No Result
View All Result
المشاهدات 1
أ. مي رضوان السلوم (كاتبة سورية)
د. محمد فتحي عبد العال (كاتب وباحث وروائي مصري)
ثريا أم لطفلة تدعى “هند”، وكانت ترعى ابنتها الصغيرة، وتخشى عليها من الأمراض، وبخاصةً نزلات البرد الشديدة، فإذا ما لاحظت عليها بدايات أعراض الزكام، حتى سارعت إلى الصيدليات لجلب مضاداتٍ حيوية لها، لكن مع الوقت بدأت تعلم أضرار ذلك.
وذات مرةٍ ذهبت ثريا إلى ندوة صحية تثقيفية، أقامتها المكتبة المركزية بمنطقتها، وكانت الندوة تدور حول حالات نزلات البرد والزكام، وكانت تحاضرها الدكتورة “ولاء”، وهي استشاريةٌ في طب الأطفال، حيث بدأت الدكتورة بشرح المحاضرة قائلةً: “بدايةً أيها الأحباب، نزلات البرد، أو ما نسميه “الزكام” هو عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي العلوي “الأنف والحلق”، وينتقل من شخصٍ مصاب إلى شخصٍ آخر عبر الهواء والمخالطة، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة، مضيفةً، وأود في هذا المقال أن أضع تحت كلمة “فيروسية” ألف خط”.
مكمن الخطر
وقولها هذا أثار جدل الحاضرين، حيث سألوها، لماذا يا دكتورة؟!!
فأجابت الدكتورة ولاء قائلةً: “هنا مكمن الخطر، فالناس يخطئون في فهم نزلات البرد، وكذلك بعض الممارسين الصحيين، ممن يشدون من أزرهم في طلب المضادات الحيوية بمجرد إصابة أبنائهم بعلامات البرد”.
فقامت ثريا برفع يدها مستأذنةً الدكتورة لتشارك وتستفسر، بقولها: “أذهب للصيدلية بشكل دائم لجلب مضاداتٍ حيوية لابنتي هند، وذلك عندما ألاحظ عليها بعض أعراض البرد، وسرعان ما تتحسن ابنتي عليها”.
حيث أجابتها الدكتورة ولاء: “هذا هو مبعث الخطأ يا أستاذة ثريا، فما أود التحدث عنه الآن وأريد إيصال فكرته لكم، هو عدم إعطاء المضادات الحيوية لأطفالكم دون وصفة طبية، أو دون رقابة، فوصفها في غير حالاتها المناسبة، قد يسبب كارثةً حقيقية، ألا وهي ظاهرة “مقاومة المضادات الحيوية”، والتي تهدد بموت الكثيرين”.
فسألتها ثريا: إذاً، وما الصواب يا دكتورة؟
أجابتها الدكتورة: “الصواب ما أخبرتكم به في البداية، فإننا في حالات نزلات البرد، نكون أمام عدوى فيروسية لا تتطلب مضاداتٍ حيوية، لذا فحينما تداهم أبناءكم أعراض البرد “كسيلان الأنف واحتقانه، والعطاس، والحمى، والسعال، وفقدان الشهية، وتغير لون إفرازات الأنف، والتي قد يبدأ بشكل طبيعي، ثم يتحول للأصفر، والأخضر، وهنا ليس عليكم سوى مراجعة طبيبٍ مختصٍ، وعادةً ما يكون الإصابة بالبرد الخالية من المضاعفات، لا يستدعي العلاج، وقد يختفي تلقائياً في غضون أسبوع، أو أسبوعين كحد أقصى، وقد يحتاج علاجاً بسيطاً للغاية في بعض الأحيان”.
فقامت ثريا لتسأل الدكتورة، ومتى يكون المضاد الحيوي ضرورياً؟!
فأجابتها الدكتورة: “هذا فقط في الحالات، التي تصاحبها إصابة بكتيرية، وهي نادرةٌ جداً، ويحددها الطبيب المختص وحده، وليس الصيدلاني كما ذكرت، حتى لا نعاني أكثر من فوضى المضادات الحيوية”.
مضيفةً: “فالإفراط في الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية لعلاج الأمراض البسيطة، يحفز البكتريا على ارتياد طريق المقاومة، وعدم الاستجابة للمضادات الحيوية؛ ما يفقد هذه المضادات كفاءتها في علاج الحالات الخطرة، والتي لا غنى لنا حينها عن المضادات الحيوية؛ ما يهدد حياة الكثيرين آنذاك”.
وسأل أحد الحاضرين أيضاً: “طفلي يعاني من نزلات البرد كثيراً، فهل من سبيل للوقاية منها؟
أجابته الدكتورة ولاء: “لا سبيل لإيقاف نزلات البرد الموسمية، ولكن هناك وسائل عدة للحد من آثارها الوخيمة أحياناً”.
وتابعت الدكتورة قائلةً: “فالأطفال هم أكثر عرضةً لنزلات البرد، وذلك لأن جهازهم المناعي لا يزال في طور التكوين، ولم ينضج بعد، وغير جاهز ليتعامل مع صنوفٍ مختلفةٍ من العدوى، لذا فينبغي عزلهم عن أي شخص مصاب، وخاصةً الرضع منهم، ووجوب غسل اليدين بالماء والصابون، لمدة لا تقل عن 20 ثانية، أو بمعقمٍ لليدين، وكذلك تنظيف ألعاب الأطفال والمستلزمات الخاصة بهم، وكافة الأسطح القريبة منهم، والأهم من ذلك كله، هو تقيد أفراد الأسرة المصابين باستخدام المناديل عند السعال أو العطاس”.
وفي ختام المحاضرة قالت الدكتورة ولاء: “وتذكروا يا أعزائي أن الوقاية دوماً خيرٌ من العلاج”.
No Result
View All Result