No Result
View All Result
المشاهدات 0
قدري غورسيل ـ وكالة فرات للأنباء عن موقع مونيتور الأمريكي –
إن الاندفاع التركي نحو الصين كنتيجة للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أنقرة، لن ينقذ الاقتصاد التركي حتى لو أرادت بكين شراء تركيا بثمن بخس؛ نتيجة لانهيار عملتها، هل تشتري الصين تركيا بثمن بخس؟ هل ستشتري الصين تركيا المتضررة من الأزمة؟ يبدو السؤال مروعاً في البداية. ولكن؛ عندما يبدأ صحفي في الاستماع إلى مناقشات تدور حول هذا الموضوع في كل مائدة مستديرة تقريباً، أو حلقة دراسية أو ندوة حول العلاقات الدولية التي يحضرها، يصبح البحث عن إجابة للسؤال واجباً مهنياً في الحقيقة. إن تركيا تمر في هذه المراحل بأزمة اقتصادية متفاقمة تتسم بارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وتزايد عبئ الديون الخارجية، وكذا العملة الوطنية الليرة التركية شديدة التقلب. وفوق كل ذلك، تتفاقم مشكلات تركيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأنقرة أصبحت تنجرف بعيداً عن الغرب، وبالتزامن مع ذلك فإن الصين التي تمثل ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم تسعى حالياً إلى إحياء طريق الحرير القديم من خلال مبادرة “الحزام والطريق”، فهي مهتمة بالمنطقة التي تقع فيها تركيا، بينما تفخر بزيادة غير عادية في صادرات رأس المال وفائض في التجارة الخارجية، وهو ما يعني وفرة من المال وهو الهدف الأساسي من كل ذلك. وفي الوقت الذي تتوتر فيه علاقة تركيا بأمريكا وأوروبا، فإن العلاقات بين تركيا والصين ظلت في مسار إيجابي، وبخاصة أن تركيا أصبحت تتجاهل مشكلة أقلية الإيغور التركمانية المسلمة باسم مصالحها الاقتصادية والسياسية، لافتاً إلى عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، اجتماعاً ثنائياً على هامش قمة مجموعة العشرين في نهاية الشهر الماضي في الأرجنتين، معرباً عن استعداده لمواصلة “التعاون الاستراتيجي”، “والروابط الاقتصادية “بين بكين وأنقرة.
وتقول صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية اليومية الناطقة بالإنجليزية باسم الحزب الشيوعي الصيني، والتي ذكرت أن الرئيس الصيني قال إنه والرئيس التركي حافظا على تواصل وثيق في السنوات الأخيرة وقادا التعاون الاستراتيجي بين بلديهما وعلى أعلى المستويات. واستعرض الكاتب التركي في مقاله عدد من المؤشرات الاقتصادية التي تجعل الصين مهيمنة على الاقتصاد التركي، مشيراً إلى ترحيب عدد من الكتّاب المؤيدين للحكومة التركية بالخروج مما وصفوه بالهيمنة الأمريكية؛ وصولا لتعاون كامل مع الصين، أن الاستثمارات المباشرة للصين في الخارج ارتفعت بنسبة 44٪ لتصل إلى 183 مليار دولار في عام 2016، مما يجعلها ثاني أكبر مستثمر في العالم في هذه الفئة. وأن الميزان التجاري بين البلدين هو في صالح الصين بشكل كبير ما يشكل ثقلها الكبير عالمياً، حيث كانت الصين أكبر مصدر لتركيا في العام الماضي، بقيمة 23.3 مليار دولار. وبلغت الصادرات التركية إلى الصين 2.9 مليار دولار، مشيرا إلى أن حالة التجارة مع الصين تعد من بين المصادر الرئيسية لعجز الحساب الجاري في تركيا، إلى جانب واردات الطاقة التركية المرتفعة من الخارج. إن التباين الكبير بين البلدين قد شجع بوضوح أولئك الذين جادلوا بأن “الصين سوف تشتري تركيا بسعر رخيص”، وسوف ينتهي الأمر في تركيا على أنها ولاية اقتصادية للصين وهذا الاحتمال وارد جداً؛ لأن تركيا تعيش حالة اقتصادية خانقة. وفي الوقت نفسه فأن البعض في الدائرة المحيطة بأردوغان يعبّر عن أهمية أيديولوجية لعلاقات تركيا مع الصين، حيث ينظر إليها في سياق “الشرق مقابل الغرب”، مشيراً إلى مقال ييجيت بولوت، أحد كبار مستشاري أردوغان وعضو في مجلس السياسات الاقتصادية الرئاسية، في صحيفة “ستار” المؤيدة للحكومة بعنوان: “إعادة صياغة المعادلة بين الشرق والغرب”.
إن اندفاع الأتراك نحو الصين في محاولة للهروب من الضغوط الأمريكية، كما تحظى مبادرة الحزام والطريق الصينية وعلاقات تركيا مع الصين بتغطية واسعة في سياق معاداة أمريكا على نطاق واسع في وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة، من خلال التعبير عن أن “فكرة العالم المتمركز حول الغرب انهارت” ومن خلال وصف مشروع الحزام والطريق بأنه “طريق تجاري جديد يبقي الولايات المتحدة خارجها”، في سياق الحرب الاقتصادية المعلنة بين الطرفين. وهناك تناقض صارخ وكبير بين الدوافع الأيديولوجية والسياسية المفرطة التي يتحدث عنها البعض في الدوائر الحكومية التركية بشأن العلاقات مع الصين، حيث “لا يوجد شيء يسمى محور الشرق ومحور الغرب في هذه القضية، فالشرق والغرب متشابكان، وأكبر الاستثمارات في الصين تأتي من الغرب، وأكبر الاستثمارات إلى الغرب تأتي من الصين”، واوضح نقلا عن مصدر لم يسمه، أن هناك شيء واحد يقوله الصينيون لتركيا: “يجب أن تبقى عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على المسار الصحيح”، بمعنى أن الصينيين أنفسهم لا يريدون أن يكونوا بديلاً لعلاقات تركيا بالغرب وأوروبا، ولكن هيهات لتحقيقها بين تركيا وأوروبا. مما لا شك فيه أن الأزمة الاقتصادية الحالية ستترك تركيا أكثر فقراً، وسيحصل المشترون الأجانب في الوقت نفسه على بعض شركاتها ومواردها وغيرها من أمور، ومع ذلك وعلى الرغم من وفرة الأموال في الصين، لا يمكن أن تكون المنقذ لتركيا وتصبح علاجاً لأزمتها التي تعصف بها الآن.
No Result
View All Result