كانت أوركيش العاصمة الدينية والسياسية والاقتصادية للدولة الحورية. بعد سقوط ماري في أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد, انتشر الحوريون بشكلٍ سريعٍ في مناطق وادي البلّيخ والفرات الأوسط وصولاً لوادي العاصي. إلى أن تمكّنوا من تشكيل مملكة واسعةٍ بلغت أوج ذروتها في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وعُرفت باسم مملكة حوري – ميتاني التي كانت قد اتَّخذت من واشوكاني عاصمةً لها.
شكَّلت مناطق حوض الخابور ومثلّثها قاعدةً لانطلاقاتهم التوسّعية، التي وصلت طلائعها شرقاً حتّى مناطق زاغروس وغرباً حتّى المتوسط وشمالاً حتّى تخوم خاتوشا (العاصمة الحثّية بالقرب من أنقرة) وجنوباً حتّى ما بعد قادش (تل النبي مندو بالقرب من حمص).
عُرِف فرسانها بالماريانو (المحاربين) الذين برعوا وتميّزوا في استخدام العربات الحربية والأحصنة والقوس. تمّ اكتشاف العديد من النصوص الحورية, ولعلّ أهمّها النصوص المدوّنة باللغات الحوريّة ـ الحثيّة والحورية – السومرية والحورية – الأكادية, في مواقع عدّة كـ خاتوشا (بوغازكوي) وأوغاريت (رأس شمرا) وآلالاخ (تل العطشانة) وإيمار (مسكنة) ونوزي (يورغان تبه – قرب كركوك) وأخيت أتون (تل العمارنة). قدَّمت تلك الوثائق صورة شاملة عن دولة حورية – ميتانية مترامية الأطراف.
انتشرت اللغة الحورية خلال الألف الثانية قبل الميلاد بشكلٍ واسعٍ، حتّى غدت ثاني أهم لغة في الشرق القديم بعد اللغة البابلية، كما عرفت بعض الممالك حينها كـ أوغاريت، ازدواجية لغوية (أوغاريتية – حورية).
وقف الحوريون إلى جانب الإمارات الناشئة مثل أوغاريت وأمورو وتونيب في مواجهة الأطماع المصرية والحثية والآشورية والبابلية وصراعها على سوريا طوال قرنين من الزمن. ففي عام 1430 ق.م تمكن الملك الميتاني شاوشتتر ṧauṧtatar من إخضاع كل بلاد آشور، وجَلب من هناك بوابة من الذهب والفضة ونصبها في مقرّه, كما أدخل الملك نفسه في نزاعات مباشرة مع الفراعنة، تلك النزاعات التي استمرّت في عهد خلفائه حتى بداية القرن الرابع عشر ق.م، إلى أن تمّ عقد اتفاقٍ بين الطرفين الحوري والمصري، بشأن رسم الحدود والذي توِّج بزواج الأميرات الميتانيات وكان آخره ربّما الزواج الذي حصل بين تيتو خيبا (نفرتيتي) ابنة الملك توشّرتا Tuṧṧrata والفرعون المصري أمنحوتب الثالث Amenhotep III.
في نهاية القرن الرابع عشر قبل الميلاد ضعفت مملكة حوري – ميتاني نتيجة للصراعات الداخلية من أجل السّلطة, فتعرّضت للغزو الحثّي بقيادة “شوبيليوليوما الأول” الذي أخفق في السيطرة على كامل مناطق ميتاني، والتي بقيت كدولة ذات مساحة محدودة في أعالي ميزوبوتاميا (مناطق حوض الخابور). إلا أنّ المملكة خضعت للنفوذ الآشوري في عهد شاتوارا الأول ṧatuara I . لكنّ ابن الملك الميتاني وخليفته بنفس الوقت “واشاشاتا Waṧaṧatta” حاولا التمرّد على الدولة الآشورية، إلّا أنّهما أخفقا بعد أن شنَّ الملك الآشوري أدد نيراري الأول Add Nirari I هجوماً واسعاً على العاصمة واشوكاني والمدن الحورية الأخرى. خلّف واشاشاتا الملك شاتوارا الثاني ṧattuara II على ما تبقى من مملكة ميتاني، الذي نقل العاصمة من واشوكاني إلى تئيدو (تل أحمدي – حميدية) لكنّه لم يصمد طويلاً، إذ سرعان ما سقطت المملكة بالكامل في عام 1274 ق.م على يد الملك الآشوري شلمنصر الأول ṧalmanasir I.