سعوديات يفتحنَ النقاشات حول فرضِ النِّقاب عليهن من جانبٍ ديني واجتماعي على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبراتٍ أنَّ من حقهن اختيار الزي الذي يناسبُهن.
عاد الحديث عن النِّقاب إلى واجهة الجدل على موقع تويتر في السعودية. وتصدر هاشتاغ #يسقط_النقاب الترند السعودي حيث احتدم النقاش بين مؤيدٍ لمطالب إلغاء “الفرض” الديني والاجتماعي للنّقاب على السعوديات وبين رافضٍ للدعوات. وكان لافتاً استناد مؤيدي النِّقاب ورافضيه إلى الدين.
وطالبت المغردات بإعطاء المرأة السعودية الفرصة لتجربة الانفتاح على العالم باعتبار النِّقاب وحتى العباءة أمراً مفروضاً وليس اختيارياً وطمساً للحُريات الشخصية. وقالت مغردةً: وتحاول المملكة تدريجياً التخلُّص من إرث “فترة الصحوة” وهي العقود الأربعة الماضية، عندما ساد فكرٌ ديني مثيرٌ للجدل حرسته شخصيات دينية منغلقة لها سطوةٌ اجتماعية وسياسية لافتة. وكتبت مغردةٌ أخرى: #يسقط_النقاب لأنَّ أكثر من دفعاني إلى تغطية وجهي هما أبي وأخي.. الاثنان” اللي ما جربوه ولا حسوا بشعور الانكسار اللي يتبع رفض الوجه”.
في حين انتقد القسم الآخر من المغردين هذه المطالبات واعتبروها “منافيةً للعرف العام في السعودية” وتجاوزاً للحدود الشرعيَّة” وانتهاكاً للحجاب الإسلامي”. واتهموا أصحاب الحملة بأنَّهم يقودون مؤامرةً خارجية تحاول العبث بأخلاق السعوديات وتحارب الإسلام.
وقبل أيام انتشر هاشتاغ “نساء الزلفى فخرنا” بعد تداول مقطع فيديو أظهر نساءً في مركزٍ للقاحات كورونا في محافظة الزلفى في طابورٍ حاشدٍ وقد بدون كلهنَّ ملتزماتٍ بالنِّقاب. وكتب حساب: هناك حملةٌ مفتعلةٌ من أعداء المرأة السعودية من أجل إسقاط أخلاقها وعفتها التي تتمثل في نقابها، لا #يسقط_النقاب.
فيما تساءلت مغردةً عن سرِّ إصرار البعض على فرض وصايتهم على السعوديات. وكتبت: “وهذا الأسبوع احتفل السعوديون بتخريج أوَّل دفعة كادر نسائي ضمن القوات المسلحة السعودية، ما عدّ خطوةً مهمةً جداً بالنسبة إلى المرأة السعودية”.
وفي وقتٍ سابق قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إنَّ: “النِّساء في بلاده لا يتعيّن عليهنَّ ارتداء غطاء الرأس أو العباءة السوداء ما دامت ملابسهنَّ محتشمة ومحترمة”. وأشار إلى أنَّ: “القرار يرجع إلى المرأة في تحديد نوع الملابس المحتشمة والمحترمة التي تريد ارتداءها”.
وسبق أن انتشر هاشتاغ #العباية_المقلوبة بشكل كبير على تويتر، حيث نشرتْ سعوديات صورهنّ مرتدياتٍ عباءاتٍ مقلوبة بالفعل، تعبيراً عن رفضهنَّ للزي الرسمي الذي فرضته تقاليد المملكة المحافظة في إطار حملة مناهضة للعباءة السوداء أطلقتها ناشطات في مجال الدفاع عن حقوق النساء.
المملكة تحاول تدريجيا التَّخلُص من إرث “فترة الصحوة”
كما تصدر هاشتاغ #سعوديون_ضد_النقاب الترند السعودي. وتباينت آراء المشاركين ضمن الهاشتاغ بين من يؤكّد أنَّه “واجب شرعي” وبين من يقول إنِّه “عادةٌ أصبحت واجباً”.
كما انتشر قبل فترة هاشتاغ #النقاب_لا_يمثلني، حيث دعا من خلاله المتفاعلون إلى ضرورة احترام حق المرأة في اختيار لباسها. واعتبر سعوديون أنَّ النقاب “طمسٌ لملامح وهوية المرأة”.
وتشهد السعودية خطواتٍ غير مسبوقة منحت المرأة حقوقاً ظلَّت تُكافح عقوداً لنيلها، وأبرزها الحق في قيادة السيارات وممارسة الرياضة والذهاب إلى دور السينما، فضلاً عن تمكينها من شغل مناصب قيادية في السفارات والوزارات والمناصب العسكرية. وسبقت الحملة أخرى تدعو النساء إلى حرق النقاب. وتعتبر الدعوة إلى حرق النقاب “جريئة” و”جديدة” إلى حدٍ كبيرٍ في البلد المحافظ الذي يتبنى سياسة التغيير بروية.
ومنذ عام 2016 انفجر تويتر بالمطالباتِ بحقوق المرأة السعودية وفي الغالب كانت تلك الحسابات مجهولة الهوية، ويقوم موقع التواصل بدورٍ كبير في خلقِ وعي النساء بقضاياهنّ. ويعرف السعوديون أن قادتهم يراقبون الموقع بغرض مراقبة النشاط السياسي، وأيضاً للاستماع إلى مطالب الشعب.
مناقشة أهم المواضيع على تويتر
وطبقاً لتقرير نشره مركز “قيادة المرأة العالمية” في جامعة روتجرز، فإنَّ أكثر من 40 في المئة من مستخدمي تويتر في السعودية من النساء، ومعظم الحسابات غامضة الهوية، وتُنشر التغريدات باللغتين العربية والإنجليزية. وقال التقرير إنَّ تويتر يُنظر إليه الآن على أنَّه وسيلة التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيراً في المجتمع السعودي.
وكثيراً ما يعارض رجال الدين تمكين المرأة وحقوقها، بل ويصفون المرأة بعدة تسميات تستنقص منها وتجعلها تابعة للرجل مهما كانت قيمتها. ويؤكد ممتهنو الدين والمتمعشون منه أنَّ: “تغريب المجتمع يبدأ من نيل المرأة لحقوقها”، وهي خدعةٌ لم تعد تنطلي على شباب السعودية الذي يمثّل أكثر من نصف السكان. وبات الشباب على الشَّبكات الاجتماعية أكثر جرأةً في انتقاد رجال الدين وأطروحاتهم التي باتت ضدَّ المنطق وتجاوزها الزمن.
وواجهت السعوديات بشجاعةٍ خطاب “الحلوى المكشوفة” و”السلعة الرخيصة”. ويعقد أنصار الحجاب والنِّقاب مقارنةً مفادها أنَّ: “المرأة المحجبة والمنقبة مثل الحلوى غير المكشوفة والمرأة غير المحجبة مثل الحلوى المكشوفة يتجمع حولها الذباب”. وأسقطت السعوديات نظرية الحلوى المكشوفة عندما قلنَ: “عندما تفترض أنَّي حلوى سواءً كنت مكشوفةً أو مغطاة سأفترض أنَّك لست سوى ذبابة”.
وكثيراً ما تكون “تفاصيل” النساء في السعودية موضع محاكمة من مستخدمي تويتر في السعودية يتقدمهم رجال الدين الذين أطلق أغلبهم حسابات على الشَّبكات الاجتماعية لنشر الفتاوى وتخويف النِّساء خاصةً من عذاب الآخرة.
فهناك هاشتاغات تناقش تفاصيل العباءة والنِّقاب وأخرى تناقش قيادتهنَّ للسيارة، وحتى وظائفهن أطلقت هاشتاغات في شأنها لمناقشتها على تويتر الموقع الأكثر شعبية واستخداماً. ويذكر أنّ رجال الدين تفرَّغ أغلبهم لنشر الأدعية وسخَّروا حساباتهم لنشر الإعلانات.
