No Result
View All Result
المشاهدات 4
فوزة يوسف –
هذه رسالة مفتوحة لكل من يقوم بين فترة وأخرى باتهام القوى السياسية في شمال وشمال شرق سوريا بالانفصال ومحاولة التقسيم. في البداية كان الائتلاف السوري يعزف على هذا الوتر، وبعدها تركيا، ومن ثم بين فترة وأخرى تقوم كل من روسيا والنظام السوري بتوجيه هذه التهمة كلما أرادوا أن يحركوا مشاعر أردوغان المضادة للشعب الكردي.
كل هؤلاء يعلمون أكثر من غيرهم بأن الأمر مغاير تماماً. لذلك؛ أريد أن ألقي الضوء هنا على هذه الحقيقة لأولئك الذين عمت قلوبهم وضاقت عقولهم، حيث لا يسمعون ولا يفقهون إلا وفق ما تمليه عليهم مصالحهم وألاعيبهم.
ثبُت تاريخياً أن القوى التي تتكل على الخارج ولا تمتلك قوة ذاتية سواء مادية أو فكرية؛ تجد نفسها مكرهة لأن تستسلم للأجندات الخارجية بما فيها تلك الأجندات التي تتضمن سياسات التقسيم، وهذا ما نجده في تجربة الائتلاف السوري الذي لم يتوان مناصروه عن رفع شعارات تنادي بضم مناطق سورية إلى تركيا وتحولت فصائله العسكرية إلى دمىً بيد الجيش التركي يوجههم كيفما يريد بما في ذلك زجهم في معارك لاحتلال مناطق من سوريا. فهؤلاء، بسبب افتقارهم لبنية فكرية سليمة واعتمادهم الأعمى على القوى الخارجية انتهوا إلى واقع لا حول لهم فيه ولا قوة.
فنهبهم واغتصابهم لعفرين وتعذيبهم لأهلها يعبر عن مدى انسلاخهم عن القيم الديمقراطية والإنسانية ويعبر أيضاً عن مدى عقم استراتيجيتهم، ذلك أن من يريد وحدة الأراضي السورية لا يتعامل مع جزء من الشعب السوري بهذا الشكل، فهذا الشكل من التعامل لا يتم انتهاجه إلا ضد عدو.
على الجانب الآخر، لنلق نظرة على وضع مناطق الشمال السوري، هل هناك في كل شمال سوريا وضعاً يشبه ما هو عليه الوضع في عفرين وبخاصة المناطق التي حررت من داعش؟ قطعاً لا، فكل مكونات الشمال السوري تعيش معاً في وئام، فقامشلو مثلا تضم جميع المكونات كرداً وعرباً وسرياناً وآشوريين، ولن تجد فيها مكوناً يتعدى على حقوق مكون آخر وهذا الواقع نابع من الفلسفة العتمدة في أن قامشلو لكل سكانها مثلما يجب أن تكون سوريا لكل السوريين. يتم هنا تقديم نموذج للوحدة بين كل المكونات بصرف النظر عن هوية المكون الأثنية أو الدينية أو الطائفية، فهذا النموذج المصغر يفتح الطريق نحو آفاق جديدة لسوريا المستقبل.
أثبتت سنوات الأزمة السبع أن القوة الموجودة في شمال وشمال شرق سوريا هي القوة الوحيدة التي اعتمدت على ذاتها ودافعت وذادت عن كل المكونات الموجودة هنا دون تفريق، فلغاية عام 2014 كانت هذه القوة تقف وحيدة دون أي دعم من أي جهة دولية أو إقليمية وهي القوة الوحيدة التي لم تستجلب قوة أجنبية إلى سوريا كما فعل كل من النظام وقوى الائتلاف. فالنظام جاء بروسيا وفتح لها المجال لتشكيل قواعد عسكرية وعمل الأمر نفسه مع إيران، والائتلاف جاء بتركيا وساعدها باحتلال مناطق من سوريا، كل ذلك بشكل طوعي ودون أي اعتراض، في حين أنه ومنذ البداية كان هناك التزام من قبل القوتين العسكرية والسياسية في شمال وشمال شرق سورية بمبادئ الثورة السورية والثوار الذين قدموا أغلى ما لديهم من أجل بناء سوريا ديمقراطية، تسودها الحريات، ولا تفرق بين هوية مكوناتها ويحترم فيها الإنسان، ذلك بالرغم من كل الضغوط التي مورست عليها للعمل وفق أهواء بعض القوى الدولية ووفقاً لأجنداتها والتي عرضت أكثر من مرة تقديم المساعدة مقابل تقديم الولاء لها.
لذلك ليس من المبالغة القول: إذا كانت القوى السياسية والعسكرية في شمال سوريا قد تصرفت كما تصرفت القوى السياسية الأخرى في سوريا، لانقسمت سوريا أكثر من مرة. ولكن؛ الوعي التاريخي لدى هذه القوى، وأيضاً إيمانها بأن الحرية مرتبطة بالاستقلالية والاستقلالية تنبع من الوحدة الطوعية بين السوريين، وبأن التقسيم والانفصال لن يخدما أي مكون، جعلتها تلعب دور الحامي للوحدة السورية، ولافروف ومقداد، يعلمان ذلك جيداً. ولكن؛ يبدو أن لعبتهم مع تركية تملي عليهم الغمز من هذه القناة.
وهنا لعلي أسألكم، من هم الذين يهددون وحدة سوريا؟ من يقدمون المناطق السورية على طبق من ذهب للقوى الإقليمية والدولية، ويقتلون السوريين، أم من يقومون بتحرير المناطق السورية من داعش ومن تركيا ومرتزقتها ويحققون التعايش السلمي بين مكونات المجتمع السوري؟!.
No Result
View All Result