إيريش محمود
أثّرت سياسات القوى الإقليمية والدوليّة على الوضع الاقتصادي في سوريا عامة، وشمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، منذ بداية ثورة روج آفا، باشرت الدول المعادية بفرض سياسة الحصار والتجويع على سوريا وذلك عن طريق إغلاق المعابر الحدودية وذلك أدى إلى النقص في غالبية المواد الغذائية الضرورية والأساسية، وتعتبر المعابر الحدودية المنفذ الرئيسي لاستيراد المواد الغذائية والطبية؛ لأن مرتزقة داعش كانت تسيطر على الطرقات البرية التي تربط مناطق روج آفا وشمال سوريا بالداخل السوري.
وكان إغلاق المعابر خطوة سلبية ألقت بظلالها على المواطنين بشكلٍ مباشر، مما أدى إلى خلق احتكارات وظهر جشع تجار الأزمات وتحكمهم بالأسعار دون رقيب أو حسيب، بالإضافة إلى السوق السوداء التي لعبت دوراً بارزاً في التلاعب بالأسعار وارتفاعها حسب مصالحهم الشخصية وبخاصةً في مدينة قامشلو، وفتح الطريق أمام تجار الأزمات للاستفادة من الوضع الراهن، فبدأت الأسعار ترتفع بشكلٍ غير معقول. وبينما يبلغ معدل دخل الفرد في شمال سوريا ما بين /75 ـ 100/ ألف ليرة سورية، فمع ارتفاع الأسعار أصبح الاستهلاك الشهري للفرد يفوق ضعف دخله.
ومنذ بداية الأزمة السورية تحاول شعوب شمال وشرق سوريا حماية مناطقهم من انهيار البنية التحتية والتغلب على سياسة التجويع وخلق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي، على عكس المناطق الأخرى في سوريا، والاعتماد على بناء جمعيات تشاركية تساهم في نمو الاقتصاد المحلي، ومن هذا المبدأ عملت الإدارة الذاتية في الشمال السوري على إحياء هذا النمط الاقتصادي وإدارة مناطقهم بأنفسهم، وذلك بعيداً كل البعد عن سياسات النظام البعثي الذي لطالما نهب خيرات المنطقة لعقودٍ طويلة من الزمن دون أن يساهم في إنشاء أيّ مشاريع اقتصادية فيها؛ بهدف فرض سياسات التجويع والتهجير بحق شعوبها وجعل المنطقة نامية.
وأرادت دولة الاحتلال التركي فرض حرب اقتصادية على المنطقة من خلال التحكم بالمياه التي تنبع من باكور كردستان سواء بمنع المياه وحجزها في السدود أو ترك المجال أمامها لتجتاح المنطقة وتدمر كل ما تصادفه في طريقها، وكذلك سعت إلى ضرب مشاريع الإدارة الذاتية سواء السياسية أو الاقتصادية من خلال إدخال مرتزقتها إلى الأراضي السورية وشنهم لهجمات احتلالية، وبالرغم من تلك السياسة إلا أن شعوب شمال وشرق سوريا استطاعت الاعتماد على اقتصادها المحلي من خلال إقامة المشاريع الاقتصادية المختلفة من افتتاح المعامل، والمخابز والأفران، وكذلك الحض على الزراعة من زراعة الخضروات الموسمية أو ضمن البيوت البلاستيكية وغيرها من المشاريع، وكذلك تأمين الإدارة الذاتية لفرص العمل للمواطنين في مؤسساتها والحدّ من البطالة.
ومن هنا نستطيع القول أن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وبالرغم من كل السياسات المعادية والحصار المفروض عليها منذ عدة أعوام لم ترضخ لأي جهة كانت، واستطاعت بإمكانياتها الذاتية ومشاريعها الاقتصادية الصغيرة المحافظة على اقتصادها من الانهيار. كما وتساهم بشكلٍ كبيرفي إعادة تدوير عجلة الحياة الاقتصادية في شمال سوريا؛ والاستفادة من كامل مواردها الاقتصادية الذاتية. لذا؛ ستحتاج الدول الإقليمية إلى فتح المعابر الحدودية للاستفادة من خيراتها.