أصبح الوضع الاقتصادي في شمال وشرق سوريا مادة دسمة تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة محملة الإدارة الذاتية المسؤولية، وبدأ هذا الوضع يتخذ منحنى تنازلي منذ أشهر بفعل عوامل عديدة، وبدأ المواطن يكشف عن استيائه وتشاؤمه, وهو يتوقع أن تصبح الأوضاع أكثر سوءاً في الأيام القليلة المقبلة ما لم تستمع الطبقة السياسة لمشاكلهم وهمومهم، فقدراتهم في الاستمرار بالحياة ستنعدم إذا بقيت أزمات (الخبز, الماء, الكهرباء, الغلاء, و…إلخ) تلاحقهم.
وبالرغم, من الحديث المتكرر عن انفراج وشيك للضائقة, وتدابير لاحتواء الأزمة, ووجود خُطَطْ لمشاريع قد تفيد المجتمع بشكل عام، وترفع الأعباء المتراكمة عن كاهل المواطن؛ يبقى تساؤلات المواطنين قائمة عن أسباب فقدان مصادر الحياة وهو من ينتجها، وأسباب تأخير تنفيذ المشاريع الاقتصادية (الإسعافية) لدعم الاقتصاد المحلي, وعن سبب عدم امتلاك المسؤولين لرؤية مستقبلية فيما يتعلق بالأزمات المستعصية.
كل ما نراه اليوم يشير إلى مسار مغاير, يظهر ضعف التخطيط الاستراتيجي, فلا يتم التفكير بالحلول إلا بعد وقوع الأزمة ـــ ويبقى المواطن هو الوحيد الذي يدفع فواتير هذه الأزمات، ربما لن نبالغ إذا ما قلنا أن لا هم للمواطن سوى التفكير بتأمين المستلزمات الضرورية التي تعطي للحياة استمرارية، وقد تغيرت أولوياته وتخلى عن الكماليات ـــ وإلا فلماذا لا يظهر المسؤولين على الإعلام ويكشفوا عن أسباب الأزمات (المفتعلة) بحسب تعبير المواطنين بشكل واضح وشفاف، حينها فإن كل مواطن سيستقبل أي قرار يصدر من الجهات المعنية بصدر رحب وسيعمل على التأقلم معه؛ لأنه هو نفسه الذي وقف مع الإدارة الذاتية وتجاوز العديد من الأزمات معها.
خاصة وإن المواطن لم يعد كما كان عليه في السابق, بات يدرك خطورة ما يحدث من حوله ويقدر جيداً الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وتأثيرها على المنطقة.
بناء على ما سبق, يتوجب عدم غض النظر عن المآسي الكثيرة للمواطنين وأزماتهم المتراكمة، وعلينا أن نجعل المواطن يشعر بأنه محل اهتمام. إدارتنا الموقرة من خلال البحث عن سبل لتخفيف العبء عنه, والوقوف معه حتى تستطيع هي الأخرى مطالبته بالوقوف إلى جانبها.
إن ما يعزز الثقة بين المواطن وبين الإدارة هو العمل الجاد والمثمر الذي ينهي حالة المأساة والفساد والجشع لدى بعض المتلاعبين بقوت الشعب في العديد مع مؤسساتنا وبخاصة الاقتصادية منها.
ما نحتاجه اليوم هو برنامج عمل ناجح وإحساس بالمسؤولية والغيرة الوطنية والأخلاقية، فالمرحلة صعبة وتحتاج لمنهجية علمية واضحة في العمل، والحاجة اليوم إلى إصلاحات اقتصادية هي حاجة ملحة قد تساعد في وقف تدهور الاقتصاد وتساهم مساهمة إيجابية في تحقيق نسب معقولة من التوازن الجغرافي.
وختاماً نتأمل بأن الإدارة الذاتية الديمقراطية لن تألُوَ في جهدٍ للتخفيف من آثار هذه الأزمات على الحياة اليومية للمواطن، وستسارع في تأمين أبسط مقومات العيش له.