تهدف دولة الاحتلال التركي من حرق محاصيل شعوب شمال وشرق سوريا إلى تطبيق سياسة التجويع في ظل عملية التطهير العرقي، والتغيير الديمغرافي في المنطقة وتتريكها، وهذا ما أكده العم إبراهيم أليبول الذي أحرقت دولة الاحتلال أرضه الزراعية أمام عينيه.
منذ اندلاع ثورة روج آفا ومقاومة شعوب شمال وشرق سوريا؛ تحاول دولة الاحتلال التركي بكافّة السبل والطرق كسر إرادة شعوب المنطقة، فدعمت وموّلت في البداية مرتزقة جبهة النصرة، ومن بعدهم مرتزقة داعش الذين تمّ دحرهم جغرافيّاً في آذار 2019 على يد قوّات سوريا الديمقراطيّة، ومن ثمّ التدخّل المباشر واحتلال الأراضي السورية، ومنذ بداية الموسم الزراعيّ 2019 تقوم بحرق المحاصيل الزراعيّة التي تُعتبر المورد الرئيسيّ لأبناء المنطقة وبشكل خاصّ القمح والشعير.
ويرى مراقبون بأنّ الهدف الرئيس من جرائم والممارسات التركية الأخيرة بحقّ أبناء شمال وشرق سوريا هو ضرب الأمن الغذائي لسكّان المنطقة، في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمة اقتصادية إثر جائحة كورونا وسوريا بشكل خاصّ نتيجة العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
واحترق حتى الآن أكثر من مئة ألف دونم من المحاصيل الزراعية نتيجة إضرام جيش الاحتلال التركي ومرتزقته النيران في المحاصيل الزراعية، واستهدافهم كل من يحاول إخمادها وكلّ من يقترب من جني محصوله، كما حدث للمزارع محي الدين عبد الله الذي استشهد قنصاً برصاص جندي تركي خلال عمله في بستانه بقرية ديرونا آغا شرق قامشلو 55 كم في 17 أيار المنصرم.
ومن بين المحاصيل الزراعية التي أُضرمت بها النيران من قبل جيش الاحتلال التركي، محصول العم إبراهيم أليبول البالغ من العمر75 عاماً، حيث يقطن مع عائلته بالقرب من الحدود المصطنعة الفاصلة بين مناطق شمال وشرق سوريا وباكور كردستان في مدينة قامشلو، ولديه 14 هكتاراً من الأراضي الزراعية محاذية للحدود، حيثُ شاهد إليبول بعينيه كيف أضرم جنود الاحتلال التركي النار بمحصوله الذي زرعه بيديه، واهتمّ به حتّى وصل لمرحلة الجني في الثالث من حزيران الجاري، فقال لوكالة أنباء هاوار: “رأيت بأمِّ عيني كيف قام الجنود الأتراك بحرق محصولي، ولم أستطع فعل شيء؛ جسدي لم يساعدني على الحركة لإخماد الحريق”.
وتابع العم أليبول: “هذه ليست المرّة الأولى التي يقوم بها الاحتلال التركي بحرق محصولي، ففي العام الماضي أيضاً قاموا بحرق محصولي ومحاصيل أهالي شمال شرق سوريا”.
يهدفون لقتلنا وتجويعنا
بثلاث كلمات وصف العم إبراهيم جرائم الاحتلال التركي بحقّه وبحقّ أبناء شمال وشرق سوريا، فقال: “يهدفون لقتلنا وتجويعنا”. ويتساءل: “من أين سوف أعيش وأعيل أسرتي؟ وكل عام يقوم الاحتلال التركي بحرق محصولي، إنّهم لا يخافون الله، ولا يعرفون الحلال من الحرام”.
كما نوّه أيضاً بأنّ جنود الاحتلال التركي قاموا بسرقة ما يقارب 740 رأس غنم وقتل شريكه على الشريط الحدودي.
وبدوره أوضح الحقوقي خالد عمر بأنّ ما تقوم به الدولة التركية من حرق المحاصيل جريمة، ويتم تصنيفها ضمن الجرائم المنظورة أمام محكمة الجنايات الدولية، إضافةً إلى جريمتها كدولة محتلّة للأرضي السورية.
ونوّه عمر بأنّ الجرائم التي تمارسها دولة الاحتلال التركي تندرج تحت بند التجويع وضرب الاقتصاد الوطنيّ والموارد الأساسية كالقمح الذي يعدّ محصولاً استراتيجيّاً وأحد أهمّ روافد الاقتصاد السوري. وبيّن بأنّه وللحدّ من ممارسات دولة الاحتلال التركي من حرق محاصيل المزارعين، على المزارعين المتضرّرين رفع دعاوٍ لمحكمة الجنايات الدولية.
نتيجة ممارسات الاحتلال التركي المتكرّرة بحقّ أبناء مناطق شمال وشرق سوريا وبشكل خاصّ إضرام النيران بالمحاصيل الزراعيّة، يتدهور المستوى المعيشي في المنطقة، كما هو حال العم إبراهيم أليبول الذي يعاني من بعض أمراض ولا يستطيع مراجعة الأطباء، حيثُ قال: “الآن لا أملك سوى بقرتين، وأعتمد في تأمين لقمة عيشي وعيش عائلتي من مردود الحليب الذي أبيعه”.