جل آغا/ أمل محمد –
يشمل المطبخ الكردي طائفة متنوعة من الأطعمة، وهو من المطابخ القديمة جداً عبر العصور يتميز بأصالته ووصفاته الشهية، الغنية بالعديد من المكونات، ولكل منطقة من مناطق شمال وشرق سوريا، طبخة تشتهر بها عن سواها فهنالك بعض أنواع الطعام في المطبخ العفريني وأخرى في المطبخ الكوباني أو في مطبخ قامشلو، هذا وكان للمرأة الكردية دورها الفعال في المحافظة على هذه الثقافة.
تجيد المرأة الكردية إعداد مائدة غنية بطرق بسيطة، باستخدام البراعة والإتقان في اختيار المحتويات والمكونات الغذائية، بالإضافة لإعداد الولائم الكبرى، التي تعتمد بشكل رئيسي على اللحوم المختلفة، ويعتمد المطبخ الكردي بشكل أساسي على اللحوم الحمراء، وخبز التنور، فهو من ثقافة وإرث الكردي، ولا تخلو المائدة الكردية من العدس، فهو طبق مفضل عند الكرد، ويستهلكونه بكميات كبيرة، إضافة للبرغل الذي يُعدّ سيد الأطعمة في بيت المونة الكردي.
وللحديث أكثر عن تنوع المطبخ الكردي حدثتنا “جميلة علي” من ناحية جل آغا، والتي تشتهر بمهارتها في مجال طهي الطعام الكردي، حين كنا في ضيافتها قائلة: “مما لا شكَّ فيه يمتلك المطبخ الكردي إرثاً في مجال الغذاء، وتعد المرأة الكردية رائدة في مجال الطهي، وورثنا العديد من أنواع المأكولات من أجدادنا”.
وتابعت جميلة قولها: “نعتمد في مطبخنا على اللحوم الحمراء، وخصوصاً في مناطقنا الريفية، ويعود هذا إلى تربية المواشي، فإعداد “المركة” أو “الحميس” من أشهر المأكولات لدينا، والتي تصنع من اللحم بجانب خبز الصاج، وطعام “الروس” من الأكلات الشهية، والتي تحتاج للجهد والوقت لتحضيرها، ومع ذلك هي من الوجبات المفضلة لدينا”.
الحفاظ على الأطباق التراثية
البرغل والعدس من الأطباق الحاضرة على سفرة الشعب الكردي، ويعود ذلك إلى توفّر هذه المواد، وفوائدها الصحية لذا يعتمدون عليها بشكل كبير، وتكمل جميلة: “نصنع من البرغل العديد من الأطباق مثل البلوعي، وهي مؤلفة من سميد البرغل مع دبس البندورة، والبصل، والبقدونس، ونعد بجانب شوربة العدس الشمبروك، كوتلك أو الكبيبات، وهو عجين نضع فيه البصل المقلي مع اللحم”.
هذا ويعد” الطرشك، والجزمز” من المأكولات الكردية بامتياز: “نصنع الطرشك في فصل الصيف خاصةً، بطرقٍ مختلفة، وذلك لوفرة الخضروات في هذا الفصل، ويمكن إضافة الباذنجان والبطاطا وحتى البازيلاء في هذه الطبخة”.
وكما يستهلك الشعب الكردي الكثير من البقوليات، والتي يُصنع منها أطباق مختلفة: “يعتمد الكرد على البقوليات كثيراً، فنصنع منها الميَّر، وهو حنطة مقشرة يضاف إليها اللبن، وأيضاً هناك الرز مع الحمص والبازيلاء”.
أشارت جميلة إلى تعدد الأطباق في المطبخ الكردي، والذي يستغرق الحديث عن كل طبق الكثير من الوقت: “هناك الآلاف من الأطباق، ولا يسعنا الحديث عنها جميعها، ولكن من المؤكد إن هذه الأطباق ورثناها، ونورثها بدورنا للأجيال القادمة حفاظًا على ثقافة الشعب الكردي في عالم الطعام والغذاء”.
واسترسلت جميلة حديثها، بالسرد إلى أن أساس نجاح المطبخ الكردي هو النكهة، التي تُضيف مزيجاً قيماً لأصناف الطعام: “فالطعام الذي يُعد بمهارة يكون لذيذا، وإن ما يميز مطابخنا عن غيرها هي النكهة اللذيذة”.
وفي ختام حديثها نوهت جميلة للحفاظ على الإرث الكردي في مجال الطبخ من الاندثار، وذلك بسبب انتشار موجة دخول المأكولات الغربية مناطقنا: “غزت موجبة الوجبات السريعة لدول الغرب مناطقنا بكثرة، وترى الجميع يعتمد عليها ويستهلكها، وأخشى أن هذا الأمر سيؤثر بشكلٍ سلبي على إرثنا، الذي ورثناه من الأجداد في مجال الطهي والطبخ”.
والجدير بالذكر أن المطبخ الكردي تأثر بالثقافات والحضارات الثانية، فكثيراً ما تجد أطباقّا مشابهة له في مطابخ عدة في العالم، ويعود ذلك إلى الاحتكاك، الذي حدث نتيجة التمازج والتعارف بين الشعوب.