سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تراث الماضي ينتعش اليوم… الرحى

الرحى إحدى الأدوات التي استخدمتها المرأة لطحن الحبوب قديماً وقد غابت لفترة من الزمن لكنها لم تُنسَ وبقيت في الذاكرة الشعبية لتستخدمها المرأة من جديد.
تصنع الرحى من الحجر الخشن الثقيل أو من حجر الصوان الذي يسمح صلابته بطحن الحبوب بشكل جيد حيث يستخدم أيضاً لاستخراج الدقيق الرطب وجرش مختلف أنواع الحبوب.
ونسة عيسى 50 عاماً كان لها حكايات مع الرحى فمن وجهة نظرها هناك علاقة وثيقة تربط بين المرأة والرحى، فهي ليس أداة فقط إنما صديقة المرأة التي تسمع حكاياتها وآلامها.
المرأة هي التي تستخدم الرحى أكثر من الرجل كونها تؤدي واجباتها في البيت بإعداد الطعام، بحسب ونسة.
عملية تمنح السعادة
وفي حديث لوكالة JINNEWS قالت ونسى بأنه لم تكن جميع العائلات يمتلكون الرحى، حيث كانت النساء يستعرنها من الجيران ويجتمعن سوياً في منزل إحداهن لطحن الحبوب بشكل جماعي وهناك تتبادل الأحاديث والأهازيج الشعبية فيسهل العمل ويعطيها طابعاً من السعادة والمرح.
أما بالنسبة لكيفية استخدام الرحى فأنه يوضع كمية من الحبوب عن طريق الثقب الموجود في القرص العلوي من الرحى وتدور من خلال مقبض خشبي مسند على حفرة في القرص العلوي يسمى الهاوي، تُلف عليه قطعة قماش حتى لا تتأذى اليد من القبض عليه والحجر السفلي يكن ثابتاً بينما يتحرك العلوي حول المحور الخشبي الذي يطلق عليه اسم السندة أو قطب الرحى.
هناك مقاسات محددة وسمك معين وقطر يبلغ نحو 50 سنتيمتراً لكل قرص من الرحى بحيث يكون الجزء العلوي أقل سمكاً من السفلي ليكون أخف عند تدويره.
قطعة أثريّة تُستخدم اليوم
من خلال تجربتها تعبر عن عملية طحن الحبوب ونسة تقول: عندما يدور الحجر العلوي من الرحى فإنه يمر فوق حبات القمح أو الشعير التي توضع من فتحة دائرية صغيرة وسط الحجر العلوي, وأثناء عملية التدوير تنكسر تلك الحبوب وتستمر عملية الطحن إلى أن يصبح الدقيق ناعماً، وتوضع قطعة من القماش تحت الرحى ليسقط عليها الحب المجروش”.
في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها أهالي المنطقة من الأزمة الاقتصادية في سوريا ككل تنصح ونسى عيسى بإعادة استخدام الوسائل القديمة لتأمين حاجيات المنزل، واستخدامها من جانب آخر يعتبر محافظة على التراث أيضاً.
تعد الرحى رغم انتهاء استعمالها رمزاً للأصالة ومصدر لاستكشاف مراحل تطور ابتكارات الإنسان في صنع الأدوات التي تمكنه من تسهيل حياته وتوفير الغذاء بجهد أقل وهي اليوم قطعة أثرية تتزين بها المتاحف لتوثق من خلالها مراحل تاريخية بعينها لكنها ستظل حاضرة في الخيال الشعبي بصور متعددة.