الشهباء/ فريدة عمر ـ أوضح الإداري في حزب سوريا المستقبل، لمقاطعة عفرين والشهباء، محمد بيرم، أن هجمات الاحتلال التركي على إقليم شمال وشرق سوريا، تستهدف مكاسب شعوبها ومشروعها الديمقراطي، وأن الدولة التركية المحتلة كانت الطرف الأكثر تدخلاً في الأزمة السورية، ولعبت دوراً تخريبياً في عسكرتها، واحتلت العديد من المدن السورية كعفرين، وسري كانيه، وكري سبي وغيرها، داعيا الأحزاب والقوى السياسية للعمل على إفشال المخططات، التي تستهدف شعوب المنطقة.
في خضم الفوضى العارمة، التي يشهدها عموم الشرق الأوسط، لتداعيات الحرب العالمية الثالثة التي تحدث بالوكالة على أرضها، والتي ولدت معها العديد من الأزمات، التي تعاني منها شعوب المنطقة.
في سياق متصل، تشهد مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، على وجه الخصوص، شن هجمات دولة الاحتلال التركي، وكان آخرها الهجمات الهمجية التي بدأت في 23 شهر تشرين الأول المنصرم، فاستهدفت المدنيين بشكل مباشر مسببة العشرات من الجرحى والشهداء، ومستهدفة البنية التحتية والمنشآت، التي تخدم المنطقة، في محاولة منها لإبادة شعوب المنطقة كافة، وسط صمت دولي مريب.
فإلى ماذا تهدف تركيا، ولماذا يصمت المجتمع الدولي، وما أهمية المقاومة الشعبية في رد هذه الهجمات؟ هذه الأسئلة وغيرها، كانت محور الحوار، الذي أجرته صحيفتنا، مع الإداري في حزب سوريا المستقبل، لمقاطعة عفرين والشهباء، محمد بيرم.
وجاء الحوار على الشكل التالي:
ـ في الوقت الذي تشهد فيه عموم منطقة الشرق الأوسط حروباً وصراعات، تشن دولة الاحتلال التركي هجمات موسعة على إقليم شمال وشرق سوريا، فما الهدف منها؟
نعم، حقيقة إن جغرافية الشرق الأوسط، أصبحت مركزا للحرب العالمية الثالثة، التي تديرها الدول الرأسمالية والمهيمنة على الأرض، والتي اتخذت هذه الجغرافية ساحة لتصفية حساباتها، وتطبيق مشاريعها الاستعمارية في المنطقة.
إلى جانب ذلك، إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، بما يتناسب مع مصلحة كل دولة على حدة، وما يحدث يكون على حساب مصلحة شعوب المنطقة، لذلك نرى اليوم حرب إسرائيل وحماس وحزب الله، والمواقف السياسية الضبابية بشأنها، تؤكد إن كل طرف يفكر قبل كل شيء بمصالحه الخاصة.
في خضم هذه الحرب والصراعات الدائرة، فإن مركز هذه الصراعات منذ سنوات طويلة، كان سوريا، فمنذ اندلاع الأزمة السورية، وحتى هذه اللحظة، هنالك دول تدخلت حسب مصالحها، وغيرت مسار الحراك، من ثورة شعبية مطالبة بتغيير النظام والحصول على الحقوق، إلى ثورة مصالح، بعدما تدخلت فيها تلك الدول وعلى رأسها تركيا وروسيا وإيران وغيرها من الدول.
دون أدنى شك، كانت تركيا الطرف الأكثر تدخلا وتأثيرا، وسرعان ما استغلت الفوضى العارمة على الأرض السورية، فحاولت تحقيق أجنداتها في المنطقة، وعملت على تجنيد المعارضين وتحويلهم إلى مرتزقة تحارب بها المناطق السورية، وحتى خارج سوريا، كما عملت على اقتطاع العديد من الأراضي السورية واحتلالها مثل: عفرين وسري كانيه، وكري سبي، وتعمل بكل طاقاتها على تغيير ديمغرافية تلك المناطق، فارتكبت فيها أكبر عمليات إبادة للشعوب، وخاصة سكانها الأصليون من الكرد.
ومع بداية الأزمة السورية، كان للكرد والشعوب المؤمنة بالديمقراطية والحرية، خيار آخر، في انتهاج الخط الثالث، عبر قيام ثورة روج آفا، ومن ثم الإعلان عن الإدارة الذاتية، إلا إن هذا المشروع الديمقراطي رفضه المحتل التركي والأطراف المعادية للكرد، ووجود إدارة شاركت في بنائها شعوب المنطقة، فسعى المحتل في مخططات خبيثة؛ لإفشال هذه التجربة، ورغم احتلال تركيا مدناً من إقليم شمال وشرق سوريا، فإنها تستمر بهجماتها المعلنة على شعوب المنطقة كافة.
وفي الآونة الأخيرة، كثف الاحتلال التركي هجماته على عموم إقليم شمال وشرق سوريا، مستخدما أسلحته الثقيلة، والطيران الحربي والمُسير، مستهدفا بشكل مباشر المدنيين، فأوقع العشرات من الشهداء والجرحى، كما استهدف البنية التحتية ومراكز النفط والكهرباء والأفران، والمنشآت الحيوية، التي تخدم سكان المنطقة، مستهدفاً المكاسب التي تحققت في إقليم شمال وشرق سوريا.
كما تعمل دولة الاحتلال التركي، على تصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج، وإشغال الرأي العام العالمي بما يحدث في المنطقة، لغض النظر عن مشاكلها الداخلية، فهي تعاني الكثير من الأزمات، وخاصة الاقتصادية، وفي كل مرة تهاجم مناطقنا الآمنة، تتحجج بذرائع لا أساس لها من الصحة.
ـ لماذا يلتزم المجتمع الدولي الصمت، حيال الهجمات التركية على إقليم شمال وشرق سوريا، وكيف تفسرون ازدواجية المعايير الدولية؟
في الواقع، لو قام المجتمع الدولي والجهات المعنية بما فيها منظمات حقوق الإنسان وسواها بواجبها، لما كنا شهدنا جرائم وهجمات متكررة في مناطقنا، وتركيا تستغل هذا الصمت، وترتكب الانتهاكات بحق شعوب المنطقة، دون حسيب أو رقيب، وإن أردنا أن نفسر ذلك، فإنه لا يدل سوى على الشراكة والرضا على كل ما يفعله الاحتلال التركي.
الأطراف كلها تجد مصالحها أساساً للعمل مع قضايا المنطقة، وهي بذلك تشجع تركيا وتصفق لها على قتل الكرد وارتكاب المجازر بحقهم، وبحق الشعوب الأخرى، والتاريخ شاهد على المجازر، التي حدثت بحق الكرد، سواء في حلبجة، أو وادي زيلان، أو روبوسكي، أو عفرين، وسري كانيه، وكري سبي، واليوم تستهدف مناطق شمال وشرق سوريا، تحت أنظار العالم، لذلك ليست فقط تركيا مسؤولة عن هذه الجرائم، إنما نحمل الأطراف، التي تلتزم الصمت حيالها.
ـ ما المطلوب من الجهات والمنظمات الحقوقية والقانونية والمؤسسات المعنية، حيال هذه الهجمات؟
إن الضغط على الجهات المعنية، وتوثيق الجرائم، التي ترتكبها تركيا، وإيصالها المحافل الدولية، واجب أساسي على الجهات القانونية والدبلوماسية في المنطقة، وإيصال صوت شعوبنا للخارج، هذا لا يعني أن المجتمع الدولي لا يعلم بما يحدث، لكن المطلوب هو محاسبة تركيا وفق القانون والمواثيق الدولية، وتوثيق تلك الانتهاكات والجرائم، وإرسالها للجهات المعنية، وإن لم يتم محاسبتها عند ذلك يكون المسؤول الأول عما يحدث هو المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية.
ـ ما تقييمكم للمقاومة الشعبية في إقليم شمال وشرق سوريا، ودفاعهم المستميت عن أرضهم، على الرغم من استمرار هجمات الإبادة بحقهم؟
في البداية، يجب أن نحيي هذه المقاومة العظيمة، وأن نثني على المواقف الثورية، التي تبديها شعوب المنطقة في كل مرة، يظهر دعمها ووقوفها مع الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية، في وجه أي عدوان أو هجوم محتمل على المنطقة، إن شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، تدرك تماما أن فلسفة الأمة الديمقراطية، هي التي جمعتها تحت مظلة واحدة، وهي الخيار الوحيد للوقوف في وجه هذه الهجمات العدائية ومخططات الإبادة.
شعوب المنطقة تجدد عهدها، بالسير على نهج شهدائها، الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن أرضهم وشعبهم، معتمدين على مبدأ حرب الشعب الثورية، لإفشال تلك المخططات التي تستهدف الإدارة الذاتية وشعوب المنطقة كافة، وفي النهاية الشعب هو الذي ينتصر على الفاشية.
ـ كيف تقيمون دور الأحزاب القوى السياسية في هذه المرحلة الحساسة، وماذا يتطلب لتفعيل دورهم بشكل أكبر في المراحل المقبلة؟
في الواقع، أن أي حركة أو حزب أو قوة سياسية، لا تستطيع خدمة شعبها، وقضيته العادلة وفق مصالح شعبه، غير جديرة بأن تمثله في أي مكان، لذلك نحن نقيم محاولات بعض الأحزاب السياسية في إقليم شمال وشرق سوريا، ومواقفها الواضحة بالجيدة، لأننا في ظل ما نمر به كما ذكرتكم، بحاجة إلى مواقف واضحة تخدم مصالح شعوبنا ومقاومته في وجه الهمجية التركية.
بغض النظر طبعا عن بعض الحركات أو الأحزاب الأخرى التي وضعت يدها في يد الأعداء، في ظل هذه الأوضاع، التي تمر بها عموم مناطقنا، لذلك بدءا من الأحزاب الكردية خاصة، وجميع الأحزاب التي ترى بأن مبادئها الأساسية التي أسست عليها، هي خدمة لشعوب المنطقة، عليها العمل لتوحيد الموقف والصف ضد العدوان التركي، وبالسبل المتاحة.
كما نأمل من الشخصيات والأحزاب الوطنية، والغيورين على مصلحة الشعب السوري، بالسعي لإقامة حوار سوري ـ سوري، كي نجمع الشعوب والأطياف السورية على طاولة واحدة؛ لأننا نحن أصحاب الأرض والحل بأيدينا، وليس بأيدي الأطراف، التي تجتمع على طاولة الحوار في أماكن أخرى، وبالأساس تلك القوى ترى مصالحها في إطالة عمر هذه الأزمة، ولا نعدها ممثلة للشعب السوري، وعلى العكس تماماً هي من وضعت يدها في يد أعداء الشعب السوري، وهي التي ساهمت في تعقيد الأزمة السورية وبقائها دون حل حتى الآن.