جل آغا/أمل محمد –
تنطق اللوحات عما يعيشه وطن أنهكته الحرب، فتتراقص الريشة على جناحه الجريح، آواز عثمان رسامة يافعة تحكي لوحاتها حزناً وألماً عما يجول في وطنها.
برعت ابنة قرية سويدية الفوقاني بفن رهيف مستخدمة ريشة الحقيقة؛ فتؤرخ التاريخ الإنساني بفنها، فعندما تمعن النظر إلى تلك اللوحات تجدها تتكلم كل واحدةً عن قصة ألم وشكوى لأحداث من الواقع، فتكون شاهدة على المجازر، التي تحصل في وطنها.
لوحة لدمعة باقية عالقة على أهداب عيون شاب، بينما مسحها عجوز مع غصة، رسمت “آلان الكردي” المهاجر الذي افترش البحر المتوسط سريراً لتتلاعب الأمواج بجسده الملائكي، طفل بعمر ثلاث سنوات ينام على رمال الشاطئ، بعد أن ابتلعه البحر، معبرةً عن حال الكثير من اللاجئين، كما جسدت طفلة تحمل كأساً فارغاً، لتروي دموعها العطاش، لوحات رسمت فأظهرت حجم آلام ومعاناة، وأحزان، وأوجاع شعب كان ذنبه الوحيد، أنه ولد في وطن طالته يد الاحتلال.
ولدت آواز عثمان في أرض طالتها مخالب الحرب، وهي بسن السادسة عشر، فحولت معاناة تناقلها شعبها إلى لوحات ورسومات، عبرت خطوطها عما يجول في داخلها، فبدأت الرسم منذ نعومة أظفارها: “لقد كانت الأرض قرطاسي، والعصا فرشاتي، فقد رسمت من خلالها رسومات عشوائية أزهاراً وحيوانات، تصف ما في داخلي، فأصبح الرسم ملجأي في أوقاتي كلها.”
لوحات تعكس آلام المواطن
وقد أتقنت آواز الفن التشكيلي، ورسمت الوجوه والأشكال، إلا أنها لا تخطط لما سترسم: “اللوحة هي من تناديني لأرسمها، لا أخطط مسبقاً لأي لوحة ممكن أن أرسمها، العقل والريشة هما من يحددان اللوحة، التي يجب علي رسمها”.
آواز كغيرها من الشبان، الذين شقوا طريقهم في الفن في زمن الحرب، لذلك كانت للمعاناة والألم حصة، مما رسموا: “الوجع والحزن يسيطران على لوحاتي، الألم الذي يعتصر الوجوه أحوله رسومات، والسواد الذي في لوحاتي، لم يأتِ من فراغ”.
تصف آواز نفسها ورقة بيضاء بحاجة لألوان وريشة، لذلك دائماً تملأ وقتها بالرسم، فكلما شعرت بالفرح، أو الحزن لجأت إلى دفترها، وألوانها وأقلامها معبرة عن حالتها النفسية بلوحة صغيرة.
وأضافت: “لم أشارك في أي معارض، ولكن ذلك من ضمن خططي المستقبلية، أريد أن يرى الجميع موهبتي، ورسوماتي، وحينما أكون مستعدة لذلك حتماً سأشارك، أو افتتح معرضي الخاص”.
ولتنمية موهبتها ولتطويرها تفرغ آواز من وقتها لمتابعة مواقع الرسم على شبكات التواصل الافتراضي: “ليس هناك نقطة للنهاية، لا بدَّ من المتابعة، والمضي للأمام، أكبر عدو للإنسان، هو غروره، وأن يعتقد بأنه قد وصل للختام، ومن هذه النقطة دائماً ما أسعى لأكون الأفضل، وأن أزيد من معرفتي في مجال الرسم”.
ونظراً لارتفاع الأسعار، تجد آواز بعض الصعوبة في شراء أدوات الرسم، وتعدُّ ذلك المشكلة الوحيدة بينها، وبين حلمها، ولكن في الوقت ذاته، تؤكد في ختام حديثها، بأن لا يوجد شيء يمنعها من تحقيق حلمها في ايصال رسوماتها، ولوحاتها للعالم.
