التحرش بالنساء.. قاتل صامت؛ فهل من حلول..؟!

الحسكة/ كولي مصطفى ـ

فتيات يقبلن على العمل بهمة عالية لكنهن لا يعلمن ماذا ينتظرهن من مواقف تحرش في العمل، حيث أن هذه الظاهرة سببت الخوف والصمت لدى الكثير من الفتيات.

بعض الفتيات يتخرجن من الجامعة مبتسمات لغدٍ أجمل، وبعضهن يعملن أعمالاً حرة لإعالة عوائلهن، ولا يدركن أن خلف هذا العمل قد تحدث مواقف تحرش بالنساء، سواءً كان لفظياً أو جسدياً، وغالبية الضحايا يخترن الصمت خوفاً من أحكام المجتمع القاسية بحق المرأة.

تحرش وتحفظ

أسباب التحرش بالمرأة في العمل لا يمكن ضبطها بقائمة محددة، فالمتزوجة كما العزباء تتعرض للتحرش والفتاة التي ترتدي الحجاب ليست أقل تعرضاً للتحرش.

تعرضت (ل. س) من مدينة الحسكة والتي تبلغ من العمر عشرين عاماً لأحد مواقف التحرش، حيث حدثتنا عن ذلك بأنها بعد مدة قصيرة من عملها في محل ألبسة نسائية بشارع فلسطين تعرضت للتحرش من صاحب المحل، مضيفةً بأنها تعرضت لنوع التحرش باللمس واللفظ وأنها لم تقدر على الشكوى أو ترك العمل لأنها كانت بحاجة لموردها المادي لإعالة عائلتها.

لافتةً إلى أنها اتبعت أسلوب الصمت خوفاً من الفضيحة، فحسب قولها إن تشجعت وقدمت شكوى عليه فإنها ستخسر عملها، بالإضافة إلى أن المجتمع لن يرحمها، مؤكدةً بأنها إذا وجدت عملاً آخر فإنها ستترك هذا العمل، وأردفت: “التحرش جريمة عرضتني لآثار نفسية سلبية وخلقت لدي الخوف”.

كسرت حاجز الصمت

وفي السياق ذاته حدثتنا إحدى الناجيات (ك. ي) والتي تبلغ من العمر ثلاثاً وعشرين عاماً وتعمل عاملة في إحدى المؤسسات بمقاطعة الحسكة قائلةً: “أعمل لكي لا أمد يدي لأحد من عائلتي أو زوجي في المستقبل، فقوة المرأة تكمن في استقلالها المادي، ولكنني تعرضت للتحرش عن طريق اللمس في عملي من قبل المسؤول في العمل”.

مشيرةً إلى أنها في البداية كانت تصمت وتخاف، ولكن بعد مدة قصيرة لم تعد تحتمل تحرشه بها وقررت أن تواجهه، ومن هنا بدأت قوتها، وتقول: “واجهت الأمر الواقع حيث بدأت بالتحدث مع المتحرش ليتوقف عن مضايقتي، فبدأ بالخوف من قوة شخصيتي وتغيرت معاملته معي”.

موجهةً نصيحة لكل الفتيات، سواءً عازبات أو متزوجات بأن لا يصمتن، وتابعت: “السكوت عن التحرش والمتحرش جريمة، فالقانون في شمال وشرق سوريا يدعم المرأة ويقف معها ويجب أن نقف نحن بجانب القانون لوقف التحرش”.

آثار نفسية

وللتعرف على آثار وأسباب التحرش زرنا مركز الشهيدة أمارة للاستشارات النفسية التابع لهيئة المرأة والتقينا مع المرشدة خلات إسماعيل التي حدثتنا عن ذلك فتقول: “تتعرض الكثير من النساء والفتيات للتحرش الجنسي خلال حياتهن، وبالرغم من اختلاف أسلوب التحرش إلا أن الألم النفسي الناجم عنه يعتبر واحداً، ولا يزول بمجرد انتهاء التحرش، ولكنه قد يمتد لسنوات عديدة ويتم استدعاؤه بمجرد التعرض لموقف مشابه، وتعرف تلك الحالة “بالتروما النفسية”.

ويقصد بالتروما الصدمة النفسية الشديدة التي تحدث بسبب التعرض لحادث مفاجئ وأليم يسيطر على الشخص مما يولد الخوف والرعب الذي يسيطر على تفكيره وردة فعله، وقد يتسبب ذلك في الكثير من ظهور أعراض حادة، مثل: القلق والتوتر والخوف.

قد يؤدي إلى الانتحار

مضيفةً بأنه من الممكن أن يؤدي التحرش إلى نتائج سلبية جداً وخصوصاً إن لم تخبر المرأة أحداً عن ذلك أو لم تطلب المساعدة من شخص واعٍ، فإنها ستشعر بالذل وبالتالي تنعزل في أغلب الأحيان، وقد يؤدي ذلك إلى حالة اكتئاب شديدة نتيجة التفكير مما يؤدي إلى حالة الانتحار أحياناً.

وبحسب خلات فإن هناك أسباباً عديدة يمكن أن تؤدي إلى التحرش، وهي: الاضطراب السلوكي للمتحرشين، أي أن المتحرش ذو سلوك مضطرب بصرف النظر عن عمره أو مستواه الاجتماعي أو الثقافي وأيضاً يمارس المتحرش هذا السلوك كرد فعل، يعني إما أن يكون المتحرش قد  تعرض للتحرش في صغره أو نتيجة العنف الذي تلقاه في صغره، إضافة إلى التربية غير السليمة، ومن الممكن أن من أسباب التحرش الجنسي الأوضاع الاقتصادية والمادية، فعندما ترتفع نسبة البطالة والفقر يؤدي ذلك إلى عدم القدرة على الزواج، والسبب الأخير هو العولمة حيث لها تأثير كبير في انتشار هذه الظاهرة كسهولة الوصول للمواقع الإباحية.

مواجهة هذه الظاهرة

لافتةً إلى أن احتواء الفتاة وتشجيعها للحديث عن حياتها اليومية في العمل هو أول طرق لمواجهة التحرش، وأضافت: “فإذا تعرضت المرأة للتحرش الجنسي أو اللفظي يجب أن تتكلم لشخص يتفهمها ليستطيع حل مشكلتها كي لا تسوء حالتها وتصل إلى الاكتئاب والقلق، ومن إحدى طرق الوقاية التوجه للأطباء النفسيين أو المرشدين لتخضع الفتاة لعلاجها من الصدمة الناجمة عن التحرش، واستعادة الثقة بالنفس، وأيضاً يجب على المرأة أن تحافظ على خطوط ومساحات واضحة وآمنة من الخصوصية مع الزملاء في العمل بوجه عام وخاصةً الذين لا تشعر بالارتياح تجاههم”.