سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

وسط غياب آفاق الحلول.. أسعار العقارات تحلق في منبج، وبعضها بالمليارات!!

منبج/ آزاد كردي ـ

أقفل ارتفاع العقارات الباب في وجه الكثير من السوريين الذين يأملون في شراء مساكن أو حتى تشييدها، وباتت أسعار العقارات تبتعد تدريجياً عن قدراتهم الشرائية، ليصبح مآل الواقع بمثابة حلم يتبدد بالنسبة للكثيرين منهم.
تشهد أسواق العقارات في منبج حالة من الركود نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء والإكساء التي أثرت بشكل مباشر في ارتفاع قيمة العقارات على الهيكل أو مكسية (إكساء). وصار من الاستحالة على ذوي الدخل المحدود اقتناء بيت متواضع أو على الأقل أن يحظى ببيت بآجار مقبول أو محل تجاري بعد أن وصلت الأسعار إلى أرقام تفوق الخيال وتفوق مقدرتهم المادية.
تهجير وابتزاز
يرى مقاولون أن ثمن الشقة في مسألة البيع أو الشراء أو حتى بدل الآجار للسكن أو محل تجاري يعتمد على موافقة صاحب المنزل أو العقار من حيث التحكم بالسعر رغم أن هذا السعر مقيد/ مرتبط بالدولار في الغالب. المُهجر علي عيسى العلي من مدينة سري كانيه؛ اضطر للنزوح جراء الحرب التي فرضها الاحتلال التركي على مدينته منذ عامين، وهو أب لسبعة أشخاص، يقول إنه لا يعرف أحداً هنا وبالكاد يستطيع تأمين قوت يومه لأنه يعمل بالمهن الحرة.
ويضيف إلى حديثه، أنه يقطن في بيت على العظم/ الهيكل، بحي الشرعية بالقرب من طريق حلب الدولي بآجار قدره 20 ألف ليرة سورية. أما عمله بالمهن الحرة الذي يتقاضى أجره بشكل متقطع لا يسد احتياجات عائلته في هذا الوقت بالذات.
يُلفت العلي إلى أنه يتعرض في كثير من الأحيان لمضايقات أو ابتزاز من صاحب البيت بين الفينة والأخرى في محاولة لزيادة بدل الآجار، الأمر الذي يحرجه جداً لأن عمله غير مستقر.
خارج حساب العقارات
وشهد سعر صرف الليرة السورية تدهوراً متواصلاً أمام الدولار منذ بدايات عام 2020 إلى ما يزيد عن 1000 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد ليصل اليوم إلى 3000 ليرة، وخسارتها الضعف تدريجياً عن العام الذي سبقه، فانعكس ذلك على أسعار العقارات المرتفعة أصلاً.
 لم يقف الأمر إلى هذا الحد، بل تأثرت الحياة المعيشية للسكان، إذ يبلغ متوسط الدخل الشهري لدى غالبية السوريين حدود 200 ألف ليرة سورية، في حين ارتفعت أسعار العقارات الصغيرة والمتوسطة في منبج إلى أرقام غير متوقعة، خاصة في أماكن تقع على طريق حلب الدولي وشارع الرابطة أو حي السرب مقارنة بأحياء تقع على طريق الجزيرة، الأمر الذي أخرج غالبية ذوي الدخل المحدود من حسابات سوق العقارات الفاحش.
يعرب معلم نجار البيتون “سعيد عكرمة” عن تضرره جراء ركود العقارات الذي أثر على عمل ورشته بالقول “توقفت ورشة العمل بسبب عدم وجود مواد البناء من أسمنت وحديد في السوق، الأمر الذي أخر تشييد الكثير من الشقق السكنية وتسليمها لأصحابها في الوقت المحدد”.
وأضاف عكرمة إلى أن توقف توريد مواد البناء لمنبج كان لها تأثير بالغ على عاملي الورشة الثمانية الذين يعملون بنظام المياومة.
داعياً الجهات المعنية أن تتحرك وتتدارك خطورة غياب المواد من السوق وحصرها بأرباب السوق السوداء لأن ذلك يعني الاستغلال والفقر.
ليرة متدنية… مواد مرتفعة
تتغير أسعار مستلزمات البناء تبعاً لتوفر المواد وسعر صرف الدولار الذي وصل إلى 3000 ليرة سورية، إضافة إلى أزمة تضخم سكاني شهدتها منبج بعد طرد مرتزقة داعش منها وبروز حالات نزوح كبيرة من عدة مناطق مجاورة، كان لها تداعيات كبيرة لا تقتصر على العقارات وحسب، بل في كافة المجالات لا سيما فيما يتعلق بالحصول على مأوى للسكن.
من خلال رصد أجرته صحيفتنا “روناهي” حول أسعار مواد البناء في السوق، تبين أن سعر طن الإسمنت لدى مخازن سادكوب التابعة للإدارة الذاتية 95 دولار وغير متوفر في غالب الأوقات، بينما يبلغ سعر طن الإسمنت 140 دولار بالسوق السوداء، وهو متوفر.
فيما يخص حديد البناء فيبلغ سعر الطن الواحد 800 دولار بعد أن كان منذ مدة وجيزة 720 دولار للطن الواحد في زيادة مفاجئة. أما بالنسبة لحجر البناء/ البلوك قياس 15 فيبلغ سعر الواحدة بـ 15 سنتاً أمريكياً، فيما قياس 20 فيبلغ سعر الواحدة 20 سنتاً أمريكياً.
كما بيّن الرصد أن هناك تبايناً في سعر العقارات للسكن أو للآجار على طريق الجزيرة الذي يمتد جنوب وشرق منبج ويربط الأحياء بطريق m4 حيث يبلغ بدل الآجار فيها وسطياً 60 دولاراً بحسب مساحة البيت وعدد غرفه أيضاً، فيما يبلغ بدل الآجار على طريق حلب الذي يمتد غرباً ويربط الأحياء السكنية بطريق m4 100 دولار، بحسب مساحة البيت وعدد غرفه أيضاً، وقد ترتفع الأسعار تبعاً للمنطقة، وتختلف بشكل شبه يومي.
ونتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، ارتفعت أسعار العقارات المكسية أو على الهيكل، إذ ارتفع سعر المتر المربع على الهيكل أكثر من 100% خلال عام واحد تقريباً في معظم أحياء منبج إلى حدود 130 دولار حالياً، فيما وصل سعر بعض المحال التجارية في السوق المغطى إلى 500 ألف دولار.
دعوة لمراجعة بعض القرارات
ويقول رئيس اتحاد المكاتب العقارية لمنبج وريفها تركي الجاسم، في حديثه عن أزمة العقارات الرائجة حالياً، إن مدينة منبج تشهد حالة من الركود العقاري.
الجاسم أكد خلال لقائه مع صحيفتنا “روناهي”، أن هناك أسباباً لذلك الركود، منها توقف عملية التوثيق العقاري، وهذا القرار جاء سلباً إذ ينص على وجود المالك قيداً ولا شك هذا ينسف العقد المبرم بين المالك والمشتري بالإضافة إلى نسف توكيل المحامي من البائع لأي مشتر كان”.
وقال إن عدم توفر مادتي الإسمنت والحديد بشكل دائم وانقطاعه بين فترة وأخرى قد سبب حالة من الذعر والقلق لدى التجار.
ولدى سؤاله عن الحلول المقترحة لهذه الحال كان رد الجاسم بالقول “ينبغي إلغاء القرار الذي يخص التوثيق العقاري، والعمل على إنشاء سجل عقار موازٍ والإسراع في ذلك. هذا إلى جانب رفع الدعم عن مادتي الإسمنت والحديد وبيعها بالسوق السوداء ليحد ذلك من احتكارها وتوفرها بشكل دائم”.
يشار أن في الآونة الأخيرة ازداد الاستياء الشعبي لعدم توفر مادة الإسمنت والحديد وسط غياب آفاق للحلول وبانتظار ما تسفر عنه الأيام القادمة من تحرك الإدارة الذاتية لمواجهتها الذي يشكل أكبر تحد على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.