لا بدّ ونحن في رياضِ معرض الكتاب الثاني في (روج آفا)، أن نتحدث عن أهمية الكتاب وأهمية هذا المعرض الذي يجدد الصلة بالكتاب ويُعيدنا إلى رحابهِ، ويفتح آفاقاً لتبادل الثقافات بين الشعوب، فالكتاب خير جليسٍ وأنيسٍ يمنحكَ كلّ ما ترغب بمعرفتهِ، ويعطيك الراحةَ في النفسِ حيث يهمس لكَ بكلِّ ما هو نافع وممتع، لا يملّك إنْ مللتهُ، وكلما جالستهُ زادك من عطائهِ، وشدّك إليهِ، وأنار عقلك وروحك بمعارفهِ، وقد أشارت الدراسات إلى أنّ قراءة الكتب تساعد على الحفاظ على العقل سليماً صحيحاً؛ وتحميهِ من الإصابة بمرض الزهايمر، حيثُ أنّ القراءة تعمل على تمرين عضلة العقل للحفاظ على صحتهِ وقوتهِ.
كما أنّ للقراءة فوائد لا تعدُّ ولا تحصى نذكر بعضاً منها:
إنّ قراءة الكتب تؤثِّر على الإنسان إيجابياً، فهي مبهجةٌ للنفس مغذيّةٌ للعلم والروح والعقل، ومن شأنها إذابةُ الحدود بما فيها الزمان والمكان، فيُخيّلُ للقارئ أنّه مع أحداث الكتاب بشتّى مراحلهِ، وكذلك من فوائده الخبرة المكتسبة التي لا مثيل لها من المعرفة والنصيحة والإرشاد والغوص في الماضي وتخيّل المستقبل ومواكبة الحاضر. ومن الفوائد أيضاً الانتقال من عالمنا المحدود إلى عالمٍ آخر مختلف للغاية وواسع الأفق.
إنّ قراءة الكتب تؤدي بلا شك إلى التعرّف على مفردات جديدة تؤثر في نهاية المطاف على مفردات الإنسان اللغوية، مما يؤثر إيجاباً على الثقة في النفس ويزيدها، ويحسّن بشكل واضح الكتابة الذاتية التي اجتمعت مفرداتها من خلال قراءة العديد من الكتب بأنواعها المختلفة، كما أن القراءة تحفظ الوقت من الضياع بما لا ينفع في إنارة الفكر وتنمية العقل وإضافة القدرة على حلِّ المشكلات، كما أنّها تعدّل السلوك، وذلك من خلال قراءة كتب السلوك.
ونعود إلى أهمية معرض الكتاب المقام حالياً في مدينة قامشلو، حيث أنّ هذا المعرض يُقام للمرة الثانية، مؤكداً على أن الأمّة التي لا تقرأ لا تتقدم ولا تتطور ولا تنعم حتى بالحرية، حيث أن الفكر الحر مستقى من كتابات الأفذاذ، ورموز الحرية ومنهم نتعلم مبادئ الحياة الحرة، والتآخي بين الشعوب، ومبادئ العيش المشترك، وكذلك هذا المعرض إتاحة فرصة للكتّاب الناشئين من عرض أعمالهم وتشجيعهم ومنحهم ثقة بالنفس ليستمروا بالعطاء والكتابة.
إنّ ثورة التكنولوجيا أبعدتنا كثيراً عن صفحات الكتب، فهذا عصر السرعة، فأيّ فكرة تحتاجها لن تحتاج البحث عنها في طيات الكتب والسهر على الإتيان بها، بل بضغطة ستصبح أمامك ملخصةً جاهزة، وهذه رغم أنها ظاهراً أمرٌ جيد، لكنها في الحقيقة كارثة على العقول الشابة التي اعتادت أن تستخدم كل شيءٍ جاهزٍ دون عناء، وفي عناء البحث عن الشوارد من العلوم أيّما لذة ومتعة للمتمعّن الذي يسهر بين كتبه باحثاً عن بغيتهِ، فينهل الكثير من المعرفة من خلال هذا البحث، متعة القراءة من خلال الكتاب لا تضاهيها متعة على الإطلاق، فهنيئاً لنا بهذا الانجاز الذي يدلّ على أننا نسير في الطريق الصحيح، لبناء شعوب متكاملة فكراً وثقافةً وانسجاماً والتزاماً بقضاياها، علنَّا نعيد الكتاب إلى مكانته الأصلية في صدارة اهتماماتنا، تطبيقاً لقول المتنبي:
أعزُّ مكانٍ في الدنا سرجُ سابحٍ وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ