المدعو عبد الحكيم بشار المسؤول في المجلس الوطني الكردي، حيث نفى ما يتردد في الإعلام والصحافة وما يحدث على أرض الواقع طوال الثلاث السنوات الماضية على احتلال عفرين من قبل الجيش التركي ومرتزقته من “الجيش الوطني السوري”، من أعمال إبادة وجرائم حرب وقتل وخطف وسلب ونهب والتي كانت موضوعاً لمختلف التقارير للمنظمات ووسائل الإعلام والمحاكم الدولية لحقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية كمنظمة العفو الدولية وسواها.

وعلى الرغم من تجاوز عبد الحكيم بشار الكثير من الحقائق والشواهد في محاولة تشويه الصورة والمشهد الحقيقي في عفرين، خصوصاً بعد الاحتلال التركي وعملية التغيير الديمغرافي وارتكاب ما يمكن ارتكابه من أعمال وممارسات لا يمكن للعقل البشري تخيله.

 ما حدث في عفرين لا يمكن تشبيهه بأي منطقة من سوريا أو غيرها في العالم، من ناحية الوحشية والهمجية التي تمت ممارستها بحق سكان عفرين المسالمين، كل ذلك لم يدع لعبد الحكيم بشار وبعض أقرانه من “المجلس الوطني الكردي” الذين يتبادلون يومياً أدواراً مشبوهة على شاشات تلفزيونية معروفة، من قلب المفاهيم والمعادلات وتوليفها واستخدامها لغايات وأهداف قذرة ودنيئة بحيث يخجل المرء من ذكرها.

لأن ما ذهب إليه عبد الحكيم بشار وآخرون لا يشابه ما يجري على الأرض البتة، خصوصاً في ظل تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي لم تعد تخفي أي شيء، لقد اعتبر البعض هذه التصريحات وسواها من قبل عبد الحكيم بشار، أبعد من  مجرد رقص على دماء أهل عفرين وإخوتهم من بقية السوريين في مختلف المناطق، الذين ذاقوا المآسي والكوارث نتيجة دور الدولة التركية المفضوح في القضية السورية وتحويل المجموعات المرتزقة السورية إلى مجرد أدوات لتنفيذ السياسات التركية وأطماعها التاريخية في الشمال السوري وخاصة في المنطقة ذات الغالبية الكردية، وكذلك استخدامها في أماكن بعيدة مثل ليبيا وكاراباخ وسواها على حساب مصير الشعوب الأخرى .

وتذهب أحاديث وآراء أخرى حول ما ذهب إليه عبد الحكيم بشار، لجهة التمادي بكل أشكال المجاراة والتباهي في مقاربة مواقف متطابقة للمواقف التركية وتصريحاتهم، حيث تشابه كل شيء وكأنه متحدث من الحكومة التركية، وهي تخدم أطراف شوفينية معادية لحقوق المكونات السورية، هذه التصريحات ليست بجديدة ولكن هذه المرة جاءت في ظروف حساسة للغاية.

 يلاحظ بأن أمثال عبد الحكيم بشار وخلال السنوات العشر الماضية لا يوفرون أية فرصة في الإدلاء بمثل هذه التصريحات لتحقيق مصالحهم وأجندات الأطراف المرتبطين بها كتركيا، وهي تصب في مصلحة قوى إقليمية معادية لتطلعات وطموحات شعبنا نحو الحياة الكريمة والاستقرار، وكذلك لم يترددوا في الحضور والتواجد مع كل من يعادي حقيقة الكرد التاريخية كشعب حي يعيش على أرضه التاريخية.

لذا لم يكن مستغرباً أن يخرج عبد الحكيم بشار بحديث لتلفزيون العربية الحدث، وذلك بعد إعلان الإدارة الذاتية بيومين فقط ليقول: بأن الإدارة الذاتية أكبر خطر في تاريخ الشعب الكردي، وبعدها وصف نعوش شهداء روج آفا والمراسم التي كانت تقام بأنها ليست إلا صناديق فارغة!

 ولقد بادر البعض في القول بأن ما يحصل في عفرين من تجاوز لكل الأعراف والقوانين الشرائع، يأتي كانتقام مما حققته وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ في كوباني وسواها في القضاء على داعش التي كانت تراهن عليه الدولة التركية في القضاء على مناطق الإدارة الذاتية، بحيث كان قادة العدالة والتنمية دائماً يضعون زوارهم أمام سؤال وخيار إما نحن أو هم؟

ويضيف البعض بأن ما عجزت عنه الفصائل الإسلامية الراديكالية قامت به تركيا والمرتزقة الموالين لها في عفرين وسري كانيه وكري سبي، وعليه يأتي عبد الحكيم بشار ويكذب ويعتبر كل ما يتم تداوله حول ما يحصل في عفرين أوهام وأباطيل في محاولة استغلال رخيص للدم الكردي في عفرين خدمة لمصلحته الشخصية بعيداً عن كل ما يجري من حقائق موثقة في عفرين، وتجار الدم والقضية يقومون بذلك في كل ثورة وانتفاضة كردية. وأخيراً لم يكن غريباً أن تقول بعض السيدات من عفرين لعبد الحكيم بشار بأنه ليس لك حق في التحدث عن عفرين، لأنك شريك الاحتلال التركي والائتلاف والمجموعات المرتزقة التي كانت يوماً ما فصائل معارضة.