تعد سرقة وتجارة الأعضاء البشريّة من أفظع الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، ويفقد سنويّاً الملايين من الناس حياتهم جراء هذه التجارة. وبخاصة في مناطق الحرب والنزاعات المسلحة، ويعتبر الأطفال اليتامى في المناطق المحتلة من أكثر ضحايا هذه التجارة، وقد بدأت الدولة التركيّة بهذه التجارة مع بدء الحرب في سوريا، وهي أهم مناطق انتعاش عصابات تجارة الأعضاء البشريّة في العالم.
حادثان متتاليان
ذكر موقع عفرين بوست في 10/8/2020 أنّه علم من مصادره أنّ المواطن الكرديّ نضال بركات (38 عاماً) من أهالي ناحية جنديرس الحارة التحتانية، وكان مقيماً في مدينة مرسين في تركيا، أحسّ بألم جانبيّ عرضيّ واشتباه بمشكلة بالكلية، فراجع على إثرها المشفى للاطمئنان، فأدخلوه غرفة العمليات، ومنعوا عنه الزيارة على مدى عشرة أيام، فيما كانت عائلته تسأل عن حالته يومياً دون إجابة شافية، وفجأة أخبروهم أنه تُوفي، وعلمت عائلته أن عملية جراحة طولانية قد أجريت على جسده اعتباراً من رقبته حتى البطن، وبات جسده خاوياً بعد إفراغ أحشائه من كل الأعضاء الداخلية وتم تخييط مكان العملية بشكل أخرق باستخدام خيط سميك، فيما مُنعت عائلته من تصوير الجثمان، الذي أُحضر إلى بلدته جندريسه، لتقوم سلطات الاحتلال بالإشراف مباشرة على دفنه.
في 5/8/2020 أفاد مراسل “عفرين بوست” في المركز، بأنَّ الجندرمة التركيّة سلمت جثة الطفل خليل نهاد شيخو (15 عاماً) إلى ذويه في قرية فيركان بناحية شرا، وهي خاويةً، بعد سرقة أعضاء جسده، وذلك بعد يومين من قتله على الحدود من قبل حرس الحدود التركي. وأفادت قريبةٍ للطفل أن الجندرمة وبعدما قتلت الطفل نقلته إلى الجانب التركيّ، وسرقت أعضاء جسده، وسلمت جثمان الطفل إلى عائلته في اليوم الثاني عصراً، خاوياً من الأعضاء الداخليّة، وأشارت إلى أنّ علامات التخييط تظهر على الصدر.
وكان الطفل الكُرديّ خليل شيخو من قرية “فيركان” التابعة لناحية شرا، يحاول عبور الحدود، عندما أوقفت الجندرمة سيارتهم وأطلقت الرصاص عليهم، وقتلت الطفل فوراً، دون أيّ سؤال، ولم تسلم جثته لذويه حينها.
سرقة الأعضاء في عفرين
في 21/12/2018 نشر موقع عفرين بوست عن ناشطين كرد من إقليم عفرين المحتل أنّ الاحتلال التركي قام بسرقة الأعضاء من أجساد جثامين الشهداء الذين قضوا في التفجير الإرهابيّ الذي ضرب سوق الهال في مدينة عفرين في 31/10/2019 والذين تم إجلاؤهم إلى المشافي التركيّة. وأفادت عائلة أحد الضحايا أنّها لاحظت وجودَ آثار أعمال جراحيّة بمنطقة البطن وجرى تخييطها، رغم أنّ الإصابات كانت في مناطق أخرى؛ ما أثار شكوكهم حول سرقة أعضاء فقيدهم.
نشر موقع صوت الدار في 28/3/2019 عن مصادر خاصة من مدينة عفرين أن منظمات تركية تقوم بعمليات جراحية لأهالي المدينة مجاناً ليتم فيما بعد اكتشاف عمليات استئصال أعضاء من المرضى الذين عالجتهم هذه المنظمة داخل المشافي التركيّة، وتبين بأن عدد الحالات الواردة إلى مشفى عفرين خلال أيام قليلة سبع حالات أجريت لهم عمليات جراحيّة داخل الأراضي التركيّة في أواسط شهر كانون الثاني وشباط 2019 وجميعهم كانوا يعانون من نقص تروية إلا أنَّ مؤسسة “إدارة الكوارث والطوارئ التركيّة” (آفاد) أرفقت تقارير وهميّة عن تضرر أجزاء من الكلية لديهم وضرورة إجراء عملية جراحيّة لهم.
وتفيد المصادر بأنّ فرع مؤسسة (آفاد) التابعة مباشرةً للحكومة التركيّة يستقبل المرضى في المركز الكائن وسط مدينة عفرين، ويجري الفحوصات الطبيّة اللازمة ويحوّل حالاتٍ إلى تركيا ليتم استئصال الأعضاء، وقد تعرض أفراد من عشرات العوائل لسرقة الأعضاء.
نشر موقع الحل في 4/8/202 تقريراً بعنوان “جثث مريبة: هل تتم سرقة أعضاء المصابين السوريين في المشافي التركية؟ وذكر التقرير شهادة “أبو جميل”، وهو مزارع ستيني من عفرين، فضّل عدم الكشف عن اسمه، خوفاً من تبعات شهادته، تحدث عبر تطبيق “واتس اب” عن «إصابة قدم ابنه في تفجير سيارة مفخخة العام الماضي في مدينة عفرين، ونقل بعدها لتركيا، ولم يستطع الأب معرفة المشفى الذي نُقل إليه، ليتفاجأ بعد أيام باتصال من أحد الناشطين، يخبره بضرورةِ المجيء إلى تركيا لاستلامِ جثة ابنه. ويضيف أبو جميل: “ذهبنا واستلمنا الجثة، وقمنا بدفنها. وكما يحدث مع الجميع، أتانا ببطن مفتوحة”.
سرقة الأعضاء في تل أبيض ورأس العين
نشر موقع صدى الواقع السوري خبراً في 4/7/2020 عن إقدام مجموعة المدعو حمزة شاكر التابعة لميليشيا السلطان مراد على قتل الطفلة ريماس محمد (تسع سنوات) من أهالي سري كانيه وتسليم جثتها للسلطات التركيّة حيث تمت سرقة أعضائها الداخليّة في مستشفى تركيّ ثم سلمت الجثة لاحقاً لذويها.
في 25/11/2019 أكد “المرصد” المعارض وجود شكوك في منطقة تل أبيض حول عمليات اتجار بأعضاء بشرية يقوم بها جيش الاحتلال التركي والفصائل الموالية له في المناطق التي احتلها مؤخراً في تل أبيض، مستغلين تشريح الجثث في المشافي التركيّة.
نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في تشرين الثاني 2019 تقريراً عن عمليات تجارة أعضاء بشريّة يقوم بها جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في المناطق التي خضعت لسيطرتهم في “تل أبيض”، مستغلين تشريح الجثث في المشافي التركية، حيث نقل المصدر عن مصادر موثوقة، أن أحد ضحايا التفجير الإرهابي الذي وقع في تل أبيض وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات، تم إسعافه ونقله إلى المشفى، إلا أنه عاد جثة هامدة. وبحسب ما قالت المصادر؛ فإنّ أحد أصحاب مخازن قطع غيار السيارات، ويدعى (ف.ط)، أُصيب في الانفجار الذي وقع في تل أبيض، وجرى إسعافه ونقله إلى المشفى وكان حياً واعياً ويمشي على قدميه ولم يكن يعاني سوى من إصابة في يده، ولكنهم أعادوه جثة هامدة وبطنه مفتوح وتعرض للخياطة بطول الجرح، وسط شكوك حول سرقة الأعضاء الداخلية له.
شاهد حي
أطلق حراس الحدود التركيّ النار على المواطن باسل محمد نذير (28عاماً) من مدينة الدرباسية، أثناء محاولته، مع سبعة عشر شخصاً، العبور بطريقة غير شرعية إلى تركيا، بقصد العمل، وأصيب بطلقة بقدمه اليمنى، وتم القبض عليه، واقتياده إلى المخفر الحدوديّ، ونُقل، بعد تعرضه للتعذيب، لمشفى تركي. يقول: “راودتني الشكوك بعد ملاحظة أنَّ جانبي الأيمن عليه علامات خياطة، فعرضت نفسي على طبيب، بعد تزايد حالات الضعف والمرض التي تنتابني، وفوجئت به يخبرني أنّي بكلية واحدة، وأن كليتي اليمنى قد سُرقت”، حسبما أكد “نذير”، في حديثٍ لموقع “الحل نت”، أدلى به بعد عودته إلى بلدته.
وكر لحفظ الأعضاء المسروقة بريف إدلب
في 30/7/2020 عُثر داخل أحد أوكار المسلحين في قرية الغدفة شرق منطقة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي على عدد كبير من الأعضاء البشريّة محفوظة بمادة “الكلوروفورم”، فقد حوّل أحد الأطباء منزلًا، إلى مختبر طبي بدائيّ. وعثر بداخله على عدد كبير من العبوات الشفافة تحوي أعضاء بشريّة، منها رأس وعيون وقلوب ورئات وأكباد وكلى وأحشاء أخرى، محفوظة في محلول الكلوروفورم”.
شهادات وتقارير حقوقيّة ودوليّة
تتصدر تركيا قائمة الدول التي تنتشر فيها جرائم الاتجار بالأعضاء البشريّة، في ظل تقارير دوليّة شبه دائمة، عن استغلال تركيا اللاجئين السوريين في تلك التجارة ونتيجة الصراع الدمويّ في سوريا، الذي أدى إلى تدمير البنية التحتية للبلاد، ومنها المستشفيات ومعامل الأدوية.
في 18/6/2019 قال موقع العرب: “تركيا تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث احتضانها لعصابات الاتجار بالبشر”. ونقل الموقع عن تقرير لمؤسسة “ويلك فري” الأسترالية أن تركيا تحتل المرتبة الأولى على مستوى أوروبا في تجارة الأعضاء البشرية، وخاصة الكلى والقرنية وأجزاء من الكبد.
نشر موقع اليوم السابع في 28/7/2019 نقلاً عن مواقع تركيّة معارضة أن نحو 160 طفلاً سوريّاً اختفوا في ظروفٍ غامضة خلال عام ونصف بتركيا، وأنّ تجارة الأعضاء للأطفال منتشرة في تركيا، وتتراوح أعمارهم ما بين 10 و18 عاما. موضحة أن هذه الظاهرة تمثل حالة رعب في الشارع التركيّ.
في عام 2018 قدّم النائب في البرلمان التركيّ عن حزب الشعوب الديمقراطيّ محمد علي أصلان مذكرة استجواب بحق رئيس الوزراء التركيّ حينها بن علي يلدريم تضمنت سبعة أسئلة، حول ما يتعرض له أطفال سوريون، من تجارة بأعضائهم وحمّل حزب العدالة والتنمية المسؤوليّة.
وأشار تقرير لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة صدر عام 2017 بأنّ نحو 17 ألف طفل لاجئ اختفوا في ظروف غامضة، ورجّح البعض أن يكونوا تعرضوا لعمليات خطف، بهدف سرقة أعضائهم.
في 17/5/2016 قال موقع RT إن تحقيقاً استقصائيّاً أجراه موقع “نيوز ديبلي” بالتعاون مع “إنترناشيونال ميديا سوبورت”، كشف أنّ السوق السوداء لبيع أعضاء السوريين عبر العالم كقطع تبديل فاقت تجارة الزواج بالقاصرات وعمالة الأطفال والتسول، لتطال نحو 18 ألف سوري خلال الأربع سنوات الأخيرة.
وفي عام 2015 أعدّ النائب عن حزب الشعب الجمهوريّ الدكتور محمد شكر بحثاً عن عصابات تجارة الأعضاء البشرية التابعين للدولة التركيّة، وجاء في البحث: “تؤكد الوثائق أن الدولة التركيّة ومرتزقة جبهة النصرة وداعش والجيش السوريّ الحر، يديرون شبكات سرقة وتجارة الأعضاء البشرية في رها وديلوك وهاتاي”.
ووثقت جهات حقوقية عام 2014 وجود 18 ألف حالة تعرضت لسرقة أعضائها في شمال سوريا، واتضح أنهم أجروا تلك العمليات في تركيا، وأكّدت في حينه أنّ “الرقم لا يمثل إلا شيئاً يسيراً من الحقيقة”.
تقارير إعلاميّة
في أيار الماضي؛ أجرت شبكة “سي بي إس” الأمريكيّة، تحقيقاً صحفيّاً بعنوان “بيع الأعضاء للبقاء على قيد الحياة” دعمته بفيلم وثائقي مدته خمس دقائق. ورصدت فيه الاتجار بالأعضاء البشرية وكيف وقع لاجئون سوريون ضحية ذلك مقابل الحصول على مبالغ زهيدة، ومن خلال شهادات ضحايا وبواسطة كاميرات خفية تأكدت هذه المزاعم. وكشف التحقيق أن عمليات بيع الكلى والكبد تجري من خلال جهات فاعلة في السوق السوداء، وتستهدف العائلات الفقيرة وغالباً ما يتم خداعهم بالمبالغ المالية التي يوعدون بها عقب الانتهاء من عملية الاستئصال، إذ يختفي الوسيط دون إتمام دفع كامل المبلغ.
كشف تقرير لموقع أي دي دبليو الألمانيّ، الأحد 26/11/2017، أن السلطات التركيّة متورطة في تهريب الأعضاء البشرية للجرحى السوريين الذين يصلون إلى الأراضي التركيّة. وأضاف التقرير أنّ السلطات التركيّة تقوم بنقل الجرحى الشباب من السوريين من الذين يدخلون إلى تركيا إلى المستشفيات في مدينتي أنطاليا وإسكندرون في سيارات تحرسها الشرطة والمخابرات التركيّة. وتابع أنّ الجرحى المصابين يجرّدون من أعضائهم بعد تخديرهم ليتم قتلهم لاحقاً ودفنهم في الأراضي التركيّة أو إرسالهم إلى الحدود، ومعظم الأعضاء التي يتاجر بها هي الكبد والكلى والقلوب وتُعطى للأشخاص الذين ينتظرون العلاج في تركيا.
بدورها؛ قالت صحيفة الديار اللبنانيّة: “تركيا ترتكب جريمة العصر” وكشفت بالتفاصيل كيف تركيا تأخذ أعضاء الجرحى السوريين بعد قتلهم. وقالت: “إنّ المواقع العلميّة الأوروبيّة المعروفة بمصداقيتها كشفت عن أعمال سرقة الأعضاء البشريّة التي جرت في احدى المستشفيات في أنطاليا”، مشيرة إلى أنّ عمليات زرع الأعضاء قد زادت في تركيا خلال العامين الماضيين. إلى مستشفى أنطاليا وهاتاي، حيث تأخذهم سيارات تركيّة محروسة من شرطة تركية ومخابرات تركيّة فيجري تخديرهم وسحب الأعضاء من أجسامهم وقتلهم بعد ذلك. ودفن أكثريتهم في الأراضي السوريّة بحجة أنّهم لا يستطيعون إرسالهم إلى قراهم، وبيّنت” :إنّ الأطباء السوريين الذين قدموا من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا لمعالجة الجرحى عثروا على أعضاء مسروقة من بعض الجرحى ولكنهم منعوا من الحصول على أيّ معلومات من الجيش التركيّ”.
وأكدتِ الصحيفة أن “من بين 62 ألف جريح مدنيّ وعسكريّ نقلوا إلى تركيا، تم استئصال أعضاء 15.622 منهم، وأعيدوا إلى سوريا لغرض دفنهم. وزادت تجارة الأعضاء في سوريا، وانضم ما يسمّى “الجيش السوريّ الحر” إلى مستشفيات ميدانيّة سوريّة، حيث قام بتسليم السوريين المصابين إلى بعض المستشفيات التركيّة، حيث يتم حصادهم هناك.
سرقة الأعضاء البشرية عمل مافياوي تشترك في تنفيذه فرقُ القتل وخبراء وأطباء وتجار، وقد نشطت هذه التجارة كثيراً خلال الأزمة السوريّة، وقد وُجدت آثار جراحات كبيرة على أجساد الغرقى الذي انطلقوا من السواحل التركيّة قاصدين اليونان، وتُركوا فجأة لمصيرهم في عرض البحر في قوارب الموت المطاطيّة، وكثيرٌ من الذين قضوا غرقاً خضعت أجسادهم لجراحاتٍ غبر مبررة، إلا أن تكون عملياتُ التهريب وسرقة الأعضاء من عمل مجموعات الجريمة المنظمة بعلمِ الحكومةِ التركيّةِ.
في 27/2/2017 قال موقع ترك برس: “إن مستشفيات مدينة بورصة تربعت على رأس قائمة المدن التي تستقبل أكبر عدد من التبرعات وعمليات زراعة الأعضاء البشرية في منطقة تركيا أوروبا”، وليطرح السؤال عن سر القفزة النوعيّة، ومن أين يتم تأمين هذه الكميات من الأعضاء البشريّة، لأنّ مجرد التبرع والفتوى الدينيّة كما سوّق الموقع لا يقدّم الإجابة الكاملة!