تقرير/ أفين يوسف –
بدأ العمل على بناء قرية المرأة (jin war) عام 2017م بهدف بناء ملاذ خاص للمرأة تعيش فيه حياة طبيعية وتعتمد فيه على ذاتها وتدير نفسها بنفسها، ولبناء مجتمع ديمقراطي حر وبفكر المرأة الحرة الطبيعية.
تتابع صحيفتنا مجريات العمل في قرية المرأة منذ تدشينها، وكانت لنا زيارة أخرى للقرية لمعرفة المستجدات في عملية البناء، وكان لنا الاستطلاع التالي:
تم الانتهاء من بناء 30 منزلاً، ويتم العمل على بناء مستوصف صحي يشارف على الانتهاء في الأسابيع القادمة، كما لا يزال العمل مستمراً في بناء مدرسة خاصة بالأطفال وتم إنجاز غرفتين فيها حتى الآن، وأيضاً بناء أكاديمية خاصة لتدريب المرأة، بالإضافة إلى أن هناك متجراً شبيهاً بالسوبر ماركت لتلبية احتياجات النساء من المواد الغذائية والمنظفات وغيرها، وأكدت إحدى المشرفات على بناء القرية على أن هناك مشاريعَ مستقبليةً لبناء ورشات للخياطة والأعمال اليدوية.
والجدير بالذكر أنَّ القريةَ تتميَّز بالبيوت الطينية المصنوعة من اللُّبن، وبعض هذه البيوت كبيرة يمكن أن تعيش فيها أربع عوائل، وتتميَّز بعض الغرف بأنَّ لها قبباً مستديرة في أعلى السقف، يقول العمال والمشرفون على عملية البناء: «إنَّ تلك القبب هي لعزل أشعة الشمس الحارقة في الصيف، حيث تساعد على تعديل حرارة الغرف وتبريدها». ومن جانب آخر لاحظنا وجود بستان للخضار الصيفية مساحته 35 دونماً زُرع فيه بعضُ أنواع الخضار كالخيار والفليفلة والبندورة والباذنجان، كما أن هناك قطعةَ أرضٍ مساحتها 175 دونماً تتم زراعتها بالمحاصيل الموسمية. وأكَّد المشرفون على بناء القرية على أنَّه سيتم الاعتماد على الزراعة وتربية المواشي والدواجن لتحقيق الاكتفاء الذاتي ضمن القرية بعد توطين النساء فيها، كما يمكن الاعتماد على الأعمال اليدوية ومنتجات النساء لبيعها والاستفادة منها، بالإضافة إلى إقامة مشاريع كوبراتيفات تساهم فيها نساء القرية.
ويتم تقديم الدعم المادي من عدة تنظيمات نسائية في روج آفا وشمال سوريا مثل هيئة المرأة ووقف المرأة الحرة ومؤتمر ستار وغيرها. وستكون أولوية السكن في القرية لزوجات الشهداء والنساء اللاتي تعرضن للعنف وبعض الفتيات اللاتي لم يتزوجن ولا يُردْنَ الزواج، على أن تكون لديهن مؤهلات للعمل ضمن القرية لإدارة شؤونها بأنفسهن دون الحاجة لأحد، وليكنَّ عناصر فعالةً في هذا المجتمع الصغير الخاص، أما اللاتي يُرِدْن تركَ القرية والخروج منها فلا توجد أية شروط أو عوائق أمامهن ويمكنهنَّ المغادرة وقتما يُرِدْنَ. ومن المقرَّر انتهاء العمل خلال عامين أي في 25 تشرين الثاني لهذا العام.
لاحظنا خلال زيارتنا وجود عائلة صغيرة مُؤلَّفة من أمٍّ وثلاثة أطفال، نجاح محمد حسن من قرية الراوية في سري كانيه وهي زوجة شخصٍ استشهد على أيدي عناصر داعش في دير الزور، وحدثتنا؛ قائلةً: «جئت إلى قرية المرأة لأنني لا أملك مكاناً لأعيش فيه، لأن داعش استولوا على منزلي ودمروه، وبعدها سكنتُ فترة في منزل شقيقي الذي تُوفِّي هو الآخر وعندما طالبتني زوجته بإخلاء المنزل، أتيتُ إلى هنا برفقة أطفالي الثلاثة وشقيقتي، لأن أهلي لم يسمحوا لي بالقدوم وحدي، بسبب العادات والتقاليد، وقد أتيت إلى القرية باقتراحٍ من مؤسسة عوائل الشهداء، وأتيت للتعرُّف على أجواء المكان وإن كان بمقدوري العيش هنا مستقبلاً أم لا، وقد لاحظت أن المكان جميلٌ والمشرفات هنا متعاوناتٌ ويُقدِّمْنَ لي كلَّ احتياجاتي، وعند اكتمال المشروع وقدوم المزيد من النساء سوف يكون الوضع أفضل، ولن أشعر بالغربة هنا».