سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هل هنَّ ممرضات أم موظفات.. حقوقهن مهضومة بشكلٍ فاضح فمتى سَيُنصفنَ؟؟؟

تحقيق/ ميديا غانم –

روناهي/ قامشلو- “أعمل في هذه العيادة منذ أكثر من عشرين سنة، وإلى الآن أتقاضى راتب شهري مقداره 30 ألف ل.س فقط، وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة المصاريف باتت تُثقِل كاهلنا، فهذا الأجر مقابل ما نقدمه من خدمات إجحاف بحقنا”!!!.
يعملنَ لساعات طويلة، البعض منهن يحملن شهادات تمريض وأخريات لا يمتلكنها فيعتبرن موظفات، وأغلبهن تؤدينَ دور الممرضات والموظفات معاً، ولكنهن يتقاضين أجر زهيد يعتبرنه “إجحاف بحقهن”، والوعود التي قدمت لهن منذ سنوات لم تلقَ النور إلى حد الآن، فمتى سينصَفن؟؟؟.
“أعمل من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الرابعة عصراً”، لسان حال ع. أ، البالغة من العمر 40عاماً، والتي تعمل في إحدى العيادات لدى أحد الأطباء بقامشلو، وتضيف: “أعمل في هذه العيادة منذ أكثر من عشرين سنة وإلى الآن أتقاضى راتب شهري مقداره 30 ألف ل.س، وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة المصاريف باتت تثقل كاهلنا، فهذا الأجر مقابل ما نقدمه من خدمات إجحاف بحقنا”!!!.
صورة ارشيفية
وتختتم حديثها قائلةً: “كي نستطيع مواجهة الحياة الصعبة التي نعيشها حالياً أطالب بتزويد رواتبنا فنحن نعمل لساعات طويلة وبأجرٍ زهيد، وإلى الآن لم نجد أي خطوة جدية من المعنيين تساهم في تحسين أوضاعنا”.
أما الممرضة “ل. ع” البالغة من العمر 26 عاماً من مدينة قامشلو، والأم لطفلة تقول: “منذ قرابة سنة أعمل في هذا المخبر، كنت أدرس في كلية العلوم، ولكن بسبب الأوضاع المادية الصعبة تركت الدراسة في السنة الرابعة من الجامعة، ولدي شهادة تمريض معترف بها”.
تقول ل. ع: “أتقاضى راتب شهري قدره 50 ألف ل.س، وهو لا يكفي آجار المنزل وحده، الذي يبلغ 75 ألف ل.س بالشهر، وبعد تردي الأوضاع مؤخراً بسبب ارتفاع الدولار بتُ أحتار في كيفية تأمين حليب طفلتي، أما زوجي يعمل عامل عادي بأجر زهيد أيضاً، وأطالب بالنظر في أوضاعنا وإيجاد حل بشكل سريع لأن الأسعار باتت لا تُحتمل”.
ومن جهة أخرى تشير فهيمة حسو من حي الكورنيش بمدينة قامشلو بالقول: “تدربت على مهنة التمريض وحصلت على شهادة تمريض من مركز روشن بدرخان منذ بداية ثورة روج آفا، ومن بعدها عملت في مشفى الشهيد خبات لمدة أربع سنوات، وتوقفت عن العمل بسبب وضعي الصحي، وأثناء الهجوم الأخير للمحتل التركي على مناطق شمال وشرق سوريا بتاريخ 9/10/2019، تطوعت للعمل في المشافي لأقوم بواجبي الإنساني تجاه شعبي لمدة شهر تقريباً، ولأسترجع معلوماتي وأبقى مطلعة على كل جديد عن المهنة عملت مؤخراً في أحد المشافي لمدة شهر ونصف الشهر كدورة صقل دون مرتب”.
تؤكد فهيمة بأن التمريض رسالة إنسانية بحتة، منوهةً بأنهم معرضون لكافة أشكال الخطر من الأمراض كما حصل في جائحة كورونا، ويكدون أكثر من غيرهم فهم يسهرون الليالي للقيام بواجبهم تجاه المرضى، وأيضاً يجدون صعوبة في التعامل مع المرضى من مختلف الفئات والشرائح، وتردف: “لذا وتقديراً لتضحياتهم لخلق مجتمع معافى وللثناء على جهودهم نطالب الجهات المختصة بتحسين أجورهم”.
وعن عدم مزاولتها لمهنة التمريض بشكل ثابت تقول فهيمة حسو: “أما عن نفسي فلم أعمل بشكل دائم وثابت في مهنتي بسبب نقص الأجور مقابل ساعات الدوام الطويل، والتي أعتبرها استغلالاً، لذا تطوعت عدة مرات في ظروف الحرب بدافع إنساني أما كمهنة فلا أرى مهنة التمريض اليوم قادرة على سد الرمق، ولهذا لا أعمل رغم حاجتي للعمل”
جالت صحيفتنا روناهي عيادات ومخابر مدينة قامشلو، لتتحدث لنا الممرضات اللواتي يمتلكن شهادات تمريض وأخريات ممن لا يمتلكن الشهادات فيعملن كموظفات لتسجيل الأسماء وتنظيم الدور وتنظيف العيادة التي يعملن بها وعمل الشاي والقهوة إلى جانب حقن الإبر وتركيب “السيروم” وتغيير الضمادات للمرضى بعد تدريبهن من قبل الأطباء، عما يعانين من بخس في الأجور مقابل ساعات الدوام الطويلة، وأغلبهن امتنعنَ عن ذكر أسماءهن “خشية فقدانهن لوظائفهن”، ولكن الجهات المعنية كان لها رأي آخر؟
لذا وفي البداية توجهنا إلى أحد الأطباء بمدينة قامشلو “ع. ف” الذي قال بهذا الصدد: “الكثير من المهن لا تأخذ حقها وبالأخص مهنة التمريض، فنحن الأطباء يلزمنا كثيراً ممرضات يمتلكن شهادات والسكرتارية وحدها لا تكفي، ولكن في الظروف الحالية وبسبب حاجة عملنا إليهن نعمل على تدريبهن حتى اللواتي لا يمتلكن الشهادات على حقن الإبر وتغيير الضمادات، ولكن بالنسبة لأجورهن قليلة جداً،  فـ “الممرضة” التي تعمل في عيادتي تتقاضى35 ألف ل.س في الشهر، بدوام خمسة ساعات، من الساعة التاسعة صباحاً إلى الثانية ظهراً”.
حول المعاينة التي يتقاضاها الدكتور من المرضى قال: “مؤخراً كنت أتقاضى ثلاثة آلاف ل.س لكل مريض، ولكن ومنذ بداية الشهر الجاري رفعتها إلى 5000 آلاف ل.س بسبب غلاء كافة المواد الطبية التي نشتريها”.
أما عن سؤالنا للدكتور ع. ف حول ما إذا سيرفع أجر الممرضة لديه فقال: “نحن بانتظار اتحاد أطباء قامشلو لكي يرفعوا معاينات الأطباء وبالتالي لنرفع أجور الممرضات لدينا لأننا أصبحنا نشتري كافة المستلزمات الطبية بسعر غالي جداً”.
وبهذا الصدد حدثنا الرئيس المشترك لاتحاد الأطباء بمدينة قامشلو، الدكتور مصطفى عبد الكريم الذي أشار بالقول: “بدايةً علينا أن نُفرق بين الممرضات والموظفات، الممرضات اللواتي يمتلكن شهادات تمريض كان من المقرر أن يتم تأسيس اتحاد الممرضات لهن، أما اللواتي لا يمتلكن شهادات تمريض ويعملن عند الأطباء فهن يعتبرن عاملات أو موظفات، وبذلك يتبعن لاتحاد الكادحين، ولا ننكر بأن حقهن مغبون ويتوجب على الجهات المعنية بهن إيجاد حل لأنهن يعملن بأجر زهيد جداً”.
وحول هذه القضية الشائكة أكدت الرئيسة المشتركة لاتحاد الكادحين في إقليم الجزيرة زينب حسن، بأنه قبل ثلاثة سنوات تقريباً ولتنظيم عمل الممرضات قاموا بجولات مكثفة على عيادات الأطباء في إقليم الجزيرة، بالإضافة إلى الممرضات في المخابر والمشافي العامة والخاصة، وتابعت: “أحصينا عددهن فكان 988 ممرضة، ورواتبهن كانت متفاوتة، ولكن بخسة أي بحدود   25 ألف أو أقل بالرغم من أن أغلبهن كن يعملن كممرضات وسكرتيرات بنفس الوقت، فجمعنا هذه الإحصائيات لنشكل اتحاد الممرضات.
وفي سياق متصل ولمعرفة كيفية حل هذه المعضلة الكبيرة لهؤلاء “الممرضات” حدثنا الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي  TEV-DEMغريب حسو قائلاً: “نعمل على تنظيم المجتمع المدني، ونضم من 25 إلى 26 مؤسسة واتحادات الأصناف المختلفة على مستوى روج آفا وشمال وشرق سوريا، وفي السنوات المنصرمة استطعنا التعريف بهدف مؤسساتنا لخلق مجتمع ديمقراطي تنظيمي، لذا أولينا الاهتمام لهذا الجانب، واستطعنا تنظيم العديد من الاتحادات مثل اتحاد الأطباء والكادحين.. إلخ، وهذه الاتحادات استطاعت تنظيم عملها نوعاً ما، وبالرغم من بعض المعوقات والضعف في العمل أحياناً ولكن عملها يسير بشكلٍ جيد”.
وحول أجور الممرضات وآلية تنظيمهن أكد حسو: “أما بالنسبة للمرضات اللواتي يحملن شهادات التمريض لدينا مخطط لتنظيمهن ضمن اتحاد الأطباء، أما بالنسبة للواتي لا يملكن هذه الشهادات ويعملن عند الأطباء يعتبرن كموظفات، لذا حالياً نناقش هذا الموضوع مع اتحاد الكادحين لنعمل على تأسيس اتحاد خاص بهن، ليتبع تنظيمياً لاتحاد الكادحين، بهدف تنظيمهن وحماية حقوقهن بسبب أهمية عملهن من جهة وكثرة عددهن من جهة أخرى”.
وبيّن حسو بأن هؤلاء الموظفات كما الكثير من العاملين يتبعن للقطاع الخاص لذا يتم استغلالهن وتشغيلهن بأجر قليل بسبب حاجتهم للعمل، لذا علينا تقديرهن وحماية حقوقهن، ولكن بالنسبة لتوقيت تأسيس اتحاد للموظفين والذي من المقرر أن يضم اللواتي يعملن في العيادات أيضاً قال حسو: “لحد الآن لم نحدد توقيت معين لهذه الخطوة لأننا لم نبدأ بالعمل عليها لحد الآن”.
واختتم الرئيس المشترك لمؤتمر المجتمع الديمقراطي غريب حسو حديثه قائلاً: “للنظر في وضع الموظفات وكذلك الممرضات وكل من يكد ويتعب ولا ينال مستحقاته بشكل متساوي ولكي لا يتم استغلالهن، يتوجب علينا تنظيمهن ضمن اتحادات خاصة بهن لبناء مجتمع ديمقراطي، وتأخرنا في تطبيق خططنا المرحلية كان بسبب هجمات دولة الاحتلال التركي ومرتزقته على مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى قلة الإمكانات وظهور فيروس كورونا المستجد”.
مع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في سوريا عموماً وانهيار الليرة السورية مقابل الدولار زاد من حجم معاناة الممرضات والعاملات في العيادات والمخابر بإقليم الجزيرة اللواتي يتقاضين أجوراً زهيدة لا تكفي معيشتهن لأكثر من ثلاثة أيام في الشهر، هذه المشكلة قائمة منذ سنوات وبالرغم من أن أغلب الأطباء قاموا برفع تسعيرة معاينة المرضى ولكن بقيت رواتبهن على ما هي عليه وسط غياب حلول حقيقية وجدية من الجهات المعنية حتى الآن.