وسط مخاضٍ عسير؛ تمرّ سوريا بمرحلة عصيبة، لا حل جدير بأن يتم تسميته بالملبي لحاجات السوريين، لا تركيز على الحل ولا حتى هناك رغبة في التقرب من شكل الحل المأمول في سوريا. ناهيك عن حجم الفوضى السياسية والعسكرية ودور البعض من القوى التي تعبث هنا وهناك محولة سوريا لساحة دلالاتها المشارة على أنها سورية؛ تنعدم خاصة في مناطق وجود الدولة التركية في سوريا ومرتزقتها.
هذه الأزمة وصعوبة حلها والتعقيد الموجود لم يأت صدفة كما أن العراقيل والعوامل التي فتتت هذا البلد ليست من العدم أيضاً. كل هذا التطورات تمثل مشاريع لها غايات وأهداف ولا يمكن أن يمثل أيٌّ من هذه المشاريع الحل ومستقبل الديمقراطية في سوريا.
في شمال وشرق سوريا – روج آفا؛ لا حاجة لأن يكون هناك جهد كبير في معرفة حقيقة الجهود الموجودة على الساحة السورية، لكن هناك من يريدون تجاهل هذه الحقائق ويسوقونها على أنها خطر لا حدود له في سوريا؛ الثورة التي انطلقت في 19 تموز 2012 في شمال وشرق سوريا – روج آفا من مدينة كوباني رمز المقاومة والمستمرة حتى الآن؛ حققت ما عجز عنه كل أصحاب تلك المشاريع المذكورة، ثورة تمثل قيمة الإنسان في بلده، هويته، وجوده، دوره وإرادته، كذلك تمثل كل الشعوب، بحيث لا أحد يجد نفسه غريباً عن هذه الثورة؛ لما تحتويها من مبادئ هي الأساس في الأخوة والعيش المشترك.
ثورة 19 تموز التي تمثل انطلاقة للحل الديمقراطي في سوريا؛ تمثل قيم ونضال المرأة الحرة ضد فكر الهيمنة الذكورية وتلك القوى التي تدعي المطالبة بمشاريع الحل في سوريا ولكنها تبطن في نفسها الفتن والكراهية والدمار والتعصب وحتى الصراع الأهلي، كذلك ثورة 19 تموز تناضل خارج الأطر الضيقة التي تلازم الكثير من الأطراف اليوم في سوريا، وهذه الأطر هي السبب الرئيس فيما تؤول إليه الأوضاع في سوريا ولا تزال تتعمق.
الحرب على من يمثل هذه الثورة وفي ظل الإنجاز الكبير الذي تحقق في القضاء على داعش الذي كان يمثل حزام النار الذي لف حول عنق العالم أجمع؛ هي حرب على سوريا وشعبها ومستقبلها، حربٌ على الديمقراطية الناشئة في سوريا، حرب على وحدة الشعوب وتعاضدها. قيم ثورة 19 تموز التي انطلقت باسم الديمقراطية تتجلى اليوم في مكاسب تاريخية تعم ساحة شمال وشرق سوريا علناً وتعكس حالة التنظيم والبناء الذاتي، الحالة التي تحتاجها سوريا والسوريون، ولا تكاد تمثل أي جزء من الغرابة عن الواقع السوري حسب زعم المطبلين للباطل.
بروح 19 تموز وعنفوانها؛ ستتحقق الديمقراطية. بروح 19 تموز؛ ستحرر كل المناطق التي تحتلها تركيا اليوم وتتخذ منها ولايات؛ التي تمارس منها وعليها حكمها الذي يلغي الهوية السورية والانتماء السوري ويتم حياكة كل المخططات ضد الشعوب وإرادتها وثورتها الديمقراطية.
مبادئ ونتاج وفكر ثورة 19 تموز؛ أرضية حل عملية للحل والتوافق السوري. بالمبادئ ذاتها التي انطلقت من أجلها ثورة 19 تموز يجب أن تُبنى سوريا الديمقراطية الجديدة؛ سوريا التي يجب أن يعيش فيها الجميع سواسية ولا فضل لأحد فيها على أحد. سوريا بحاجة اليوم إلى تلك المبادئ؛ من أجل كشف زيف من ادعوا الانتماء السوري وفعلوا ما فعلوا بسوريا. كذلك مبادئ 19 تموز أساس هام لترسيخ القوة لدى عموم الشعوب التي تناضل اليوم تحت مظلة الأمة الديمقراطية، والتي بها سيتم حل القضية الكردية بشكل عادل وتتحقق وحدة الموقف الكردي، إضافة لمعالجة كافة القضايا العالقة والمتجذرة في سوريا. إنها ثورة انتصار غير تقليدية؛ كونها انطلقت من واقع كانت خيارات التغيير فيه معدومة تماماً، واليوم ثورة 19 تموز تمثل بوابة التغيير المطلوب.