No Result
View All Result
المشاهدات 0
نوري سعيد-
كما استطاع أتاتورك خداع القيادة السوفيتية في عشرينيات القرن الماضي متظاهراً على أنه اشتراكي يتبع الأسلوب الديمقراطي، بينما سراً كان يعرض خدماته للإمبريالية العالمية ومتآمراً على الدولة السوفيتية الفتية آنذاك كذلك يفعل أردوغان الشيء ذاته مع بوتين، فبعد أن وطدّ علاقاته مع روسيا ومن ضمنها شراء منظومة (إس400 و 300 ) وأصبح أحد أركان منصة سوتشي وآستانا مع ذلك لم يحاول فك ارتباطه بالناتو، وظهر على حقيقته في إدلب وحلب وليبيا. وبدأت تظهر الخلافات بين تركيا وروسيا شيئاً فشيئاً، وعليه من كانت خصاله الغدر والنفاق لا يُؤْمَن له جانب، ومن هنا حتى لو انسحبت هيئة تحرير الشام من إدلب فإن تركيا لن تنسحب لأن إدلب تقع ضمن المنطقة الآمنة التي يُصرُّ أردوغان على إقامتها على طول حدوده الجنوبية مع سوريا وبعمق 30 كم كما يقول دائماً، ليس هذا فقط بل يريد الوصول من خلال إدلب إلى الطريق الدولي M5 الواصل إلى دمشق ومنها إلى درعا والخليج وبالأخص إلى قطر حليفته في دعم الإرهاب.
ولهذا أيضاً احتل عفرين مُتذرعاً باتفاقية أضنة والميثاق الملي وإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، وتوطين عوائل المرتزقة الموالين له فيها ومنهم ما يسمى بالجيش الوطني السوري المرتزق، مستغلاً الظروف التي تمر بها سوريا بحجة إن الهجوم السوري والروسي على إدلب تسبب بنزوح ما يقارب مليون شخص عالقين على الحدود مع تركيا. وهذا ما لا تستطيع تركيا تحمّله ويعتبر ذلك الهجوم إحراجاً لتركيا وليس من أجل بسط السيادة السورية على إدلب، أما وجود أكثر من عشرين نقطة مراقبة تركية في إدلب فلا يعتبرها أردوغان انتهاك للسيادة السورية وأيضاً إقامة “منطقة آمنة” وأن تكون تحت السيطرة هناك للجندرمة التركية، وهذا لا يُعد خرقاً للقوانين والأعراف الدولية في منطق أردوغان!
وخلاصة القول: نحن كسوريون نفتخر بأي انتصار ضد المرتزقة والإرهابيين على عموم الأراضي السورية، حتى في إدلب وحلب ومحاصرة نقاط المراقبة العسكرية التركية بمساعدة الروس والحاق الهزائم بجبهة النصرة والمرتزقة المتعاونين مع تركيا، وحبذا لو قام النظام بمسؤولياته الكاملة في حماية الأراضي السورية شمالاً وشرقاً وجنوباً وغرباً، لأن أردوغان ماضٍ في تنفيذ مخططاته العدوانية التوسعية الاحتلالية. والمصلحة الوطنية تقتضي رص الصفوف والتلاحم موالاة ومعارضة وطنية والتفرغ لمواجهة المحتل التركي والكف عن التراشق بالتهم الغير مبررة وبخاصة من جانب النظام السوري في هذه المرحلة المصيرية التي يمر بها الوطن، لأن الوطنية ليست حكراً على طرف معين، وسوريا وطننا وهي غالية على قلوبنا جميعاً ولا بد من الإسراع في عقد المفاوضات السياسية التي دعا إليها النظام مع مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، والوصول إلى تفاهمات حول ما ستكون عليه سوريا المستقبل والاعتراف بأن سوريا 2020 ليست كما كانت قبل 2011 ولا بد من بناء سوريا أحلى تُليق بكل السوريين عرباً وكرد وسريان وآشور وتركمان وأرمن؛ سوريا ديمقراطية لا مركزية تعددية وعقد اجتماعي ديمقراطي جديد، لأن كافة الأطراف الدولية والإقليمية تتكالب على وطننا وتريد النيل من وحدته وسيادته وذلك لتحقيق مصالحها التآمرية الخبيثة، وهذا ما لا يقبله أي سوري يحمل ذرة من الوطنية، وعلينا جميعاً تبني مقولة “عفى الله عما مضى” لأن الظروف العصيبة هي محك الشعوب الحية، فإما أن تتجاوزها أو يتجاوزها الزمن، فإلى متى سنظل نحن السوريون هكذا بحيث يتمسك كل طرف بموقفه ويستقوي بالآخرين والبلد ينهار يوماً بعد يوم، وعلينا أن ندرك إذا بقينا على هذا الحال من التشرذم والتراشق بالاتهامات وعدم الوصول إلى حل للأزمة، التي نعاني منها منذ تسع سنوات لن يبقى شيء اسمه سوريا.
No Result
View All Result