روناهي/ تل كوجر –
المرأة الريفية محور المجتمع وركيزته الثابتة، ونواة حقيقية لتغيير شكل المجتمع الريفي والدفع به نحو واقع أفضل، إلا أنها لا زالت تحاول أن تتغلب على هاجس الفقر، الذي يلقي بظلاله بشكل مستمر على قرى الريف في تل كوجر، فيمثل عائقاً حقيقياً.
لا زالت النساء تمثل دورا رئيسياً في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية، وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة، وتمثل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر، والعمل المنزلي في إطار أسرهن في المناطق الريفية، كما أنهن يسهمن إسهامات كبيرة في الإنتاج الزراعي، وإدارة الأراضي والمنازل، وإعالة الأسرة وتأمين المستلزمات الغذائية لجميع أفراد الأسرة، لكن يتخلل كل هذا بعض الصعوبات التي تعيق تقدم المرأة داخل المجتمع الريفي خصوصاً.
هاجس الفقر
وتعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية من هاجس الفقر متعدد الأبعاد، حيث لا يزال بعض سكان الأرياف يعيشون في ظروف فقر مرفوضة، تتركز في المناطق الريفية بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من أن بعض المزارعات يمتلكن ما يمتلكه الرجال من القدرة على الإنتاج والريادة التجارية، إلا أنهن أقل قدرة في الحصول على الأرض الزراعية.
في هذا الخصوص تقول المواطنة ابتسام الحسن، وهي تعيل أسرتها المؤلفة من خمسة أطفال: “أهم عوائق الحياة تكمن في الضعف المادي، والفقر الذي يمكن وصفه بالميزة المرافقة للمجتمع الريفي”.
وتؤكد ابتسام، بأنها تحاول دائما ترتيب حياتها بالعمل بالمجال الزراعي، وتقوم بتوفير حياة كريمة لأطفالها رغم فقر الحال.
العرف الظالم
لا تزل الحواجز الهيكلية والأعراف الاجتماعية التمييزية، تعوق سلطة صنع القرار للمرأة ومشاركتها الفعلية في الأسر والمجتمعات الريفية، وتفتقر النساء والفتيات في المناطق الريفية إلى المساواة في الحصول على الموارد والأصول الإنتاجية، والحصول على الخدمات العامة مثل التعليم، والرعاية الصحية والهياكل الأساسية، في حين يمارس كثير منهن مهاما غير مدفوعة الأجر، فضلا عما يعايشنه من فقر وإقصاء، وتأثر بتبعات التفكير الذكوري، من هنا تأتي ضرورة استكمال الخدمات والحماية الاجتماعية للمساوة بين الجنسين، وتمكين النساء والفتيات، وعلى الرغم من التقدم، الذي أحرز على مختلف الجهات، يظل التفاوت بين الجنسين منتشرا في كل بعد من أبعاد الحياة؛ لذا تتمنى نساء الريف أن يتم وضع ضوابط أكثر فعالية تحد من عنجهية العرف المجتمعية، والعشائرية، التي تقيد دور المرأة الفعلي.
الدور الريادي
رغم المعوقات والصعوبات، التي تؤثر سلبا على دور المرأة الريفية الفعلي، إلا أنها أثبتت فعاليتها، وفرضت نفسها بطريقة صحيحة، حيث تشهد مناطق ريف تل كوجر قصص نجاح كثيرة، ونجد ارتقاء ملحوظاً في دور المرأة الفعلي داخل المجتمع، لذا لابد من الحديث والتأكيد على أن المرأة الريفية تجاوزت مرحلة التبعية، وأصبحت الآن في طور الريادة والقدرة على تسيير أمور نفسها وبيتها ومجتمعها، يضاف إلى ذلك قدرتها على تغيير المفاهيم السلبية، التي كانت منتشرة منذ آلاف السنين، اليوم بات من الواضح أن عماد وحجرة الأساس في استمرارية المجتمع الريفي يتعلق بشكل أساسي بدور المرأة، إذ بات واضحاً الدور الريادي للمرأة في تفاصيل الحياة انطلاقا من الأسرة إلى المجتمع ووصولا إلى الوطن.
