قامشلو/ علي خضير ـ
تحدّت “أميرة حسو” 62 عاماً، ظروفها الصعبة، لتصنع بسنارتها قصة إرادة امرأة فقدت ولديها الشهيدين وزجها في فترة متقاربة، ليكون غزل وحياكة ثياب الصوف مصدر دخلها وقوتها.
هذا وكان لنا لقاءً مع “أميرة حسو” لتخبرنا ما عايشته، فهي ولِدْتُ في مدينة قامشلو في عام 1961م، تحدثت لنا عن طفولتها حيث كانت طفلةً مَرِحة وتحب العمل بكافة أشكاله، وتحب تعلّم الكثير من الأمور التي ستؤمّن مستقبلاً من خلالها، وأوضحت: “كانت أمي في ذلك الوقت تنسج الغزل والصوف والحرير، وتصنع لنا كافة أنواع اللباس الصوفي لتقينا برد الشتاء، وكانت تصنع الألعاب أيضاً، حيث كنتُ أجالسها بشكلٍ دوري، وأحببت هذه المهنة، فبدأت أتعلمها منذ أن كان عمري 11 سنة من خلال صنع ونسج الألعاب الصغيرة كبداية لتعليمي، ومن ثم بدأت أبدع وأتطور في عملي رويداً رويداً إلى أن أصبحت يافعة وتزوجت، فيما بعد ذلك كان زوجي يدعمني ويشجعني دائماً على الاستمرار في هذه المهنة، ومن أساليبه التشجيعية لي أنَّه قام بشراء ماكينتيّ (درزة وحبكة) صوف لي، من أجل أن أطور عملي وأنتج أكثر في سبيل بيع القطع وإعانته في مستلزمات ومصاريف بيتنا آنذاك”.
“موتُهُ كَسرني وبث المقاومة فيني في الوقت نفسه”
وبعد سنين من زواجها توفَّى زوجها، وبعد ثلاثة أيام استشهد ولديها الاثنين، فأصابها حزن شديد عليهم، وعبّرت: “كاد اليأس يخنقني، من الواقع الذي أصبحت فيه بعد أن كان زوجي يشجعني ويساعدني بعض الأحيان في حياكة الصوف، وكذلك فقداني لولديّ، لكن كنت أتحدث بيني وبين نفسي فيما إذا توقفت عن مهنتي بالدرجة الأولى لن أستطيع تأمين مصروف عائلتي وأولادي، حيث لم يكن لي معيل، لدي أخوة ولكن لم يكن يهمهم أمري إلى هذا الوقت، فقررت أن أجتهد على نفسي وأتابع مسيرة حياتي وعملي كي لا أحتاج لأحد، ومنه أملئ وقت فراغي بعيداً عن التَّفكير في متاعب ومآسي الحياة”.
“دعم معنوي زادني قوَّةً“
وتتحدث عن تلك الفترة قائلةً: “لقيتُ تشجيعاً كبيراً أيضاً من أهلي وجيراني، لأتابع مهنتي بعد فقدان زوجي وولداي، وكانوا يقولوا لي بأن عملي هذا مميز وناجح جداً، فلا تدعي الحزن يسيطر على جسدك ويقيد يديكِ، ما منحني دافعاً قوياً في متابعة مسيرتي في العمل، فبدأت بإنتاج الكثير من لوازم الألبسة والإكسسوارات ومنها، جزادين، ربطات شعر للفتيات، حقائب كتف، كنزات، لفحات، قفازات شتوية، وأصنع أيضاً كل شيء يطلبه مني الزبون أو المشتري”.
إنجازات مميزة تُسهِم في النهوض بالمجتمع
وزادت أميرة: “في فترة من الفترات لم ألقَ أي دعم من أي أحد في تطوير وتنمية عملي، لذلك أتمنى من كل من له القدرة على دعمي ودعم كل النساء اللواتي من حالي، من خلال امدادهنَّ بوسائل العمل لهذه المهنة، من ماكينات أو حبكات خياطة، من أجل تطوير حِرفتنا والترويج لبضائعنا، ليس فقط في هذه المهنة إنَّما في كل عمل تتقنه النساء، وخاصَّةً من هنَّ مثلي مُعيلات لعوائلهنَّ ويقع على عواتقهنَّ مصاريف البيوت ولقمة عيش أولادهنّ”.
واختتمت: “للمرأة دور كبير في النهوض بالمجتمع وتطويره في كافة المجالات، حيث أبرزت دورها في الكثير من المهام التي قامت بها، والتي وصلت لها سواءً من الناحية السياسية أو العسكرية أو الثقافية، وفي كافة المجالات الحياتية غير هذا، فالمرأة لا تريد سوى الوقوف معها ودعمها مادياً أو معنوياً ولو بجزء بسيط، وعدم النظر إليها على أنها ضلع قاصر، وقد شهدت نساء منطقتنا في شمال وشرق سوريا هذا النجاح في الارتقاء نحو الأفضل فالأفضل، وخاصةً بعد تأسيس الإدارة الذاتية التي ساندت المرأة ووفرت لها الكثير من الفرص لتخليصها من نظرة المجتمع الذكوري، والذي يعتبرها كأداة من أدوات البيوت لا دور لها في غيره، لذلك أتمنى من إدارتنا خلق فرص عمل أكثر للنساء، وفتح أبواب أوسع وأكثر لتنمية مهاراتها وطموحاتها التي كانت مكبوتة، للتطلع نحو الغد الأجمل”.
والجدير ذكره أن الأم “أميرة حسو” شاركت في معرض “أحلام صغيرة” التي نظمتها جمعية البر للخدمات الاجتماعية في قامشلو، حيث عرضت منتوجاتها التي أثارت إعجاب الكثيرين.
