لطالما اتهم البيض بأنه يرفع الكوليسترول في الدم، وكثيراً ما أوصى المختصون بالامتناع عن تناوله أو تقليله بشكلٍ كبير، خاصةً لدى مرضى الكوليسترول.
إن استهلاك البيض لا يزال محدوداً نسبياً مقارنةً بالمنتجات الحيوانية الأخرى، وذلك بسبب ما اعتبروه “سمعة سيئة” أًلصقت بالبيض بالخطأ عبر دراسة سابقة تقول إنه يرفع الكوليسترول.
ففي المتوسط يستهلك 220 بيضة في السنة (حوالي 11 كيلوغراماً) مقابل 84.5 كيلوغراماً من اللحوم.
فمن المؤكد أن البيض غذاء غني بالكوليسترول، إذ إن 100 غرام من البيض (وهو ما يعادل بيضتين) تحتوي في محها على 398 مليغراماً من الكوليسترول، ومع ذلك فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الكوليسترول لا يزيد عندما نستهلكه بشكلٍ معقول وعندما يشكل جزءاً من أطباق جيدة.
الكوليسترول الناتج عن الطعام
إن الكوليسترول الناتج عن الطعام ليس مشكلة في حد ذاته، بل إن ما يجب أن نكون حذرين منه هو مستوى الكوليسترول في الدم، فوجود الكثير منه في الدم (فرط كوليسترول الدم) هو أحد عوامل الخطر القلبية، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المرتبطة بلويحات تصلب الشرايين التي تتطور داخل الأوعية الدموية.
إن الكوليسترول الموجود في المواد الغذائية ليس مهماً للغاية، لأن 70% من كوليسترول الجسم ينتج داخلياً عن طريق الكبد، و30% فقط يأتي من الطعام، ويتم التخلص من الفائض عن طريق إفراز القنوات الصفراوية، فجسم الإنسان يُقيم توازناً بين الكوليسترول الداخلي وذلك الذي يوفره عبر الطعام، وإذا كانت هناك زيادة في استهلاك الكوليسترول فإن إنتاجه داخل الجسم سيميل إلى الانخفاض.
وهكذا، فإن الصلة الحقيقية بين زيادة نسبة الكوليسترول الغذائي وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم لم يتم إثباتها حتى الآن، وأظهرت العديد من الدراسات أن تناول الكوليسترول الغذائي ليس له أي تأثير على مستويات الكوليسترول لدى الأشخاص الأصحاء.
ما كمية البيض الصحيّة؟
إنه منذ التسعينيات ترى الأغلبية العظمى من الدراسات أن تناول بيضة واحدة يومياً ليس له أي تأثير على خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية أو السكتة الدماغية لدى الأشخاص الأصحاء.
لكن كإجراء احترازي يجب على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب -مثل مرضى السكري وقصور القلب- الحد من تناول البيض، خاصةً إذا ظل نظامهم الغذائي غنياً جداً بالسكريات والدهون، وهو ما لا ينبغي أن يكون أصلاً.
أن استهلاك أكثر من 5 بيضات في الأسبوع لا يزيد خطر الإصابة بخلل دهون الدم عندما يتم دمجه في نظام غذائي صحي غني بالألياف وقليل من الدهون المشبعة وبدون مدخول غذائي.
ليس من السهل تحديد الحد الأقصى لعدد البيض الذي يتم استهلاكه يومياً، لأن ذلك يعتمد على عدد كبير من العوامل، ومن المهم النظر إلى طبيعة مكونات الوجبة التي يتم فيها استهلاك البيض، فمثلا تناول بيضة في الصباح مصحوبة بشرائح لحم مقدد غني بالأحماض الدهنية المُشبّعة وخبز أبيض هو سلوك ضار بشكلٍ واضح، لأن هذا المزيج من السكريات والدهون السيئة والأغذية الغنية بالكوليسترول يمثل مزيجاً متفجراً لزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وعلى العكس من ذلك، إذا تم تناول البيض على الإفطار ولكن هذه المرة مع شريحة من خبز القمح الكامل وشريحة من سمك السلمون (غني بالأوميغا 3) وشاي عشبي (خالٍ من السكر) فهذه تركيبة تجمع الدهون الجيدة.
الكثير من الالتباس حول البيض
إن الاعتقاد السائد بأن الكولسترول الموجود في صفار البيض يؤثر على صحة القلب هو اعتقاد خاطئ، فرغم احتوائه فعلاً على نسبة عالية من الكوليسترول فإن الأحماض الدهنية المشبعة مثل التي في اللحوم والأطعمة المعالجة- لها تأثير أكبر على مستويات الكوليسترول في الدم.
وتضيف أن البيض غذاء كامل مُغذٍ، وهو مصدر غير مكلف للبروتين ويحتوي على عناصر مغذية أخرى مثل الكاروتينات وفيتاميني “دي” (D) و”بي 12″ (B12) والسيلينيوم والكولين.
وعند تناول البيض من المهم إيلاء اهتمام خاص للأطعمة المصاحبة له، مثل الخبز الأبيض والزبدة والملح أو اللحوم المصنعة مثل اللحم المقدد أو النقانق، والتي ليست جيدة لقلوبنا.
6 بيضات أسبوعياً
استناداً إلى النتائج التي توصلت إليها ورقة أدلة “البيض والقلب” فإن المعرضين لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب يمكنهم تناول ما يصل إلى 6 بيضات أسبوعياً كجزء من نظام غذائي صحي للقلب، وتؤكد أنه لا خشية من أن يكون هذا المقدار سبباً في خطر الإصابة بأمراض القلب.
وبالنسبة للسكان الأصحاء بشكلٍ عام يمكن أن يكون البيض جزءاً من نمط الأكل الصحي دون الخشية من أن يتسبب في أمراض القلب، وينصح بزيادة تناول الخضروات والأطعمة الكاملة والأقل معالجة، والتقليل من تناول الدهون المشبعة بدلاً من تقييد تناول البيض.
بناءً على مراجعة شاملة للبحوث الحالية تم اعتبار الدليل العام لتأثير البيض على نسبة الكوليسترول في الدم غير دقيق.
وفي حين أن الأدلة ليست واضحة بما يكفي للقول بعدم وجود ارتباط بين الكوليسترول الغذائي وأمراض القلب إلا أنها ليست قوية بما يكفي لمواصلة التوصيات السابقة التي حدت من تناول البيض 3 مرات في الأسبوع.
البيض الكامل
ليس صحيحاً أن تناول البيض الكامل يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب على الرغم من أنه يحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول.
فأن البحث المكثف لم يُظهِر دليلاً على دور الكوليسترول الغذائي في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
أحد أجزاء هذا البحث الذي نظرت فيه المجموعة كانت دراسة عام 1999 أظهرت عدم وجود زيادة في أمراض القلب حتى بين الأشخاص الأصحاء الذين يأكلون بيضة واحدة كل يوم، أي ما مجموعه 7 بيضات في الأسبوع.
ونتيجة لذلك، ألغت الإرشادات الغذائية (2015-2020) التوصية بتقييد الكوليسترول الغذائي إلى 300 مليغرام في اليوم، ودعمت المعطيات اللاحقة هذا التوجيه المحدث.
البيض ليس بالضرورة ضاراً بالكوليسترول
إن البيض هو المصدر الأكثر تركيزاً للكوليسترول الغذائي في وجباتنا الغذائية، حيث يوجد حوالي 186 مليغراماً من الكوليسترول في بيضة واحدة، وكلها تتركز في الصفار.
إن الأشخاص الذين يأكلون حوالي بيضة واحدة يومياً أقل عرضة للإصابة بمرض الشريان التاجي أو السكتة الدماغية من الأشخاص الذين لم يأكلوا البيض.
كما أن البيض لا يمثل خطراً على مستويات الكوليسترول في الدم.
ما اكتشفه الخبراء هو أن الدهون المشبعة والمتحولة قد تساهم بشكلٍ أكبر في مستويات الكوليسترول مقارنةً بكمية الكوليسترول التي تتناولها، لأن معظم الكوليسترول (حوالي 80%) يُنتج في الجسم، وفقاً لكلية الطب في جامعة هارفارد، فالكبد يحوّل الدهون المشبعة والمتحولة إلى كوليسترول، مما دفع بخبراء التغذية إلى الاعتقاد بأن هذه الدهون هي في الواقع أسوأ من الكوليسترول الموجود في المواد الغذائية.
ويرى بعض خبراء التغذية أن النظام الغذائي هو أحد أكثر الأنظمة الغذائية المفيدة، ويؤكدون أن البيض يمكن أن يتناسب مع نظام غذائي صحي، وأن الالتزام بحوالي 4 بيضات في الأسبوع أمر جيد.