No Result
View All Result
المشاهدات 2
رامان آزاد –
لم تتوقف أنقرة على مدارِ الأزمة السوريّة عن إطلاقِ التهديداتِ ودعم كلِّ مجاميع المرتزقة لاستهدافِ مناطقِ شمالِ سوريا، حتى إذا ما ضمِنت الصّمتَ الدوليّ بادرت إلى دفع جيشها عبر الحدود لتنفيذِ مخططها التوسعيّ في سوريا، جرى ذلك في احتلال جرابلس والباب وعفرين. وتربط أنقرة كلّ مسألة تتعلقُ بالكرد بموضوع أمنها القوميّ وعلى حساب الوجود الكرديّ، فهي تعادي مجرد الكرد، إلا أن يكون مُروّضين وقد تخلّوا عن هويتهم. كما تُعادي الديمقراطيّة التي تتبجحُ برفعِ شعاراتها.
تهديدٌ في الزمن بدل الضائع للإرهاب
وفي كلِّ مرةٍ تستهدفُ أنقرة منطقةً شمال سوريا، تلوذُ مراكز القرارِ الدوليّ بالصمت، إذ تدركُ أنقرة حجمَ التنافسِ الدوليّ لإرضائها فموسكو وواشنطن طرفان مباشران، وأوروبا تخشى موجاتِ جديدةٍ من اللاجئين، كما تستغلُ الواقعَ السياسيّ القائم في سوريا، ولذلك فمن المهمِ الوقوفُ على طبيعةِ التهديد وأهدافه وتوقيته.
يأتي تهديدُ أردوغان متزامناً مع عدةِ عوامل منها تصريحاتٌ روسيّةٌ حول شرقِ الفراتِ والتي تماهت مع موقف أنقرة، ومع فشل اتفاق إدلب بانتهاء المدة المحددة لاتفاق سوتشي الخاص بإقامة منطقة منزوعة السلاح فيها بعمق 15-20 كم مع مناطق الجيش السوريّ، والتي لم يلتزم المرتزقة بتنفيذ مضمونها، واستهدفوا مواقع للجيشِ السوريّ في ريف حماه الشماليّ وحلب، ونقلت وكالة سبوتنيك عن مصادر خاصة بمحافظة إدلب أنَّ نحو 400 مسلح يتبعون لتنظيم “القاعدة” وصلوا إلى محافظة إدلب عبر الحدود التركية قادمين من اليمن. وانتهاءِ المهلة التي حدّدتها واشنطن لثلاثي أستانه في 15 الشهر الجاري.
ومن العوامل التي تُثير حفيظة أنقرة وصول الحملة العسكريّة شرق الفرات إلى مشارفِ النهاية إذ باتت المعارك في هجين الجيب الأخير لمرتزقة داعش, ما يهدد بخسارة تركيا ورقة التفاوض المهمة وكذلك الذراع التي يُحرك به الموقد السوريّ وبالتالي فالتوقيت هو الزمن بدل الضائع للإرهاب، ولهذا يحرصُ أردوغان على بقاء واستثماره، الإرهاب، ويقرُّ بهزيمته ويقول: “لا يوجد هناك أيّ تهديد لـ “داعش” في سوريا وأن ما يُحكى هو عبارة عن شائعات، وتابع: “لم يعد هناك وجود لتهديد تنظيم “داعش” الإرهابيّ في سوريا. وما يُذكر في هذا الخصوص مجرد أقاويل لا أساس لها”. وتخشى أنقرة من تقدّم مشروع الحل الديمقراطيّ شمال سوريا وترغب بعمقٍ إحراج الجانب الأمريكيّ ودفعه لمنح ضمانات بعدم دعم “قسد” عدا حالة التنسيق مع موسكو وفقاً لكلِّ هذه المعطيات جاءتِ التهديداتُ التركيّة في هذا التوقيت، والتهمة المقولبة والمعدة مسبقاً هي الإرهاب. وقال أردوغان: “ترون اليوم حدودنا الجنوبيّة شمالي سوريا. إنّهم يسعون لإنشاء ممرٍ إرهابيّ هناك. وعندما نقول إنّ هؤلاء إرهابيون، يصرُّ حلفاؤنا الاستراتيجيون وفي مقدمتهم أمريكا إنَّ هؤلاء ليسوا إرهابيين”.
بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركيّ أردوغان، شهدت الحدود قرب سري كانيه تحرّكاتٍ غير مسبوقة للاحتلال التركيّ وأطلاق الرصاص على حدود سري كانيه، فيما نفذت طائرات الاستطلاع طيراناً فوق منطقة سري كانيه من ثلاث جهات.
الواضح من لهجة أردوغان العدوانيّة أنّ الروس يمارسون عليه ضغطاً كبيراً في ملف إدلب وتصريحاته الناريّة الأربعاء هروب إلى الأمام، إذ يبحث عن مزيد من الوقت لتمرير انتخابات البلدية في تركيا. ويصرُّ على تصدير مشكلاته عبر كاملِ الحدود، وليساوي بين شطري الفرات غرباً وشرقاُ، فهل تستوي المعادلة؟
تأكيداً للولاءِ للأمر السلطانيّ والارتهان لأجندة أنقرة والانقلاب على الهوية والانتماء الوطنيين قال قائد ما يسمّى “الجيش الوطنيّ”، هيثم عفيسي لعنب بلدي الأربعاء: “نحن على أتم الاستعداد لأيّ حملة عسكريّة شرق الفرات”، وبذلك فإنّ التهديد يشتمل على إعادة ما جرى في عفرين شرق الفرات بالاعتماد على المرتزقة والعملاء. فيما من المرجح أنّ ما يحصل يتم بالتنسيق بين ثلاثي أستانه بالتوافق على ملف إدلب.
التهديد التركيّ اختبار لعدة أطراف
من جهته أصدر المجلس التنفيذيّ للإدارة الذاتيّة لشمال وشرق سوريا بياناً كتابيّاً إلى الرأي العام رداً على تهديدات أردوغان لمناطق شرق الفرات. ودعا المجلس في بيانه الحكومة السوريّة لاتخاذ الموقف الرسميّ ضدَّ هذا التهديد لأنّ أردوغان يريد أن يحتلَّ جزءاً من سوريا وهذا يعني اعتداء على السيادة السورية .. ودعت أيضاً إلى النفير العام “ضد السياسات الاستعمارية للدولة التركية”.
وتزامناً مع تهديدات الرئيس التركيّ أردوغان، بقيام تركيا بعملية عسكريّة ضد “قسد” شرق نهر الفرات قريباً. أفاد مصدر خاص رفيع المستوى في مجلس سوريا الديمقراطيّة، لشبكة بونت بوست، أنّ المبعوث الأمريكيّ الخاص لسوريا جيمس جيفري قام بزيارة للشمال السوريّ وعقد اجتماعات مع قيادات إدارة شمال وشرق سوريا. وبحسب المصدر فإنَّ جيفري توجّه من تركيا إلى مناطق قسد مباشرة عبر العراق، وغاية الزيارة مناقشة التطورات وآليّة الاستقرار بالمنطقة وما حمله من تركيا.
وإذ ردّت واشنطن خلال العدوان على عفرين بعدم التدخل لجهة عدم الاختصاص المكانيّ، وأنها غرب الفرات وليس شرقه فما عساها ترد اليوم؟ فأنقرة تتعمد إحراج واشنطن، ولهذا فإنّ واشنطن أمام خيارين فلهجة الابتزاز واضحة في كلام أردوغان، ولكن واشنطن لن تتحرك ما دامت مصالحها مصانة، وأما إذا شعرت بتهديد مصالحها فعندئذٍ يبنى على الأمر مقتضاه. وبهذا المعنى صرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” روب مانينغ الثلاثاء، أنّ الولايات المتحدة أقامت مراكز مراقبة في شمال شرق سوريا لمواجهة المخاوف الأمنيّة لحليفتنا في الناتو، تركيا”. أي أنها لم تقطع حبل الود مع أنقرة.
وفي لقاء على قناة العربيّة قال ديفيد بولوك الخبير الاستراتيجيّ في معهد واشنطن للدراسات: “تهديد تركيا باحتلال شمال شرق سوريا تهديد خطير وابتزاز ومبالغة وبروباغندا إعلامّية، وتركيا غير قادرة على المضي خطوة واحدة شرق الفرات وكل من تهديدات أردوغان هي ابتزاز تجاه أمريكا لإرضاء شركائها من حزب الحركة القوميّة التركيّ”. وأكد بولوك أن القوات الأمريكيّة شريك لـ “قسد” وهناك اتفاقيات جديدة بين القوتين تدلّ على تماسك الحليفين بهدف القضاء على الإرهاب ولخلق الأمن والاستقرار بالمنطقة، ومن جهة ثانية وقّعَ الرئيس الأمريكيّ السيد ترامب على قانون حماية الأقليات في سوريا والعراق وملاحقة داعش ومحاسبتهم، كما وقّعَ على قانون ملاحقة الدول التي صنعت ودعمت داعش
نقاط المراقبة الأمريكيّة على امتداد الحدود بين تركيا وسوريا والواقعة شرق الفرات أصبحت أمراً واقعاً، الأمر الذي يشكّل ضربة قاصمة لمحاولات تركيا التوسعيّة في سوريا. وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأمريكيّة الكولونيل روب مانينغ قال إنّه بأمر من وزير الدفاع جيم ماتيس، أقامت الولايات المتّحدة مراكز مراقبة في المنطقة الحدوديّة شمال شرق سوريا، وأنهم ملتزمون بالتنسيق مع تركيا لتحقيق الاستقرار في شمال شرق سوريا. هذه الخطوة تأتي رغم معارضة تركيا التي أوضحت في بيانٍ الجمعة الماضي بأنِّ وزير الدفاع خلوصي أكار سلّم طلباً رسميّاً للممثّل الخاص للولايات المتحدة بشأن النزاع السوريّ جيمس جيفري خلال اجتماع في أنقرة بالتخلّي عن نقاط المراقبة.
ويفترض أنّ إعلان البنتاغون عن إقامة نقاط مراقبة قرب الحدود التركيّة، يعني أنّ واشنطن أفحمت أنقرة وردّتها خابئة ولم تستجب لمطالبها، بل سحبت الحجج والذرائع التركيّة التي كانت تسوقها لتبرير عدوانها وانتهاكاتها المتكررة على مناطق شرق الفرات. وبالتالي الكرة في الملعب الأمريكيّ وقد تبيّن حجم الخطر الحقيقيّ
من المؤكد أنّ الأمرَ مناورة سياسيّة من أردوغان ودولته، ومحاولة للتأثّير على القرار الأمريكيّ، بعدما تأكدت أنقرة وموسكو بأنَّ واشنطن تمسكُ بخيوطِ اللعبةِ الأهم، وأنّها حاضرةُ بقوةٍ بالمفصلِ السوريّ، وستقوى أكثر بهزيمةِ داعش التامة، وإقامة نقاط المراقبة، وأما إذا استكملت إجراءاتها بالحظر الجويّ، وانتهت من إنشاء قوات حرس الحدود، فعندئذٍ ستذهب ألعاب أنقرة البهلوانيّة عبثاً والتي استهدفت تغيير السياسة الأمريكيّة عمليّاً في منبج وغيرها، فالمطلوب موقفٌ أمريكيّ يتناسبُ مع مستوى التهديد التركيّ للاستراتيجية الأمريكيّة.
No Result
View All Result