سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

يا وجع بيروت..!! ترى هل ينهض طائر الفينيق من رماد احتراقه!؟

رجائي فايد –

ترى هل وجدت بيروت في المكان الخطأ، والزمان الخطأ، فنحن لا نشبهها وهي لا تشبهنا، ولذلك حدث لها ما لا تستحقه، وكأن ما حدث لها (نجازاكي القرن الـ 21) يؤكد على خطأ المكان والزمان، فلبنان التي قدمت للمنطقة أروع صور التعايش بين كافة مكوناتها، على عكس حالنا، ولولا تدخلاتنا ومؤامراتنا، ومؤامرات الآخرين في شأنها الداخلي، لبقى لها كل روعتها التي كانت، ليس هذا فحسب، إذ تحالفت تلك المؤامرات، مع التحالف الشره لأمراء الطوائف، الذين يتكالبون للفوز بأكبر نصيب من كعكتها، وبسببهم حل الاحتراب الداخلي بدلاً من التعايش، ولكن لأن لبنان كالعنقاء (طائر الفينيق الإغريقي) الذي يعيش في منبت الشمس، ومن رماد احتراقه تتولد أفراخه من جديد، لذلك سريعاً ما ينفض عن نفسه غبار الاحتراب، ويضمد الجراح، ليعود لبنان إلى لبنان، صورة مشرقة لا تستحقها منطقتنا، وللتأكيد على ما أقول أسأل، هل توجد في منطقتنا، وربما في العالم بأسره، شعب عاش بلا حكومة لأكثر من عامين، دون توقف لدولاب الحياة، الذي عند أهل لبنان لابد أن يستمر، وكأن هذا الشعب بسلوكه الحضاري، يقول لمن يتصارعون على الفوز بكعكة الحكم (لا حاجة لنا بكم، فالعيش بدونكم أفضل)، هل يوجد في منطقتنا شعب انفتح على العالم، وتعايش مع تبايناته كشعب لبنان، لقد ساهم في ترجمة إنجازات العالم في كافة العلوم والمعارف، وقدمها لمنطقتنا على أمل النهوض بها، فمعظم المطبوعات، من كتب كانت تترجم من قبل مترجميها في بيروت، وتطبع وتنشر في مطابعها ودور نشرها، إن أكبر مؤسسة صحفية في المنطقة، وهى مؤسسة الأهرام كان مؤسسها اللبنانيان (سليم وبشارة تكلا)، كما أن للبنان دور كبير في نشأة ونهوض السينما والفن في مصر والمنطقة، من خلال المنتجين والفنانين، أمثال مارى كوينى، آسياداغر (التي أنتجت أحد أضخم الأفلام المصرية “الناصر صلاح الدين”)، نور الهدى، صباح، لور دكاش، محمد سلمان، سعاد محمد، بشارة واكيم، فيروز والأخوين رحباني، أسمهان، فريد الأطرش، والقائمة طويلة، لقد كانت بيروت أحد أهم المراكز التجارية إقليمية لمعظم شركات توزيع الأفلام العالمية، ومنها كانت توزّع الأفلام إلى الشرق الأدنى وإيران وتركيا وصولاً إلى باكستان وأفغانستان، وكان لها أيضاً الدور الأكبر في الحركة الثقافية لأدباء المهجر، ونذكر منهم، جبران خليل جبران، أمين الريحاني، ميخائيل نعيمة، ايليا أبو ماضي، كما تمكن لبنانيون مهاجرون، من تولى مراكز سياسية مرموقة في أمريكا اللاتينية وبعضهم وصل إلى رئاسة بعض دولها.
 ولجمال وطن لبنان، فقد انطبع هذا الجمال على فتياته، لتتوج ملكة لجمال الكون لمرتين، فهل يستحق هذا الوطن الجميل كل ما جرى له؟، إن الحديث لا ينتهي عن لبنان وأهل لبنان وإنجازاتها الحضارية، لكن ما حل بأهل لبنان وحاضرتها بيروت من دمار وخراب لم يكن له أحد يتوقعه، بل إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي سبقت ذلك الدمار ومازالت، كنت على ثقة من أن لبنان سيجتازها، لكن ما حل ببيروت هو أمر فوق احتمال أي شعب، فهل سيبعث طائر العنقاء أو الفينيق الإغريقي من جديد، فتولد بيروت من رماد احتراقها، أو أن الخلاص يكمن في تخلص الشعب من أمراء طوائفه بفسادهم، أم في العودة إلى زمن الحماية الفرنسية.