مربو المواشي تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم، وتثقل كاهلهم متاعب الحياة التي تزداد في كل يوم، والتي تتفاقم مع كل حظر يُفرض جرّاء وباء كورونا، وكأن سلسلة المتاعب والمآسي طويلة وقاسية ابتداءً من انحسار وقلة الهطول المطري في بداية الموسم المنصرم إلى تفاقم الوضع الذي خلفه فايروس كورونا في بدايات العام الماضي، فالفلاحين الذين كانوا يتضرعون لله ويدعونه أن يمن عليهم بالغيث صدموا بتفشي وباء كورونا مما أدى إلى تدهور أحوالهم المعيشية والصحية أكثر، فهم الآن يعانون من الجوع والفقر والمرض، فلا يستطيعون إنقاذ لا أنفسهم ولا مواشيهم، فإلى هذه اللحظة تقف الجهات الرسمية المختصة بالزراعة موقف المتفرج من حال الفلاحين عموماً ومربي المواشي بشكل خاص، فلا هم قادرين أي (الزراعة ومؤسسات الأعلاف) على تأمين الكمية الكافية من الأعلاف للثروة الحيوانية في المنطقة ولم يفكروا بإيجاد الحلول البديلة التي تساعد على توافر الأعلاف وإنقاذ الثروة الحيوانية في المنطقة من الانقراض، فمربو المواشي يعتبرون مواشيهم عبئاً آخر من أعباء الحياة التي أصبحت لا تُطاق في هذه الرقعة من البسيطة وكما أسلفنا في مقال سابق بأن بقايا المحاصيل الزراعية التي تستخدم في الخلطة العلفية لن تسد 15% من الحاجة الكلية للثروة الحيوانية في شمال وشرق سوريا على أعلى تقدير، هذا إن لم تُهرّب إلى المناطق المجاورة نظراً لارتفاع أسعارها في تلك المناطق، وأيضاً كنا قد ذكرنا بأن الرأس الواحد من الأغنام في ظل أسعار الأعلاف في السوق في الوقت الراهن قد تحتاج تربيته على مدار موسم واحد إلى ما يقارب (150) ألف ليرة سورية كأقل تقدير فقط أعلاف ناهيك عن عمليات الخدمة الأخرى من الرعاية والأدوية وأعمال الخدمة اللازمة، والتي من المؤكد أن تكلفتها ارتفعت أكثر خلال الفترة الجارية، والتي سترتفع أكثر عند هطول الأمطار، وهذا يقاس على رأس الأغنام ومن البديهي أن ترتفع هذه التكلفة عند الأبقار والجواميس التي تحتاج إلى كميات أكبر من الأعلاف وإلى نوعية خدمة خاصة
فبالرغم من توافر كل الثروات ـ في هذه الرقعة ـ التي تجعل أي بلد في العالم القفز من تحت خط ـالفقر إلى أعلى مستويات المعيشة والرفاهية فقد ازداد عدد الفقراء بنسبة كبيرة جداً وغالبيتهم من الفلاحين والمزارعين الصغار الذين لولا الحياء لفتحوا أكفهم للناس، لذلك نناشد الإدارة الذاتية وهيئات الاقتصاد والزراعة في الإسراع بوضع الخطط والحلول الجادة والواقعية والمنطقية للنهوض بواقع الزراعة بشكل ٍعام والفلاحين بشكلٍ خاص؛ لأن الوضع لم يُعد يُحتمل مزيداً من الفقر والجوع للكثيرين من سكان شمال وشرق سوريا، ولأن الزراعة هي العمود الفقري للاقتصاد ويشتغل بها النسبة الأكبر من السكان. وفي النهاية نقول بأن الحلول لا تحتاج لخبراء من كوكب آخر وإنما هناك العديد من الخبرات المهمشة لسبب أو لآخر، فشمال وشرق سوريا مثلما باقي أجزاء سوريا فيه الكثير من العقول الرشيدة التي تستطيع تقديم حلول فعلية للواقع خلال فترة وجيزة وبأقل التكاليف الممكنة، نتمنى أن تستعينوا بها لتغيير الواقع للأفضل.