روناهي/ قامشلو ـ
“ثورة المرأة” “ثورة الجدائل” “Jin Jiyan Azadî.. المرأة.. الحياة.. الحرية” والكثير من العبارات والأسماء أُطلقت على قوة إرادة وصمود المرأة بشمال وشرق سوريا عامة، وعلى ثورة المرأة الكردية بأجزاء كردستان الأربعة خاصة، هذه الشعارات التي كانت نتاج عام 2022 الذي تكلل بإرادة المرأة الحرة، حيث شهد هذا العام أحداثاً وثورات هزت الكيان العالمي.
استهداف تركيا إرادة المرأة
وسنسرد في ملف البانوراما لسنة 2022 أبرز المحطات، التي صنعتها المرأة والتي كان لها صدىً كبيراً، ولن ننسى أن نذكر شهيدات الحرية، اللواتي طالتهم أيدي الاحتلال في محاولة غاشمة لكسر صورة المرأة الحرة في مناطق شمال وشرق سوريا وكردستان مجملاً، لأن ثورة المرأة تجاوزت الحدود، وأصبحت ثورة عالمية تحتذي بها نساء العالم أجمع، وهذا ما يهابه الاحتلال والقوى الرأسمالية.
جميعنا يعلم أن ثورة “روج آفا” ألهمت العالم، فالمرأة بثورة روج آفا تحدت القوانين والأنظمة المستبدة، وخلعت ثوب الذل، بعد أن أخذت المنطقة تتحلى بالحرية، وأُعلن عن سريان نظام الإدارة الذاتية في شريان روج آفا، فشرارة شعلة الثورة في كوباني حملتها المرأة المقاتلة جنباً إلى جنب مع الرجل، لتكون مع رفيق دربها السلاح أجمل مقاتلة تتزين بالعزيمة والإصرار للتحدي لأقوى إرهاب عرفته البشرية “داعش” لتكون رصاصاتها صوت الحق، الذي لا يخطئ، وبعد دحر داعش من كوباني عام 2015، لتعود المرأة منتصرة تخبر صديقاتها أن درب الحرية المنشود يبدأ من المرأة أولاً، وانطلاقاً من هذا أخذت المرأة الكردية على عاتقها ضرورة تحرير المرأة من قيود المجتمع، لتصبح المرأة بشمال وشرق سوريا تنتهج الفكر الديمقراطي الحر، الذي نادى به القائد عبد الله أوجلان، وحقيقة المرأة الحرة وتمثيلها لمجتمعها أثارت غضب الاحتلال التركي، حيث كان عام 2022 مليئاً بقصص الشهيدات، اللواتي استهدفتها طائرات تركيا المسيرة، ومنها:
ـ 20 نيسان، استشهاد المقاتلات الثلاثة في وحدات حماية المرأة (YPJ)، (دلار حلب الاسم الحقيقي رانيا حنان، روناهي كوباني الاسم الحقيقي رودين عبد القادر محمد، وكوباني الاسم الحقيقي جيهان نضال علي) باستهداف طائرة مسيّرة تابعة للاحتلال التركي سيارتهن في كوباني.
ـ 30 أيار، استشهاد المقاتلة في وحدات حماية المرأة (YPJ)، مزكين بوتان، الاسم الحقيقي رحيمة غزالي، والشخصية الوطنية كسرى ملك؛ إثر استهداف سيارتهما بطائرة مسيّرة على طريق قرية سيكركا شرقي مدينة قامشلو.
ـ 22 تموز، استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لدولة الاحتلال التركي، سيارة على طريق قامشلو – تربه سبيه؛ ما أدى إلى استشهاد القيادية في وحدات مكافحة الإرهاب، جيان تولهلدان، والقيادية في وحدات حماية المرأة روج خابور، والمقاتلة في وحدات مكافحة الإرهاب، بارين بوتان.
ـ 28 تموز، استهدفت دولة الاحتلال التركي بطائرة مسيّرة، سيارة لقوى الأمن الداخلي في عين عيسى؛ أدى إلى استشهاد أربعة من أعضاء وعضوات قوى الأمن الداخلي، وهم (بشار محمد علي بوزان، جيهان محمد مصطفى، سارة محمد الحسين، سلمى علي مصطفى).
ـ التاسع من آب، استهدفت دولة الاحتلال التركي، نقطة لقوات الدفاع الذاتي؛ كانت مهمتها حماية المشافي في قامشلو، ما أدى إلى ارتقاء أربعة من المقاتلين شهداءً، بينهم الشهيدة دلسوز تربه سبيه.
ـ 18 آب، استهدفت دولة الاحتلال التركي بطائرة مسيّرة، مركزاً تعليمياً خاصاً بالفتيات بقرية شموكة في مقاطعة الحسكة، ما أدى إلى استشهاد ست فتيات وإصابة عشر أخريات.
ـ 27 أيلول، استشهاد الرئاسة المشتركة لمكتب شؤون العدل والإصلاح في الإدارة الذاتية لإقليم الجزيرة (زينب محمد، ويلماز رشو) بهجوم طائرة مسيّرة تابعة لدولة الاحتلال التركي لسيارتها في ريف ناحية كركي لكي.
عام حرية المرأة
ولا يسعنا الحديث عن ثورة روج آفا المباركة، فكان فرعها الممتد إلى روجهلات وإيران عامة ثورة الجدائل، التي جعلت من شعار “Jin Jiyan Azadî” قوت يومها لتكمل المرأة الروجهلاتية والإيرانية على خطا رفيقاتها ضمن ثورة روج آفا، لتكون حادثة مقتل الشابة الكردية “جينا أميني” أثناء احتجازها لدى “شرطة الأخلاق” بزعم عدم تطبيقها “قوانين الحجاب” الإجباري في واقعة فجرت غضباً شعبياً في إيران وروجهلات كردستان والعالم في الـ16 من أيلول، وقبل أيام قليلة أتمت ثورة الجدائل مائة يوم على التظاهر المستمر، وكانت هذه الثورة منعطفاً في حياة الإيرانيات، فسرعان ما أصبحت قضية رأي عام، ليخرج الشعب في احتجاجات ومظاهرات دامية، وحملات مقاطعة وإضرابات عن العمل، تتسع رقعتها يوماً بعد آخر، وشكلت النساء عصب الانتفاضة، التي جاءت في ظل استياء شعبي من المصاعب الاقتصادية، واتهامات بالفساد تسببت في خروج تظاهرات منفصلة في الأشهر الماضية، وهو ما ميز الانتفاضة الحالية عن سابقاتها، فهي تختلف من حيث الحجم وتركيبة المقاومة الداخلية، وانضمام شرائح المجتمع المختلفة للانتفاضة، من مثقفين، ورياضيين، ومحامين، وطلاب، وتمحورت الاحتجاجات حول قضايا المرأة، التي هي منبع القضايا المجتمعية، وانتهاك السلطات لحقوق الشعب بمختلف أطيافه وقطاعاته.
التمسك بالحرية رغم القمع
ورغم صلابة موقف المرأة الإيرانية على عدم التنازل عن حقوقها في التظاهر لتصل إلى الحرية المنشودة، إلا أن النظام القمعي هناك لم يتوقف يوماً عن ارتكاب أبشع الجرائم، ومارس أقسى أنواع العنف ضد المرأة ليمنعها من التظاهر إلا أنه لم ينجح.
كما أدلت ناشطات إيرانيات باعتقال أكثر من 70 ناشطة بمجال حقوق المرأة خلال الانتفاضة، في إشارة إلى سجن آلاف النساء وسجل منهن 577 حالة اعتقال، من بينهن 100 طالبة.
وفي ظل القمع المنهجي للمرأة وخاصة خلال الانتفاضة الأخيرة جرد مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي في الـ 14 كانون الأول/ديسمبر، إيران من عضويتها في اللجنة المعنية بحقوق المرأة بتأييد 29 عضواً في اللجنة.
وفي إشارة إلى دور المرأة الإيرانية الكبير في الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أعلنت مجلة تايم أن النساء الإيرانيات هن بطلات عام 2022، كما وصفت شعار”jin jiyan azadî” بأنه رمز لمن يريدون التغيير.
وعكست قائمة 100 امرأة ملهمة، ومؤثرة التي تعلنها وكالة بي بي سي سنوياً دور المرأة في قلب النزاعات حول العالم خلال عام 2022، ومن بين هذه القائمة أسماء العديد من المتظاهرات اللواتي يطالبن بشجاعة بالتغيير في إيران.
كما منحت وزيرتا خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، وفرنسا كاترين كولونا جائزة 2022 لحقوق الإنسان وسيادة القانون، لجينا أميني والنساء الإيرانيات، اللواتي يناضلن من أجل حقوق الإنسان والحرية.
نشاطات وفعاليات هامة
احتضنت تونس المؤتمر العالمي الثالث للنساء القاعديات من الرابع إلى العاشر من شهر أيلول/ سبتمبر، بمشاركة 300 امرأة من 50 دولة عربية وأفريقية وأوروبية، تحت شعار “تضامن… تضامن مع النساء”، والذي عقد بهدف توحيد صوت النساء وجمع قضاياهن على طاولة واحدة، وأكدت مختلف اللوائح التي صدرت في ختام المؤتمر على أن مشاكل النساء واحدة ومتشابهة، وتتركز أساساً في العنف المسلط ضدهن جنسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وأسرياً، واتفقت المنسقات من القارات كافة على ضرورة مواصلة العمل بشكل مستمر، للنهوض بواقع الكادحات الأكثر تضرراً من الحروب والأزمات، وخلال المؤتمر كان هناك إقبال كبير على اللائحة الكردية، التي تضمنت ضرورة الاعتراف بثورة روج آفا وحمايتها كونها ثورة نسائية حرة، فتجربتهن تمنح النساء الكثير من القوة للمقاومة، وشددت المنسقات على إن القرن الحالي سيصبح قرن كفاح النساء بنضالاتهن من أجل التحرر، وتحقيق المساواة التامة بين الجنسين.
“نحو عيش مشترك ومواطنة متساوية” انطلق مؤتمر الحوار اللبناني الكردي الذي عقد للمرة الأولى في العاصمة اللبنانية بيروت، في الـ 29 أيار/مايو، للنقاش حول أهمية تفعيل منطق وأسلوب الحوار بين الشعوب، وتسليط الضوء على القضية الكردية وواقع معاناة الشعب الكردي، الذي يواجه الاضطهاد والعنصرية، وشدد على أهمية تكريس ثقافة القبول والاعتراف بالهويات القومية، وأكد المشاركون على أن دور المرأة الكردية في شمال وشرق سوريا نموذج جدي للمساواة بين الجنسين.
وفي الذكرى السنوية الثامنة للإبادة التي تعرض لها الإيزيديون في شنكال على يد مرتزقة داعش، عقد المؤتمر النسائي العراقي الدولي في 30 تموز/ يوليو تحت شعار “بالإرادة النسوية الحرة نتحدى الإبادة الجماعية في شنكال”، والذي أكد على ضرورة الاعتراف بالمجزرة، التي ارتكبها داعش في شنكال عام 2014 كإبادة جماعية.
وعقدت حركة حرية المرأة الإيزيدية الملتقى التشاوري الأول للمرأة العربية والإيزيدية في الـ 29 من كانون الثاني/ يناير في شنكال تحت شعار “الوحدة والنضال سيكفلان حماية المرأة”، من أجل التعريف بالنساء الإيزيديات ومستوى تنظيمهن بعد الإبادة الـ 74 من ناحية الحماية الذاتية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.
كما عقدت المرأة الشابة في شنكال مؤتمرها الأول تحت شعار “على نهج زيلان وبيريفان؛ التنظيم ودحر الخيانة وضمان حرية شنكال” في 30 حزيران/ يونيو في شنكال بإقليم كردستان، شددن خلالها على أن تنظيم النساء ضرورة ملحة ومطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى.
وفي الـ 18 من أيار/مايو، عقد التجمع النسائي لحزب الشعوب الديمقراطي مؤتمراً نسائياً إقليمياً في آمد بباكور كردستان، حيث تم خلال المؤتمر تقييم جرائم القتل والعنف المتزايدة بحق النساء، والضغوط على حزب الشعوب الديمقراطي، وأكدت المشاركات على أنهن سيوسعن تنظيمهن ضد أنواع الهجمات “لن نتوقف سننجح والنصر لنا”.
وفي الـ 12 تشرين الثاني، انطلاق فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في شمال وشرق سوريا، واستمرت لغاية 25 من الشهر نفسه.
وفي الـ 24 آذار، انعقاد الكونفرانس الأول لمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا بمدينة قامشلو.
في الـ11 تشرين الأول، انعقاد الكونفرانس الثاني لاتحاد المرأة الشابة في الرقة، والطبقة، ودير الزور ومنبج، في مدينة الرقة.
في الـ 28 تشرين الأول، انعقاد المؤتمر الرابع للاتحاد النسائي السرياني في سوريا بمدينة قامشلو.
في الـ30 آب، إعلان تأسيس اتحاد المرأة الأرمنية في شمال وشرق سوريا.
والجدير ذكره أنه خلال الحملات ضد الخلايا النائمة في مخيم الهول الواقع بالحسكة في شمال وشرق سوريا شاركت المرأة الحملات، وكان من نتائج الحملة على صعيد المرأة تحرير وحدات حماية المرأة سبع إيزيديات من قبضة داعش خلال هذا العام.
