عضوة الاتحاد النسائي السرياني بقامشلو: التغيير الديمغرافي مسعى تركي مبنيٌ على أساس القتل والتهجير

روناهي/ الحسكة ـ

انتهج جيش الاحتلال التركي في عدوانهِ على مناطق شمال وشرق سوريا وقبلها عفرين، العديد من الممارسات القائمة على ضرب التعايش المشترك واستهداف شعوب بعينها لأجلِ ترهيبها وتهجيرها وكسر اللوحة الفسيفسائية في المنطقة؛ هذا ما أكدته عضوة الاتحاد النسائي السرياني في قامشلو جورجيت برصوم.

يبدو أنَّ مشروع التغيير الديمغرافي الذي تسعى إليه دولة الاحتلال التركي لم ينتهِ مع احتلال عفرين وكري سبي/ تل أبيض وسري كانيه، بل كان يمثل بدايةَ استكمال أجنداتها الإجرامية، فها هي من جديد تقوم بتهديد مناطق شمال وشرق سوريا عبر جيوشها الجرارة وآلتها العسكرية ومرتزقتها الإرهابية، مستخدمةً أسلوب المغول التتار في اجتياح دمشق وبغداد وسفكها لدماء الأطفال والنساء في أزقة الشوارع وداخل المنازل، وبما أنّ مشروع الأمة الديمقراطية قائمٌ على العيش المشترك بين كافة الشعوب التاريخية في المنطقة من كردٍ وعربٍ وسريان، وقد لبى طموحات هذهِ الشعوب بالعيش الآمن.

استهداف ممنهج ومقصود 

في لقاءٍ أجرتهُ صحيفتنا “روناهي” مع عضوة الاتحاد النسائي السرياني في قامشلو “جورجيت برصوم” قالت: “بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء شعبنا لحماية المنطقة، وبفضل القوات المعنية بالحفاظ على الأمن رأينا المنجزات المذهلة التي كانت تعجز دول العالم من تحقيقها، وفي مناطق شمال وشرق سوريا وإقليم الجزيرة خصوصاً نحاول أن نعيش حالة الأمن والأمان بصورتها الحقيقية من خلال التعايش التاريخي بين النسيج المتعدد للشعوب في هذا الإقليم، وضرب هذا المكون وكسر جسور الروابط فيما بينهِ كانت هدفاً مدروساً لجيش الاحتلال التركي وحكومة الاحتلال بأكملها، فلا زال يطلق التهديدات إلى هذهِ اللحظة، بعد أن قام باحتلال مدينة سري كانيه، والتي كانت تسمى بسوريا الصغرى، لما كانت تشملهُ من شعوب وطوائف متعددة، ومن هذهِ الشعوب المستهدفة كان السريان المسيحيين  من ضمن ما شهدته المنطقة من تهجيرٍ قسري نتيجة القصف العشوائي على المدنيين، مما أدى إلى حدوث تغيير كانت عواقبهُ ستكون وخيمة على الشعب المسيحي الذين لم يتبقَ منهم سوى بضعة آلاف بعد موجات العنف المتتالية التي شهدتها المنطقة نتيجة الاعتداءات التركية الهمجية، وقبلها داعش المرتزق المدعوم تركياً أيضاً”.

محاولة تفتيت النسيج الاجتماعي

لم يكن مشروع الأمة الديمقراطية المولود من رحم الشعب بقيادة الإدارة الذاتية ينادي أو يستخدم مصطلح “الأقليات” كما باقي دول العالم وبعض السياسيين هنا وهناك، لأنهُ كان مدركاً لقيمة التعايش الممزوج والمتجانس ما بين شعوب المنطقة عموماً وإقليم الجزيرة خصوصاً، وأضافت جورجيت: “على من يريد أن يرى اللوحة الفسيفسائية لطريقة العيش في مناطقنا ورؤية التركيبة السكانية الفريدة سيلاحظ هذا، إذا زار مناطقنا من ديرك إلى قامشلو والدرباسية إلى الحسكة وثم سري كانيه المحتلة مروراً بتل تمر، فسيفهم حينها بأنَ هذا التعايش تاريخي وأصيل تميزهُ إنسانية شعوبهِ ومكوناتهِ، وكانت هناك تجربة سابقة لأردوغان تثبت إصراره على ضرب هذا النسيج وتفتيتهِ من خلال داعش الإرهابي الذي استدرك حلم أردوغان، وشنِّ أعنف هجماتهِ الإرهابية على المنطقة وخصوصاً على قرى الآشوريين في ناحية تل تمر وريفها، وارتكب أفظع الجرائم بها وخطف نسائها وأرهب أطفالها، ودمر كنائسها التي سكنت أجراسها ولم تعد تدقْ، ولولا تدخل قواتنا المُشكَّلة من أبناء المنطقة في قوات سوريا الديمقراطية وتحرير تلك المناطق، لكان استفحل إرهابهم بدعمِ حكومة العدالة والتنمية عدوة الشعوب”.

إصرارٌ على احتلالٍ جديد لاستكمال المشروع العثماني

لا يخفى على أحدٍ حجم المجازر عبر التاريخ التي ارتكبتها القوات العثمانية بحق أهالي المنطقة وغيرها في دولٍ عديدة حتى في الداخل التركي، وعلى راسها مجزرة الأرمن ومجازر سيفو أو مذابح السريان، والتي تمت بمساعدة مجموعات مسلحة وكأنها تحاكي الوقت الحاضر تماماً عندما استخدم أردوغان داعش الإرهابي للقيام بأعمالهِ القذرة، لإعادة مُسيرات الموت التي تأثر بها النظام التركي ويحاول إحيائها من جديد، فاستهداف الكرد والمسيحيين والعرب من أبناء المنطقة جسّد حالة الحقد والتوق إلى تاريخ الدولة العثمانية التي تسعى إليه الحكومة الحالية بزعامة أردوغان وحزب العدالة والتنمية، واختتمت جورجيت برصوم حديثها بالقول: “رغم كل ما يحصل ستبقى إرادة شعوبنا أقوى بكثير مما يعتقده المحتل التركي ومرتزقته التي ترافقهُ في تنفيذ عدوانه على الشعوب الآمنة، ونوجه رسالة إلى المجتمع الدولي ليقوم بمسؤولياتهِ الكاملة والأخلاقية تجاه ما يحصل بحق أبناء مناطق شمال وشرق سوريا”.