No Result
View All Result
المشاهدات 2
أزهر أحمد –
(أرجوك أن تنشر رسالتي بعد مماتي)؛ ما زلت أتذكر كلمات العم سيدو وهو يصارع الموت قبل أن يرحل إلى حيث الخلود ترك هذه الرسالة فتأملتها وأنا أقرؤها وقررت أن أنشرها:
“رسالتي أكتبها لكم ودموعي تمتزج وحبر قلمي الحزين، لفراق الأهل، حتى قلمي وأنا سأفارقه؛ بات كئيبا وكأنه يعتصم عن الكتابة متمرداً على واقع أهلي أحبتي وهو الآخر يتساءل؟
هل من الإنصاف أن تتركواً عجوزاً في الظلام, وهو يلملم أدويته المبعثرة, يتألَّم تارةً من المرض, وتارة لفراق مولود لطالما عقد عليه الآمال، هل من العدل أن تتركوا ولدكم المشلول يتوسد حذاءه الممزق وأن تتركوا جريحاً كان بالأمس يُرمِّم قبة المسجد، وجرس الكنيسة، وأسقف منازلكم التي دنسها الغزاة!؟ هل من المنطق أن تتركوا مزارات الشهداء وهم ينتظرون زيارتكم كل خميس، هل نسيتم لحظات ما بعد صلاة العيد، نعم قبلة يد والدتكم الجالسة بباب البيت تحضن أحفادها وتداعبهم وتهبهم العيدية. أرض روج آفا تنتظر زنوداً سمراء تفلحها ويداً حنوناً تقلبها وأوفياء يسهرون على راحتها عذريٌّ كلُّ شيء في بلادي.
إلى أين تذهبون؟ نعم إلى أين تذهبون؟ إلى السراب؟ أتذهبون إلى أب تبرأ من ابنته! أم لعجوز تحلم بشاب يعانقها! عفواً…عفواً! فكل شيء مباح، وإن لم تقبل سترحل إلى بلادك، وإن سكتَّ فأنت وكرامتك في السراب!!
أليس كذلك؟ أجيبوني أيها المهاجرون ….امتطيتم قوارب الموت إلى بلاد الموت!. بعتم ما هو ثمين بسراب الأماني الوهمية. إني حزين لبيع ذكرياتكم في الأسواق، كل شيء للبيع (الكرامة, الأخلاق, الأصالة, الذكريات, والحقائق).
إلى كل من شرب الماء من آبار سري كانيه ودرباسية وعامودا وقامشلو والحسكة، وكوباني وعفرين، وتنفس هواء روج آفا والشمال السوري وافتخر بحضارة ميزوبوتاميا وتقاذف ثلوج قنديل وجودي وبيخير آكري، إلى كلِّ حرٍّ:
إلى من كان يطمح أن يسمع كلمة كردستان ويسمع صوت عارف جزيري، إلى من كان يحلم أن يتعلم اللغة الكردية قراءة وكتابة وتاريخاً، إلى كل من كان يحلم أن يحمل أبناؤه أسماء كردية، أقول لكم: عودوا إلى أرضكم وأصالتكم, تاريخكم, أحلامكم البريئة وأنتم صغار.
عودوا إلى مدارسكم، فأصوات حناجر أطفالكم تغازل البلابل بالكردية والأخضر والأحمر والأصفر، تعانق السماء تبتسم لجيل حمل البندقية والقلم، وبيوم جديد وشمس تغرب في روج آفا لتعود وتشرق من جديد. عودوا ……. عودوا ……. عودوا…. لتعود الروح للشمس في روج آفا وليعشق الجميع وطناً لطالما داوى جراح الراحلين والقادمين وهو يمضي إلى الشمس حيث الدفء في أحضان أمهاتكم وحيث الأماني وأحلام وأماني شهداء سقوا تراب الوطن بدمائهم وهم يبحثون عن الحقيقة.
لم أنتبه وأنا أتأمل في تلك الرسالة وإذا ببعض الكلمات في الرسالة ازداد رونق “زرقتها” وإذا بدموعي وهي تعانق كلمات العم سيدو معلنة نداء عودة الراحلين إلى السراب ليعودوا إلى حقيقة الوطن.
No Result
View All Result