قد تجد الباحثين عن ابتسامة بيضاء يستخدمون معجون أسنان بالفحم معللين ذلك بكونه مادة طبيعية ولها تاريخ طويل, لكن هل فعلًا يمكنه تبييض الأسنان؟ وهل يقوم بذلك بأمان؟
وبحسب تصريح الدكتور “جون بروكس”، وهو أستاذ سريري في علوم التشخيص وقسم الأورام في كلية طب الأسنان بجامعة ميريلاند، فإن الإجابة لها وجهان: فهو يبيض الأسنان قليلًا، لكنه ليس أفضل خيار ولا أأمن اختيار.
حسب دراسة نشرت في British Dental Journal سنة 1992، فإن السعي للحصول على أسنان ببياض اللؤلؤ بدأ منذ أن أوصى أبقراط أتباعه الإغريق باستعمال الفحم كمعقم للفم.
أشارت American Dental Association، أنه في سنة 1930 و1940 وصفت الشركات الأمريكية منتجاتها من علكة الفحم والباودر بأنها منعشة للفم ومبيضة للأسنان.
يبحث المستهلكون الذين يهتمون بالصحة والبيئة اليوم، عن الفحم النشط في الخيط ومعجون الأسنان وغسول الفم وحتى فرشاة الأسنان، متباهين بقدرته على تبييض الأسنان وتعقيم الفم.
لكن علينا أن نعترف بكون الفحم النشط علاجًا لبعض السموم والجرعات الزائدة الحادة.
حيث إن الفحم الشائع الاستخدام يصنع من مواد مثل الجفت والفحم النباتي إضافةً للخشب، ولكن صناعة الفحم النشط تتضمن خطوة إضافية وهي تسخين الفحم العادي بوجود غاز معين.
بحسب موقع Medline Plus التابع للمكتبة الوطنية للطب «تُكَون هذه العملية فتحات في بنية الفحم» وهذا ما يجعل الفحم النشط يعمل كمصيدة للكيمياويات.
تدعي العديد من الشركات المصنعة أن هذه الفتحات كافية ليعمل الفحم النشط كمطهر للفم ومزيل لبقع الأسنان.
في مراجعة سنة 2017 لمعاجين الأسنان المحتوية على الفحم والتي نشرت في مجلة American Dental Association
حيث وجدت أن 96% من معاجين الأسنان المحتوية على الفحم النشط تزعم أنها مبيضة للأسنان وال 4% الباقية تتباهى بقدرتها على تطهير الأسنان.
هنالك مشكلة واحدة في هذه الادعاءات وهي أنها بدون دليل, فالعلماء لم يعترفوا بأي تعريف لمصطلح تطهير شيءٍ ما، وعلى الأقل أن لا يكون هذا الشيء هو الفم، إضافةً إلى أن هذه المعاجين لم تثبت سلامتها ولا سميتها بحسب ما كتبه بروكس في هذه المراجعة.
«إننا قلقون من ضرر هذه المنتجات على الأسنان» حيث كان هذا تصريح بروكس ل Live Science في مراجعة 2017.
نشرت مجلة علوم الفم التطبيقية دراسة أجريت عام 2019، قام فيها الباحثون بتجربة العديد من مبيضات الأسنان على 90 سن بقري مصبوغ بالشاي الأسود المركز, لم يكن الفحم النشط أفضلهم أداءً (كان هذا اللقب من نصيب الكوفارين الأزرق، وهو مبيض يعمل من خلال تغليف مينا الأسنان، مما يجعلها تبدو أكثر بياضًا لفترة مؤقتة)، لكن بعد مضي أربعة أسابيع ظهر القليل من التأثير المبيض للفحم.
إلا أن تجربة صغيرة واحدة ليست دليلًا كافيًا على فعالية أو سلامة استخدام الفحم النشط كمنتج للأسنان.
في الواقع، فإن بروكس والعديد من المشتركين قلقون من فكرة أن الفحم يبيض الأسنان عن طريق كشط جزء من طبقة المينا, الطبقة الخارجية للأسنان والتي تحمي السن من التلف مما قد يضعف الأسنان ويجعلها أكثر عرضة للاصفرار.
قام بروكس وزملاؤه في جامعة Maryland بمراجعة غسولات الفم المحتوية على الفحم النشط أيضًا.
نشرت British Dental Journal في سنة 2020، دراسة تفحص جزيئات الفحم النشط بواسطة المجهر الإلكتروني، لتجد الجزيئات حادة جدًا, وفي هذا الخصوص قال بروكس «إنها تبدو وكأنك تغسل فمك بالحجارة».
حذّر بروكس أيضًا من كون الفحم يحوي على الأقل أربع جزيئات هايدرو كاربونية والتي تعد مادة مسرطنة حسبما ذكرته الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وهناك أدلة وبائية عن سرطنة اللحم المشوي على الفحم، بالإضافة لوجود مادة مسرطنة أخرى تسمى طين البنتونيت والتي تشكل ثلث مكونات معجون الأسنان المحتوي على الفحم النشط.
تتمحور مخاوف بروكس حول الأشخاص الذين يستخدمون هذه المعاجين بشكل يفوق التوصيات ظنًا منهم بأن الاستعمال الكثير يعني عودة السن للونه الأصلي بسرعة.
حيث وضح بروكس أن في هذه الحالة، فإن الأسنان ستكون في خطر، خاصةً أن سُمِّيَّة هذه المنتجات لم تُختبر بعد.
إذن ما البدائل للحصول على أسنان جذابة؟
وفقًا لبروكس فإن استخدام المواد المحتوية على البيروكسيد سواءً حصلت عليه من وصفة طبيب أو من صيدلي فهو يعد من أفضل بدائل الفحم النشط، أو استعمال أي مبيض موافق عليه من قبل American Dental Association.
وعلى الرغم من كون هذه المواد غير ضارة إلا أن بروكس ينصح بالابتعاد عن المأكولات والمشروبات الملونة للأسنان كالنبيذ الأحمر والقهوة والتبغ، بدلاً من تعريض نفسك للحساسية أو تهيج اللثة.