امرأة من عفرين عانت الأمرين بعد اختطافها بشكل وحشي مع ابنتها البالغة ثلاثة أعوام في سجون المرتزقة التابعة للاحتلال التركي فكيف تمكنت من الفرار منهم، وماذا شاهدت داخل معتقلاتهم؟؟
بعد أن احتلت الدولة التركية ومرتزقتها عفرين في 18 من آذار عام 2018، اتبعت سياسة التغيير الديمغرافي والتهجير القسري للمدنيين، ناهيك عن الاختطافات التعسفية بحق من تبقى من السكان الأصليين.
القصة بدأت عندما اختطف المرتزقة المواطن (و. م) من منزله الكائن وسط مدينة عفرين، واقتادوه إلى سجون تركيا بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية.
اختطفت بشكل وحشي
وفي عام 2019 اختطفت المخابرات التركية بالتنسيق مع مرتزقة الشرطة العسكرية زوجة المواطن (و. م) وتدعى (أ. ع) وابنتها التي تبلغ من العمر ثلاثة سنوات، وذلك بتهمة التعامل مع وحدات حماية الشعب والمرأة وتصفية عناصر من المرتزقة، وتم اقتيادهما إلى فرع مرتزقة ما تسمى الشرطة العسكرية في مدرسة التجارة سابقاً في عفرين المحتلة.
فرع ما يسمى بالشرطة العسكرية كان سابقاً مدرسة التجارة في عفرين، تحولت إلى مكان لتعذيب المدنيين وقتلهم بتهم وحجج واهية، وبالأخص النساء، بعد احتلال عفرين من قبل الدولة التركية ومرتزقتها.
يقود المرتزقةُ الملقبون بأبي حيدر وأبي عرب وأبي زياد وأبي ساير فرعَ ما يسمى بالشرطة العسكرية في عفرين المحتلة، وفي نفس الوقت يقومون بالتحقيق مع المدنيين والنساء، وهم من أبشع الأشخاص الذين يمارسون التعذيب بحق المدنيين والنساء بشكل خاص.
وينتمي المرتزقان أبو حيدر وأبو عرب إلى ريف حلب، ولهما تاريخ حافل في قتل وتعذيب وتدمير الشعب السوري وبالأخص الكرد.
سجنٌ يفوح منه رائحة العنف
وتتعرض النساء في السجن سيئ الصيت لمختلف أشكال التعذيب، كالصعق بالكهرباء والضرب بخراطيم المياه، بالإضافة إلى الإهانة والممارسات اللاأخلاقية.
في 23 من شهر حزيران لعام 2019 اختطفت المواطنة (أ. ع) 27 عاماً مع ابنتها الصغيرة من منزلها في عفرين، وتم اقتيادهما إلى فرع الشرطة العسكرية، وبعد أكثر من عام في السجون دفع الأب فدية لتتخلص من عنفهم وبعد ذلك تمكنت من الفرار من المرتزقة في عفرين إلى مقاطعة الشهباء منذ أسبوع.
تقول (أ. ع) لوكالة أنباء هاوار: “اختطفت من قبل الشرطة العسكرية بشكل وحشي، ولا أعلم سبب اختطافي، وحين وصلت إلى فرع مرتزقة الشرطة العسكرية في مدرسة التجارة، أقدم المرتزقة على ضربي بخراطيم المياه بشكل وحشي ناهيك عن الألفاظ البذيئة اللاأخلاقية، وكلما كانوا يقومون بضربي، يقولون تعملين مع وحدات الشعب، وتعطين المعلومات عن عفرين لهم”.
أساليب تعذيب النساء أثناء التحقيق
وتطرقت (أ. ع) إلى أساليب التحقيق وتعذيب النساء أثناء التحقيق، وقالت: “كان المرتزق المحقق أبو حيدر يسألني عن كيفية التعامل مع وحدات حماية الشعب، والمعلومات التي أرسلها لهم، كنت أجاوب أنني لا أعمل مع أحد، وأنني مدنية لا علاقة لي بأحد، كان يبتزني بابنتي التي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام، ويهددها بالقتل وإعطائها حبوباً مخدرة”.
وتابعت: “كان أبو حيدر يهدنني بالاغتصاب ونشر مقاطع مصورة لي إن لم أُدلِ بمعلومات، بالإضافة إلى قتل ابنتي، كان يجبرني على مشاهدة كيفية تعذيب النساء بأساليب مروعة مثل الضرب بالخراطيم والصعق الكهربائي، وتم تعذيبي بتلك الأساليب أيضاً دون رحمة وشفقة”.
وخلال حديثها أشارت (أ. ع) إلى أنها أصيبت بانهيار عصبي بسبب المشاهد التي رأتها داخل الفرع من تعذيب ومعاملة المختطفات على أنهن لسن بشراً.
ونوهت (أ. ع) بأنه بعد مرور شهر أصبحت زنزانات الفرع مليئة بالنساء المختطفات، غالبيتهن نساء كرديات، ونساء أخريات من شمال وشرق سوريا، وذلك بتهم وحجج واهية.
وأردفت: “أصيبت العديد من النساء داخل الفرع بانهيار عصبي، وأصبن بالجنون، بالإضافة إلى أمراض مختلفة بسبب انتشار الأوساخ في كل مكان داخل الفرع ومنع تنظيفها”.
وأكدت (أ. ع) “أن بعض النساء عندما كن يتعرضن لأمراض كان المرتزقة يحقنونهن بإبر وحبوب مخدرة للإفصاح عن أشياء لم يفعلنها”.
وأضافت (أ. ع): “كان بين النساء المختطفات نساء حوامل وتم توليدهن داخل السجن، على الرغم من عدم توفر المستلزمات الطبية وملابس الأطفال ولا حتى حليب للأطفال”.
ولفتت (أ. ع): “يوجد عدد كبير من النساء حكم عليهن بالإعدام، وعدد كبير من النساء والرجال ماتوا تحت التعذيب ومنهم من أصيبوا بالجنون بسبب الصاعق الكهربائي”.
بقيت (أ. ع) وابنتها (ت. م) قرابة السنة في سجون المرتزقة، وأكدت (أ. ع) “إن النساء المختطفات في السجون يدعون ويتمنون من الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب والمرأة تخليصهم من ظلم ووحشية مرتزقة الاحتلال التركي”.
خرجت بفدية مالية
وخرجت من السجن بعد أن دفع والدها مبلغ 17 مليون ليرة سورية فدية مالية للإفراج عنها، بالإضافة إلى دفع 350 دولار للمرتزقة ومبلغ 800 دولار للمحامي، وبعد خروجها من السجن توجهت (أ. ع) وابنتها ووالدتها (م. ع) التي كانت مختطفة من قبل المرتزقة لمدة عشرين يوماً بحجة التعامل مع مؤسسات الإدارة الذاتية سابقاً، ووالدها إلى مقاطعة الشهباء.