ديرك/ هيلين علي –
مع شروق الشمس كل صباح، تفتح “زهرة أحمد” مهجرة من سري كانيه، الفرن الذي يقع في دخلة ضيقة أمام كنيسة “السيدة العذراء” في مدينة ديرك، تُفرّغ الطحين في العجانة، لتعجن يومياً مع زميلاتها، ما يُقارب 15 كيس طحين.
تعمل زهرة بشغف في صناعة خبز الصاج، في حين تؤمن هذه المهنة لزهرة وزميلاها في الفرن، اللواتي يعملن إلى جانبها في نخلِ الطحين وتجهيز الأقراص وترقيقها؛ قوتاً يومياً لأسرهن، لا سيما في ظل ظروف النزوح الذي كان من نصيبهن أيضاً.
زهرة أحمد 42 عاماً مهجرة من ريف سري كانيه، تقطن في مخيم نوروز بمدينة ديرك منذ عامين، وأم لأربع بنات وولدين، كانت عائلة زهرة تعيش حياة مستقرة وأحوالهم المادية جيدة في مدينتهم، وبسبب التهجير ساءت أوضاعهم، كباقي العائلات التي هُجّرت من مدنها وقراها، بسبب الاجتياح التركي، فقررت البحث عن عمل تساعد به زوجها المريض.
تحدت زهرة متاعب رحلة التهجير ومعاناة أسرتها، واستطاعتها الدخول إلى سوق العمل. رغم الصعوبات التي تواجهها المرأة الأربعينية، فإنها سعيدة بتأمين قوت أسرتها اليومي، تقول لصحيفتنا “روناهي”: “رائحة الخبز في الصباح الباكر، تعيد لنا ذكريات قرانا ومدننا التي غادرناها”.
وتعمل زهرة منذ عدة أشهر في أحد الأفران التي تم افتتاحها من قبل أحد أبناء مدينة ديرك، بهدف تأمين احتياجات الأهالي من الخبز الشعبي ولتأمين فرص عمل للمهجرين والمهجرات في المنطقة.
وتصنع زهرة خبز الصاج بالإضافة إلى خبز التنور، وعلى الرغم من أن هناك أفران في المدينة إلا أن الأهالي يفضلون الخبز الشعبي.
تبدأ زهرة العمل من ساعات الفجر حتى الساعة الرابعة عصراً، إذ تقول: “أعجن وأقرص وأخبز ومن شروق الشمس أبدأ بفرد الأرغفة”.
تقوم مع زميلاتها في الفرن بصنع ما بين 14– 15 كيس طحين أي بحسب إقبال الأهالي، وتتقاضى راتب جيد مقابل ساعات عملها الدؤوب.
“قوت يومنا”
تقول المهجرة زهرة أحمد: رائحة “خبز الصاج” كانت إلى وقت قريب جزءاً من ذاكرة الآباء والأجداد، هذا الخبز الذي رافق رحلة نزوحنا من قرانا ومدننا إلى مناطق نزوحنا، وفي حين كان ترفيهاً على موائدنا في السابق، بات إجبارياً لتأمين قوت أسرتنا.
واختتمت زهرة حديثها معنا بالقول: “على المرأة التي تجد نفسها قادرة على تحمّل أعباء العمل، أن لا تترد في الدخول إلى سوق العمل، كما يجب على جميع النساء اللواتي أجبرن على ترك منازلهن ومدنهن جراء الاحتلال، التحمل والصبر ومساندة أسرهن حتى يستطعن تخطي هذه الظروف المعيشية الصعبة”.