سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

آشوريون يحتفلون بالميلاد في منازلهم بريف الحسكة بعد تحول قراهم لخط نار

تغيب المظاهر العامة للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة هذا العام عن قرى آشورية بريف تل تمر شمال مدينة الحسكة. واحتفلت بضع عائلات في كل قرية بالميلاد قبل أيام مع زينة وأشجار عيد قليلة، بعد أن كانت تملأ المكان في مثل هذا الوقت خلال العقود الماضية.
وحده في الكنيسة!
وبالقرب من شجرة ميلاد صغيرة مزيّنة بأضواء ملوّنة، يقرأ خوشابا إبراهيم (85 عاماً) نصوصاً من الإنجيل المقدس وحيداً في كنيسة قريته تل جمعة بريف بلدة تل تمر شمالي الحسكة. حيث غادر معظم سكان القرية إلى خارج البلاد بعد هجمات متكررة تعرضت لها المنطقة منذ بداية الحرب السورية، ليتبقى نحو 40 شخصاً فقط في القرية التي كانت تضمُّ ثلاثة آلاف شخص.
ويقول إبراهيم: “قريتنا أضحت شبه خالية من سكانها. الجميع هاجر ولم يتبقَّ سوى المسنون أمثالي”.
وألقت هجمات تركيا والفصائل المسلّحة الموالية لها، والتي باتت على مشارف القرى المسيحية الآشورية شمال بلدة تل تمر منذ أكثر من عام ونيف، بظلالها على الأجواء الاحتفالية بأعياد الميلاد، إذ تسود المخاوف من هجمات جديدة وسط تكرر القصف وإطلاق الرصاص. ويتحسّر “إبراهيم” على حال قريته التي أفرغتها الحرب: “تركيا استولت على ثلاثة آلاف دونم من أراضينا، كما أن القذائف تسقط بالقرب من قرانا، نعيش بقلقٍ بالغ”.
واقتصرت احتفالات الآشوريين بعيد الميلاد هذا العام على ارتياد كنيسة “القديسة” في تل تمر، وتبادل الزيارات بمشاركة من جيرانهم الكرد والعرب وسط غياب للمظاهر الاحتفالية.
وعلى غرار القرى الآشورية الأخرى التي يبلغ عددها 33 قرية في حوض الخابور، بدت شوارع قرية تل كيفي (ثلاثة كيلومترات شمال تل تمر) شبه خالية.
ولم تقطع صيحات الأطفال وأصوات المفرقعات هدوء أحياء هذه القرى كما جرت العادة سابقاً، وبقيت أبواب معظم المنازل مغلقة بانتظار عودة سكانها، وبقيت لافتات المتاجر وحيدة في شوارعها، تشير إلى أصحابها الذين هاجروا منذ سنوات.
وتتعرض ريف بلدة تل تمر (40 كم شمال مدينة الحسكة)، للاستهداف المتكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها، منذ نهاية العام الماضي.
قلقٌ مرافق!
ورغم غياب الاحتفالات، قام ميشيل إسحاق (44 عاماً)، بوضع شجرة ميلاد في صالون منزله وتزيين الجدران بالأشرطة والإضاءة الملونة.
لكنه قال: “لسنا مرتاحين بسبب الأوضاع التي تمرُّ بها مناطقنا. نسمع أصوات القذائف وإطلاق النار دائماً، فخط الجبهة قريب منا.” ويشير “إسحاق” إلى أن قريته كانت تضمُّ نحو 50 عائلة قبل الهجمات التركية العام الماضي، لكن سبع عائلات فقط بقيت بسبب نزوح عائلات باتجاه الحسكة وهجرة آخرين إلى خارج البلاد.
ويقول الأب لطفل: “ولدي الصغير ليس له أصدقاء في القرية ليلعب معهم، يوجد طفل آخر فقط. نتمنى أن يحلَّ العام الجديد حاملاً معه المسرّات ويبعد عنا هذه الحروب التي أرهقتنا”.
وكالات