بعد سنوات من الخطف والمعاناة… تلتقي عائلتها من جديد

تقرير/ إيفا ابراهيم –

روناهي/ قامشلو ـ هاجم مرتزقة داعش قضاء شنكال عام 2014م وقاموا بقتل الأبرياء وسبي النساء واعتقال الرجال وذبحهم وخطف الأطفال وتشريد الأهالي، وجعلهم دروعاً بشرية, وكانت النساء الأكثر ضرراً من ممارسات داعش، فاستبيحت أعراضهن واغتصبت أحلامهن، وحلل مرتزقة داعش لأنفسهم بيع النساء وإجبارهن على تغيير دياناتهن واعتناق الإسلام.

بقيت القصص المروعة التي مرت بها النساء في شنكال محفورة في أذهان العالم أجمع، وبمجرد أن ترى وجوه نساء إيزيديات، فإنهن يتكلمن والدموع تملأ أعينهن من شدة الظلم والاستبداد الذي تعرضن له.

روت إحدى الشابات الإيزيديات لصحيفتنا قصتها مع داعش، وما واجهته من ممارسات وحشية طوال فترة احتجازها، الشابة فيروز حازم حسن ذات الثمانية عشر عاماً، من منطقة الوريدة بقضاء شنكال، كيف دخل مرتزقة داعش إلى شنكال واقتحموا المنازل كافة، واعتقلوا الأهالي ومن بينهم عائلتها المكونة من اثني عشر شخصاً، وكيف تم سجنهم في مدرسة تل اعفر، وأكدت أن غالبية المعتقلين كانوا من النساء والأطفال، حيث تم فرز النساء والأطفال في مكان والرجال في مكان آخر، وقالت: “بعد مرور عشرة أيام تم اختيار تسع بنات ليرحلوا بهن إلى الموصل”، ومن بين اختيارهن كانت فيروز! فأخذوها عنوة من والدتها، وقاموا بضربها وباءت محاولة والدتها الكبيرة في السن بحمايتها من المرتزقة وإبعادهم عنها بالفشل، لكن تم أخذهن وترحيلهن إلى مدينة الموصل العراقية، فبقوا هنالك يوماً واحداً ليبيعوهن في صباح اليوم التالي في أسواق النخاسة، وأشارت فيروز أن مرتزقة داعش قاموا ببيعها مع شابةٍ أخرى تدعى فاطمة إلى المرتزق المدعو أبو منصور الذي أخذهما لمدينة ديالى، واحتجزهما في أحد المنازل، وقام بوضع كلِّ شابةٍ في غرفة مختلفة، وأكدت أنه دخل لغرفة فاطمة وقام باغتصابها، بينما كانت تصرخ وتستنجد وتحاول الهروب، وقد هربت من بين يدي أبو منصور لتدخل إلى غرفة فيروز، فقام المرتزق أبو منصور بضربهما بالعصا والحجارة، ومن ثم أخذ فاطمة بالقوة واغتصبها ومن ثم اغتصب فيروز، وفي صباح اليوم التالي قام أبو منصور بالرحيل بهما وأخذهما إلى امرأة تدعى أم حاتم في مدينة ديالى لتعلمهن الصلاة والقرآن.

الاغتصاب والزواج القسري

تابعت فيروز روايتها بالقول: “في إحدى الأيام حاولنا الفرار، لكن تم اعتقالنا أثناء هروبنا، وبعد مرور يومين تم بيعي للمرتزق المدعو أبو جعفر ليأخذني إلى مدينة السعدية، ووضعني عند إحدى عوائل المرتزقة، ومن ثم تم بيعي للمرتزق المدعو أبو نعيم، فقام باغتصابي بالقوة والضرب والتهديد بالقتل، ومن ثم أخذني لمدينة الفلوجة عند زوجته لأكون جارية في منزله، واصفاً نفسه بأنه أمير”.

كان أبو نعيم يقوم بتهديد فيروز ويغتصبها دون علم زوجته، ويجبرها على رؤية أفلام قتل المرتزقة للرجال وذبحهم بالسكاكين كي تخاف وتجبر على الانصياع لرغباته، وبقيت فيروز على هذه الحال لمدة سنة.

بعد مرور سنة أخبرت زوجة أبو نعيم فيروزاً بأن تبقى في منزلهم بشرط أن يتم اغتصابها من قبل الزوج لتنجب لهم أولاداً وتربيهم على أنهم أولادها كونها عاقر، أو أن تتزوج فيروز وتخرج من بيتهم، فقررت فيروز أن تقبل بعرض الزواج، وعليه تم بيعها لشخص يدعى أبو سويب البالغ من العمر 19 عاماً، على أنها عذراء ويتيمة الأبوين وتريد الزواج، وبعد أن تزوجها واكتشف بأنها ليست عذراء، شرحت له فيروز كامل ما جرى معها، فقام الأخير بضرب أبو نعيم لأنه كذب عليه، وقرر أبو سويب الاستمرار بحياته مع فيروز كونها ليست الملامة بما جرى معها، وبعد مرور شهر أصيب الزوج بشظية في يده فقرر الرحيل برفقة زوجته فيروز إلى الموصل لتلقي العلاج، وحينها طلبت فيروز من زوجها أن تبحث عن عائلتها، لكنهما بحثاً في كل مكان ولم يجدوهم، لأن الكثير من الأهالي كانوا قد هربوا خوفاً من المرتزقة، فعادا مجدداً لمدينة الفلوجة، ومن ثم قرروا السفر إلى سوريا، ودخلوا عبر مدينة الرقة واستقروا في مدينة البو كمال عند إحدى عوائل المرتزقة، وهناك أنجبت فيروز ولدها الأول، وقامت العائلة بالاهتمام بها لحين ولادتها، وبعد مرور ستة أشهر أصيب زوجها أبو سويب بضربة شظية في رأسه وبقي في غيبوبة لمدة شهر وفقد ذاكرته بالكامل على إثرها، وأصبح غير قادر على تذكر أي شيء حتى عائلته، وأصيب بمرض عصبي شديد، وبعد مرور سنتين تذكر شيئاً فشيئاً، وخلال تلك السنتين أنجبت فيروز الولد الثاني.

تم قصف مدينة البو كمال فقرر الزوج الانشقاق عن مرتزقة داعش والذهاب للمناطق التي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ودخل لمدينة الطبقة بهويةٍ سوريةٍ مزورة، ولجأ إلى عائلة على أنهم نازحين إلى أن استأجر منزلاً، وفي إحدى الليالي أصيب أبو سويب بنوبة عصبية، فقامت فيروز باللجوء إلى أحد الجيران لأنه يصبح خطراً عند حدوث النوبة العصبية، وعند عودتها للمنزل صباح اليوم التالي ازدادت نوبته العصبية أكثر فأكثر كونها خرجت من المنزل دون علمه، وازدادت المشكلة سوءاً بينهما، وضرب أبو سويب العائلة التي بقيت فيروز عندها تلك الليلة، وفي تلك الأثناء استرجع كامل ذاكرته، وقام بترديد التكبيرات التي تعلمها من مرتزقة داعش، ومن ثم ألقت وحدات حماية الشعب القبض عليه، وبعد يومين تم تحرير فيروز التي روت لهم قصتها وبأنها إيزيدية وتم اختطافها، وقامت وحدات حماية الشعب والمرأة بالبحث عن أهلها واستطاعوا الاتصال بهم وإعلامهم بوجود ابنتهم لديهم، وفيروز الآن في انتظار رؤيتهم بعد سنواتٍ من الشقاء والمعاناة لتعود إلى حياتها الطبيعية التي سلبت منها على يد مرتزقة داعش.