يعاني سكان شمال وشرق سوريا من نقص في الأدوية وارتفاع أسعارها في حال توفرها هذا غير الاستغلال والاحتكار، فما هي أسباب النقص والغلاء وما هي الحلول؟
تسببت المعارك المندلعة في سوريا منذ عام 2011 بتدمير البنية التحتية, ولم يسلم منها القطاع الصحي كما حال القطاعات الأخرى, إذ تعرضت معامل صناعة الأدوية التي اعتمد عليها السوريون في تأمين احتياجاتهم، للدمار والتخريب.
وألقى هذا بتأثيره على مناطق شمال وشرق سوريا؛ فهذه المنطقة لا يوجد فيها معامل لصناعة الأدوية نتيجة سياسات حزب البعث الذي منع افتتاح المعامل في المنطقة، ما جعلها تعتمد بشكل كلي على معامل الأدوية الموجودة في الداخل السوري، والتي تعرضت غالبيتها للدمار والنهب وخرجت عن الخدمة.
وأشارت منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي بداية العام الجاري إلى أن “الأنسولين، والأكسجين، ومواد التخدير، والأمصال والسوائل الوريدية لم تعد متوفرة داخل سوريا لتلبية الاحتياجات، وأن المرافق الصحية والصيدليات المحلية غير قادرة على توفير الأدوية، ولا سيما لعلاج الأمراض المزمنة المستمرة”.
وبحسب الرئيس المشترك لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا جوان محمد، فإنه “يعمل الآن فقط معملان لصناعة الأدوية في سوريا وهما يعانيان من نقص المواد الداخلة في صناعة الأدوية”.
غلاء ونقص حاد بالأدوية للأمراض المزمنة
وتشهد اليوم مناطق شمال وشرق سوريا غلاء في أسعار الأدوية وعدم توفر بعض أنواعها, وبالأخص أدوية الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والأعصاب وحليب الأطفال.
ويقضي المواطنون والمرضى أياماً في البحث عن الأدوية في الصيدليات، دون أن يحصلوا عليها، وهذا هو حال المواطن من مدينة قامشلو هواش برهو، المُهجّر من مدينة سريه كانيه/ رأس العين إبراهيم سيدو، والمواطن محمد ضاهر الذي بحث عن دواء لابنه بعد أن عجز الابن من الحصول عليه، ثم وجده في مدينة حلب.
ويحمّل الصيدلاني مصطفى علي، المستودعات الموجودة في المنطقة، مسؤولية نقص الأدوية في الصيدليات، حيث قال لوكالة هاوار: “هناك نقص في الأدوية ونلاقي صعوبة في تأمينها، وهذا يزيد معاناة المرضى”.
فيما أشارت المواطنة نورا حمدي إلى أن هناك بن بعض صيدليات تحتكر الأدوية، ويتفق معها في ذلك المواطن أحمد خليل، حيث أوضحا أن هناك صيدليات تبيع الأدوية وفق أهوائها، وهذا ما يجعل سعر الدواء الواحد متفاوتاً من صيدلية إلى أخرى، وطالبا الجهات المعنية بتشديد الرقابة على الصيدليات وضبط آلية البيع والأسعار.
ماهي الأسباب التي تقف وراء نقص الأدوية؟
ومن جهته يرى الرئيس المشترك لاتحاد صيادلة إقليم الجزيرة خالد داؤود، أن هناك أسباب عدة تقف وراء نقص الأدوية وغلاء أسعارها.
ومن هذه الأسباب بحسب داوود، الأزمة السورية وخروج معامل الأدوية عن الخدمة، وأزمة فيروس كورونا وإغلاق المعابر والحدود.
وأضاف: “أحد الأسباب أيضاً هو فرض الفرقة الرابعة ـ التابعة لماهر الأسد – ضرائب وإتاوات باهظة على المواد الطبية الواردة عبر المعابر إلى مناطقنا من دمشق, أو عبر الطيران”، مؤكداً أن الفرقة الرابعة تفرض إتاوة تصل إلى 15 ألف دولار على كل شاحنة تحمل الأدوية إلى المنطقة.
وانتقد داؤود، ازدواجية منظمة الصحة العالمية وإرسالها الأدوية إلى مناطق الحكومة السورية وإقصاء مناطق شمال وشرق سوريا من تلك المساعدات، وأكد أن المنطقة باتت تعاني نقصاً في أدوية القلب والسكري وحليب الأطفال.
ولمنع احتكار بعض مستودعات الأدوية والصيدليات للدواء، أشار داؤود إلى أن اتحاد الصيادلة مع هيئة الصحة أصدرا قانون عقوبات يتضمن مصادرة الرخصة وفرض غرامة مالية على المخالفين من أصحاب الصيدليات ومستودعات الأدوية.
ومع بدء انتشار فيروس كورونا في المنطقة وإغلاق المعبر الوحيد الذي يدخل منه الدواء ـ معبر تل كوجر/ اليعربية – بفعل الفيتو الروسي في مجلس الأمن، وتطبيق قانون قيصر من قبل الولايات المتحدة، فإن مناطق شمال وشرق سوريا مهددة بكارثة صحية، وهذا ما أكده الرئيس المشترك لهيئة الصحة الدكتور جوان محمد.
ويرى الدكتور جوان محمد أنه لحماية المنطقة من هذه الكارثة يجب فتح معبر تل كوجر/ اليعربية، حتى يستطيعوا استيراد الأدوية التي تحتاجها المنطقة عبر المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية، وتوزيعها في المنطقة لتأمين كافة الأدوية التي يحتاجها المواطنون.