اتفق حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” والمجلس الوطني الكردي “ENKS” على تقصير مسافات الخلاف بينهما، وتطويع الواقع القاسي، ورسم خارطة طريق لتوحيد الجهود الكردية، وتوحيد الصف، ضمن القيم الوطنية السورية، باعتبار سوريا موحدة ذات نظام حكم فيدرالي.
بعد 4 جولات من المفاوضات في شمال وشرق سوريا، وبوساطة أمريكية وفرنسية، والاتفاق على نقاط أساسية، تؤهل لمواجهة تحديات المنطقة والإقليم كمكون رئيسي وواحد، سارعت تركيا لإنتاج بديل عن المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري المعارض، وأعادت إلى برنامج عمل هذا البديل عناوين عريضة حاربت بها الكرد في تركيا وإيران والعراق وسوريا، وتحارب بها اليوم على وجه الخصوص قوات سوريا الديمقراطية ومشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
سارعت لتجهيز “رابطة الكرد المستقلين” كبديل عن المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري المعارض الذي ترعاه وتأمره وتجنده، في إشارة تدعو للرثاء على تبعية هذا الائتلاف، وتبعية هذا البديل.
وسارعت لتشكيل فريق عمل عربي تحت عنوان ائتلاف عشائر وقبائل المنطقة الشرقية في الرقة وفي دير الزور والحسكة، وجمعت لهم نخب ثقافية وسياسية تقيم في استانبول، في إشارة تدعو للخيبة من ارتهان شخصيات وتجمعات عربية “استانبولية” للقرار التركي.
وتحدث وزير خارجيتها تشاويش أوغلو أنه طلب من قيادات في المجلس الوطني الكردي رفض أي اتفاق مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات سوريا الديمقراطية، مستعيناً بدلالات دولته الفاشية في إلحاق “قسد” بالعمال الكردستاني، وما يستتبع ذلك من مفردات.
تخشى تركيا أي تقارب كردي كردي، فكيف إذا كانت القضية هي وحدة الصف الكردي، سيما في الفترة التي تعاني فيها، من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية متلاحقة.
ويخشى النظام السوري من أي تقارب كردي كردي، لأنه يغلق عليه نافذة ابتزاز الطرفين الكرديين، واللعب على خلافاتهما، ويغلق أبواب استعمال الخلاف في مفاوضاته الإقليمية، ويفتح بوابة واسعة لتشكيل أقوى تكوين سياسي واجتماعي في سوريا، سيساهم في انهيار آليات حكمه المستوطنة منذ أكثر من 50 عام.
وتخشى إيران وحدة الصف الكردي، لما له من أثر تفاعلي على مسار القضية الكردية في إيران، ومسار حركة النضال الكردية الطويلة والقاسية في هذه البلاد الرجعية المغلقة.
ثلاثة أنظمة تخشى من وحدة الصف الكردي، وثلاثة قوى ستبذل قصارى جهدها للحؤول دون نجاح المفاوضات، حتى لو اضطرت إلى القيام بعمل عسكري أو أمني أو سياسي كبير، يعيد الشقاق إلى الشارع الكردي.
وحدة الصف الكردي غير موجهة تجاه أي مكون آخر في المنطقة، لا المكون العربي ولا المكون السرياني، ولا غيرهم من المكونات الأخرى، ويفسر ذلك المشروع الديمقراطي السوري الذي بني على أسس اجتماعية وسياسية وحقوقية في شمال وشرق سوريا.
وإذا استطاع الكرد الاتفاق على مشروع سياسي في المنطقة، في هذه المرحلة الخطيرة والغنية بمختلف أنواع الصراعات في الإقليم، فيجب على المكونات العربية والسريانية وباقي المكونات الاجتماعية السورية الأخرى، العمل أيضاً على توحيد صفوفها أو على الأقل توحيد مواقفها، فيما يخدم القضية السورية، ويرسم أنظمة تعيد القوة والقرار إلى السوريين.
على المكون العربي بوجهائه وعشائره وقبائله وشخصياته، أن يخلق مرجعية واضحة تعيد أبناءه العاملين كمرتزقة لدى الجيش التركي المحتل، أو كسلاح لدى النظام المنهك.
وحدة الصف الكردي إذا نجحت، قد تعيد بناء الأولويات السورية، وتعيد ترتيب الإقليم، وتفتح مساحة لتغيير معادلات الأزمة السورية وبالتالي الحل، وهي المهمة الصعبة والخطيرة، لأن أعداءها كثيرون.