بيريفان خليل
يُبرهِن الشعب الكردي من خلال نضاله في ساحات المقاومة بأن حرب الإبادة وسياسة كم الأفواه التي تمارسها دولة الاحتلال التركي، لن تنال من إرادتهم الحرة، واعتبروا عزل رؤساء ثلاث بلديات في باكور كردستان حرب عداء، ولا قانونية في قرارها، وبأن النصر سيكون حليفهم.
لم تكن الصفعة التي تلقاها حزب العدالة والتنمية في انتخابات البلديات التي جرت في 31 آذار المنصرم في باكور كردستان، صفحة منسيّة، حيث لم تتخلَ عن محاولتها، لاغتصاب حقوق الشعب الكردي وسلبها، وبخاصةٍ بعد فوزهم في تلك الانتخابات، وما يحصل اليوم في باكور كردستان خير دليل أن هذا الحزب بقيادة رئيس دولة الاحتلال التركي يستمر في حربه السياسية، حرب الإبادة بحق الشعب الكردي، وليسترجع سلطته، واستبداده في باكور كردستان، ومن خلال نظام الوصاية تُفرض هيمنته مرةً أخرى على ثلاث بلديات في باكور كردستان (بلدية ماردين وإيليه وخلفتيه) كانت تدار من قبل حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، حيث عُيّن ثلاثة أوصياء من قبله، ولم تكتفِ بعزل الرؤساء وتعيين الأوصياء فقط، بل تمادت لتطال اعتقال الرئيس المشترك لبلدية خلفتيه التابعة لمدينة أورفا؛ محمد كارايلان.
مساعي التصفية تُعاد اليوم
تاريخ حزب العدالة والتنمية المستبد يكشف بصفحة جديدة من نواياه بأن تكون السلطة التي لا تقبل أوجه الديمقراطية، حيث تتكرر السيناريوهات وتُعاد بأعوام مختلفة، فما ارتُكِب في 4 تشرين الثاني الحالي من سياسة إبادة وحرب ضد إرادة الشعب الكردي بعزل ثلاثة رؤساء بلديات كرد في باكور كردستان مورس بحق حزب الشعوب الديمقراطية HDP، لدى محاولاته لتصفية الحزب، والقيام بحملات اعتقالات واسعة طالت قيادات الحزب، حيث أقرّت دولة الاحتلال التركي قرار اعتقال أعضاء الحزب في الرابع من تشرين الثاني 2016 وهم (الرئيسين المشتركين للحزب فيغان يوكسكداغ، وصلاح الدين ديمرتاش, البرلمانية سري سريا أوندر, امام تاشجير, نورسيل آيدوغان, زيا بير, عبد الله زيدان, نهاد أكدوغان, سلمى ايرماك, غولسر يلدرم, فيصل ساريليز, فرهاد انجو, ليلى بيرلي وتوغبا هزر، ليتم اعتقالهم واقتيادهم بالمروحيات إلى مديريات الأمن في جولميرك، آمد، جيولك وشرناخ.
رسائل للإرادة الحرة
“إن سياسة حزب العدالة والتنمية فاسدة، تتطلع بالمشاركة مع حزب الحركة القومية إلى حكم البلاد بمجموعة من الرأسماليين”، “كردستان ستصبح مقبرة للفاشية”، “الوكيل سيُرحل والشعب في مكانه… دعونا نقف كتفاً بكتف ضد الفاشية”، “لن نقبله وسنقاتل حتى النهاية، في الشوارع، في الأحياء، في كل مكان، ستكون لدينا إرادتنا. فلتكن لشعبنا إرادته في كل جزء من كردستان، سنحول كل غابة في كردستان إلى منطقة مقاومة. لقد ظهرت خطة هؤلاء المحتلين”، “لا يوجد شيء ضد عقلية مُدبري الانقلاب والشعب الكردي، لا يوجد شيء ضد عقلية إرادة الشعب الكردي، اليوم هو يوم المقاومة والنضال”، “إنه انقلاب على إرادة الشعب الكردي. الانقلاب ضد إرادة النساء والشباب”، بهذه الكلمات عبّر أهالي باكور كردستان والبرلمانيين والمسؤولين من الكرد عن رفضهم وإدانتهم لما فعله حزب العدالة والتنمية بحقهم، من سياسة سلب الحقوق، حيث عملت الاحتجاجات الواسعة في باكور كردستان وامتدت إلى إسطنبول، مؤكدين بإرادتهم الشعبية ستنتصر وستسقط الفاشية التركية، وعلى الرغم من رد سلطات الأمن التابعة لدولة الاحتلال التركي، وكما العنف بممارسة العنف ضدهم، بإطلاق الرصاص المطاطي والغاز المُسيّل للدموع، والمياه، ليصل بهم الحال إلى إطلاق الرصاص الحي في بعض المدن، لم تتوقف المظاهرات، لتتعالى الأصوات أكثر من قِبل مُصرّين على استرداد حقوقهم المسلوبة.
لم تكتفِ سلطات دولة الاحتلال التركي بممارستها بمنع الاحتجاج والتظاهر ضد قرارها بالأساليب التي ذكرناها آنفاً، بل تعدى ذلك باعتقال 60 محتجاً، بينهم أعضاء مجلس البلدية في مدينة إيله فقط (باطمان)عقب خروجهم في مظاهرات ضد إقالة رؤساء بلديات ثلاث مدن في باكور كردستان، ومن خلال هذه السياسة سياسة كم الأفواه تظهر مخاوف دولة الاحتلال التركي من طغي الديمقراطية على النهج الاستبدادي الذي تمارسه.
ويشار إلى إن قرار الإقالة جاء بعد عدة أيام من إصدار المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان في تقرير مخاوفها من استمرار تراجع معايير الديمقراطية في تركيا.
تحويل الشوارع إلى ساحات المقاومة
ظهرت ردود فعل كثيرة شددت على تضامنها مع المقاومة التي يُبديها الأهالي في باكور كردستان.
وأصدرت منسقية منظومة المرأة الكردستانية KJK بياناً دعت فيه إلى رفع النضال إلى مستوى الانتفاضة وإبداء الموقف ضد الاستيلاء على الإرادة وخوض المقاومة من أجل التخلص من هذه السلطة الفاشية وكل أجهزتها، وعدّت تلك السلطة عدوةً للمرأة والكرد، مؤكدةً بأن الفاشية ستُهزَم، وبأن ما يحصل يكشف زيف ادعاءات ذلك الحزب حول خطته نحو السلام.
كما بيّنت بأنه لن تُحقق الديمقراطية والحرية والسلام في تركيا، ما لم تتحقق حقوق هوية الشعب الكردي ولغته وثقافته، أي حقوقه الجماعية، وإيجاد حل لها.
ودعت المنسقية الأطراف الوطنية والديمقراطية والثورية في تركيا وكردستان إلى توحيد قواهم في مواجهة السلطة الفاشية لحزبي العدالة والتنمية والحركة القومية وإظهار مقاومة أكبر وتعزيز النضال بشكلٍ أكبر.
كما طالبت النساء بتحويل الشوارع إلى ساحات النضال، فإن لم ترحل السلطة، ستتفاقم الأمور، لذا الخلاص الوحيد هو التخلص من الفاشية.
وفي السياق ذاته؛ أصدر المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني الكردستاني KNK هو الآخر، بياناً كتابياً بأنه عزل رؤساء البلديات في مدن باكور كردستان، هي المرة الثلاثة التي ينتهك فيها النظام التركي الإرادة الديمقراطية للشعب الكردي ويستولي بشكلٍ غير قانوني على الإدارات المحلية في كردستان.
وعدّ تعيين وكلاء في ماردين وإيليه وأسنيورت وخلفتي، انتهاك لإرادة الشعب الكردي واعتداء على كافة المعايير القانونية والديمقراطية، وبأن إغلاق مباني البلدية واعتقال المسؤولين المنتخبين أعمال وحشية تنتهك المعايير والمبادئ الدولية للديمقراطية والسلام والحرية.
وذكرت في بيانها “إنَّ دولة الاحتلال التركي تبتعد كل يوم وبشكلٍ متزايد عن المعايير الدولية ومن المؤسف أن القوى العالمية والمؤسسات الدولية تلتزم الصمت بسبب مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية. إن صمت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا والمؤسسات المشابهة لها يعطي الشجاعة للنظام الفاشي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. وإننا ندعو القوى العالمية الديمقراطية وكافة المؤسسات الدولية إلى عدم التزام الصمت أمام هذه الانتهاكات والإجراءات اللاقانونية”.
وطالب المؤتمر بوقف القرار على الفور وعزل الوكلاء الجُدد وعودة المسؤولين المنتخبين إلى مناصبهم المشروعة، لتسود إرادة الشعب والحقوق الديمقراطية الدستورية، مؤكداً أن الحق في تقرير المصير حق أساسي ولن يقبل بتدمير القيم الديمقراطية وبأن الشعب الكردي لن يتراجع عن هذا الظلم؛ وسيصرون على حقهم في تقرير المصير والديمقراطية والإرادة الحرة.
نظام الوصاية سياسة دولة ذكورية
وبدورها أصدرت حركة المرأة الحرة بيانًا كتابياً في الشأن ذاته، ذكرت فيه بأن الحكومة تقوم بسلب إرادة الشعب والمرأة بشكلٍ خاص، ويحولون البلديات إلى مؤسسات يهيمن عليها الرجال، وأماكن للاستغلال والدمار، وبأن نظام الوصاية سياسة دولة ذكورية، ودعت جميع المنظمات النسائية الدولية والمنظمات الديمقراطية الشعبية والعالم أجمع، إلى الاستماع إلى صوت المرأة الكردية ودعمها والتضامن معها في الساحة الدولية “لم ننحنِ في وجه المحتلين بالأمس ولن نستسلم وننحي اليوم أيضًا وسوف نستعيد حقنا تحت أي ظرف من الظروف وستبقى المرأة وسيُرحل الظلام”.
تضامن أوروبي
كما انضم إلى اتحادات وجمعيات من أوروبا إلى المؤسسات والمنظمات الأخرى في دعمها لمقاومة أبناء باكور كردستان، ورفض وإدانة ممارسات دولة الاحتلال التركي، وحرمان الشعوب من إدارة أنفسهم بأنفسهم.
اتحاد المهاجرين المضطهدين في أوروبا أوضح في بيانه “إرادة شعبنا الذي يقف ضد سياسة الوكلاء بكرامته هي خط نضالنا ومقاومتنا، ويجب علينا نحن الكادحين والمرأة والشبيبة المهاجرة من تركيا وكردستان، نشر مقاومتنا ضد الاضطهاد في المدن الأوروبية وإظهار الدعم، ويجب النزول إلى الساحات ورفع وتيرة النضال وكما ندعو جميع أهلنا في أوروبا وجميع الشعوب والمؤسسات الديمقراطية من الثوار والمهاجرين إلى الوقوف إلى جانب أهالي ماردين وإيليه وخلفتي”.
واتفق مؤتمر المجتمعات الديمقراطية الكردستانية في أوروبا، مع اتحاد المهاجرين المضطهدين في أوروبا بالنزول إلى الساحة ومساندة الإرادة الحرة “ندعو أصدقائنا وعموم أبناء شعبنا خارج البلاد للخروج إلى الساحات ضد سياسات الإبادة والتعبير عن رفضهم الديمقراطي، لن تتمكن أية محاولات وظلم أن يكونوا عائقاً أمام نضال الحرية للشعب الكردي، وليُعرف إن كلمات الدكتاتورين أردوغان وبهجلي ليست سوى خداع”.
وكشف من خلال البيان: “يجب أن يُعرف إن نظام التعذيب المشدد الممارس بحق القائد آبو، يُظهر نفسه في عموم كردستان وتركيا ويتوجب على شعبنا مساندة النضال بإصرار وتصميم”.
ومن جهة أخرى عبّر اتحاد الجمعيات الكردستانية في ألمانيا عن استيائه على قرار الاستيلاء على البلديات ومن خلال البيان أفاد “مع تعيينهم وكلاء جدد اليوم بدأوا بسياسة الوكلاء في فترة الولاية الثالثة وهم يُصِرّون على ممارسة سياسة العداء ضد الشعب الكردي منذ ما يقرُب من عشر سنوات، فبدلاً من الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الانتخابات وسيادة القانون، أصبح أسلوب السلطة التركية هو أسلوب الارتزاق والعداء، إنَّ نضال الشعب الكردي من أجل الديمقراطية والحرية سيستمر دائماً”.
وبيّن الاتحاد: “ككرد متواجدين في ألمانيا، نكرر دعوتنا للحكومة الألمانية ودول الاتحاد الأوروبي، بأن لا يغضوا النظر حيال السياسات العدائية لدولة الاحتلال التركي ضد الشعب الكردي، يتم في القرن الحادي والعشرين سلب حق الشعب في التصويت والانتخاب ويتعين على المؤسسات الألمانية أن تتخذ موقفاً ضد هذه السياسات التي تُضيّق الديمقراطية وحقوق الإنسان، لقد أصبحت القضية الكردية اليوم قضية دولية وإن صمت المنظمات الدولية يشجع سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية ويتعين على المؤسسات الألمانية أن تنهي علاقاتها الحالية مع نظام حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية ضد السياسات المناهضة للديمقراطية و إن سياسات الإنكار والضلال هذه لا تحل القضية”.