حّولت الاستخبارات التركية الـ (MîT) باشور كردستان، وخاصة مدينة السليمانية إلى ساحة للاغتيالات بمساعدة العملاء والجواسيس، فوجدت الحزب الديمقراطي أهلا لتسيير هذه الاغتيالات في هولير، في حين تزداد ردود الفعل الغاضبة، لهذه التصرفات معتبرة الأخيرة شريكة المحتل في الإجرام.
مؤخراً تعرض حسين أراسان، عضو نقابة عمال مزبوتاميا، لمحاولة اغتيال أمام مبنى النقابة في مدينة السليمانية؛ فأصيب بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى مستشفى شار في السليمانية، وبعد أقل من 24 ساعة استشهد حسين أرسان فجر يوم السبت العاشر من حزيران الجاري.
توثيق حالات الاغتيال بتواريخ متفرقة
أرسان لم يكن الشخصية الوطنية الأولى، التي تُغتال من قبل دولة الاحتلال التركي بمساعدة عملائها من الحزب الديمقراطي الكردستاني، فقد سبق ذلك وضمن أوقات متفاوتة اغتيالات أخرى.
وبتوثيق من وكالة روج نيوز، فقد نشرت في تقرير خاص لها تحت عنوان “استمرار عمليات استهداف الوطنيين الكرد وسط صمت القوى الأمنية في إقليم كردستان” تضمنت الاغتيال، الذي حصل، وكانت كالتالي:
أولا، في 16 أيلول 2021، تم استهداف المواطن فرهاد بارش موندو من باكور كردستان (شمال كردستان)، في مدينة السليمانية، فأصيب بجروح خطيرة.
في 17 أيلول 2021، تعرض عضو لجنة عوائل الشهداء في حزب العمال الكردستاني، ياسين بولوت المعروف بـ(شكري سرحد)، لهجوم شنته عناصر من الاستخبارات التركية؛ ما أدى إلى استشهاده في مدينة السليمانية.
وفي ليلة 17 أيار 2022، تم إطلاق النار على مالك مطعم دنيز، المواطن محمد زكي جلبي من باكور كردستان، في حي بختياري في السليمانية، وقد أدى ذلك إلى استشهاده يوم 18 أيار في مستشفى شار بمدينة السليمانية.
وبتاريخ 28 آب 2022، استشهد عضو المجلس التنفيذي لحركة الحرية، المواطن سهيل خورشيد عزيز المعروف باسم (ماموستا شمال) من أهالي مدينة كفري بباشور كردستان، على يد عملاء وجواسيس دولة الاحتلال التركية.
وبتاريخ الرابع من تشرين الأول 2022، استشهدت رئيسة تحرير مجلة علم المرأة، وعضوة مركز أبحاث علم المرأة، الناشطة والأكاديمية ناكيهان أكارسال، في حي بختياري بمدينة السليمانية.
وبتاريخ 17 نيسان 2023، استشهد حسين تورلي في مدينة دهوك بباشور كردستان بهجوم مسلح، والجدير بالذكر إن حسين تورلي كان قد تعرض لهجوم مسلح آخر قبل ذلك، فأصيب على إثره بجروح خطيرة.
عام 2015 إلى عام 2021 مسيرة دموية نتيجة الهجمات
والجدير بالذكر، وضعت حكومة حزب العدالة والتنمية مفهوم الحرب ضد الكرد من الوطنين والقياديين موضع التنفيذ منذ 24 تموز 2015، فقد شنت تركيا مئات الغارات الجوية على باشور كردستان، وازدادت هذه الهجمات في الآونة الأخيرة، حيث استشهد ما لا يقل عن 112 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، وأصيب مئات المدنيين في هجمات الطائرات المسيرة على مناطق باشور كردستان، وشنكال، ومخمور، وفي هجوم تركيا الأخير على بامرني، والذي شنته عبر طائرة مسيرة، وقد راح ضحية ذلك استشهاد ثلاثة أشخاص، بينهم طفلان.
وفقاً للتقرير، الذي أعده مكتب اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في السجون CPT في العراق، أن منذ عام 2015 حتى عام 2021، استشهد 109 مدنيين جراء الهجمات، التي شنتها تركيا على المنطقة.
مجازر عدة خلال عام واحد
من عام 2022 إلى عام 2023، استشهد العديد من الأشخاص جراء هجمات الدولة التركية بالطائرات المسيرة، وقذائف الهاون على باشور كردستان، فاستشهد تسعة أشخاص بينهم 23 آخرون.
ومن هذه المجازر، التي ارتكبتها دولة الاحتلال التركي في عام 2022، قصف المنطقة السياحية في قرية برخ التابعة لناحية زاخو في باشور كردستان، والتي راح ضحية القصف تسعة سياح عرب، وإصابة 29 شخصاً.
في الثاني من كانون الأول 2022 قصفت دولة الاحتلال التركي المدنيين في قرية كلالة، الواقعة على حدود شارباجار؛ ما أدى إلى استشهاد المواطن عزيز محمد رسول، وإصابة محمد قادر آغا، كويخا محمد علي، زانا محمد علي، سعيد محمد رسول، صالح قادر.
في 21 أيار، قصفت طائرات مسيرة تركية قرية توتقلان بأخجلر بالقرب من جمجمال في السليمانية؛ ما أسفر عن مقتل إسماعيل إبراهيم مامند، وهو أب لثمانية أطفال، وآرام إسماعيل مامند، وهو أيضاً أب لستة أطفال.
الاستهداف في السليمانية والحماية في هولير
ما إن تُغتَال الشخصيات في السليمانية؛ حتى يلجأ الفاعل إلى موطن حمايته هولير، فيحتمى بها، ويهرب من عدالة القانون، كما أكدته وكالة روج نيوز في تقريرها “إحدى النقاط المثيرة للاهتمام في هذه الهجمات هي إن القتلة فروا جميعاً إلى هولير، حيث يقوم جهاز المخابرات “باراستن” التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني بحمايتهم، وفي حادثتي اغتيال ياسين بولوت وزكي جلبي، لم يتم إلقاء القبض على القتلة على الرغم من كافة الأدلة، التي تدينهم، واتضح أنهم فروا إلى هولير لتلقي الحماية”.
ردود فعل ضد سياسة الحكومة
انتقاد السياسة، التي تنتهجها حكومة باشور، والحزب الديمقراطي الكردستاني في تمهيد الطريق للمحتل التركي، أخذ حيزاً كبيراً بين الناس والمتابعين، وضمن الأوساط السياسية والوطنية، الذين وجود بأن باشور كردستان قد أصبحت ساحة للتصفية، وبؤراً لعملاء وجواسيس المحتل التركي.
لجنة العلاقات الخارجية في منظومة المجتمع الكردستاني شددت في بيان أصدرته بهذا الشأن، بأنه سيكون لهم رد ضد أعمال التجسس، وإرهاب الدولة التركية.
وأكدت بأن مدينة هولير أصحبت ملاذاً آمناً لجميع قتلة الكرد، وكل القتلة، الذين ارتكبوا جرائم قتل في مدن أخرى سكنوا في هولير، موضحة بأنه حتى الآن، لم يتم اعتقال أي قاتل هرب إلى هولير، الأمر الذي يكشف دور الحزب الديمقراطي الكردستاني في المجازر، وفضح أمره العدواني، “ممارسة العداء الشديد للكردياتية الحرة، والوطنية في كردستان، التي يقوم بها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجواسيسه وشركاؤه”.
وذكرت أيضاً: “إن هؤلاء الخونة الذين ينظمهم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويخدمون الاستخبارات التركية، يستهدفون شعبنا الكريم، والكادحين ويتسببون في استشهادهم، حيث لا تملك الاستخبارات التركية وحدها الفرصة لتنظيم الجواسيس في باشور كردستان، ومن الواضح أيضاً أنه بدون مساعدة مؤسسات الحزب الديمقراطي الكردستاني، لا يمكن أن تقوم بخطوة واحدة، ولا يكتفي الحزب الديمقراطي الكردستاني بتنظيم الأشخاص فقط جواسيس للاستخبارات التركية، بل إنه يستخدم أحياناً العوائل لخدمتها”.
وكشفت لجنة العلاقات الخارجية في منظومة المجتمع الكردستاني عن استعدادها لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد هؤلاء الأشخاص والعوائل، ومحاسبة المنظمات المحتلة، والإرهابية، التي نفذت المجزرة، ودعت كل شعب كردستان؛ للثأر للشهيد حسين أراسان واتخاذ موقف ضد دولة الاحتلال التركي، وشريكها الحزب الديمقراطي الكردستاني.
صمت الأمم المتحدة يزيد الطين بلة
من جانب آخر طالبت ممثلية حزب الشعوب الديمقراطي إدارة باشور كردستان، بمحاكمة قتلة حسين أرسان، وكل الوطنيين والثوار، الذين تعرضوا للاغتيال في باشور كردستان على يد المخابرات التركية، وبالتعاون مع قوى باشور كردستان، وتقديمهم للمحاكمة.
وأدانت الممثلية الهجمات في حرب الإبادة الجماعية، هذه التي شنتها الدولة التركية، واستشهاد العشرات من الوطنيين بطرق شنيعة ومروعة. وقالت: “ففي العامين الماضيين على وجه الخصوص، اغتالت الاستخبارات التركية بمساعدة قوات إقليم كردستان العشرات من أصدقائنا في هجمات ضد اللاجئين السياسيين من باكور “شمال كردستان”. بصفتنا لاجئين سياسيين من باكور كردستان وممثلية حزب الشعوب الديمقراطي في اقليم كردستان، فإننا ندين بشدة الهجمات على أصدقائنا”.
كما دعت جميع القوى والأحزاب في باشور كردستان إلى البحث عن القتلة، ومن شاركوا في هذه الاعتداءات الجبانة ومحاكمتهم واعتقالهم في أسرع وقت ممكن، مشددة: “الدولة تهاجم المواطنين لكن الأمم المتحدة لم تتحرك، أو تتخذ موقفا ضد هذه الاعتداءات واستشهاد اللاجئين السياسيين. إننا ندين بشدة صمت الأمم المتحدة. إننا ندعو الأمم المتحدة مرارا وتكرارا إلى وضع حقوق الشعب الكردي بعين الاعتبار والاهتمام بها”.
تزايد التقارب التركي وحكومة باشور
ففي الوقت الذي تحصل في باشور كردستان استهدافات يومية ويغتال العديد من الشخصيات يمتد التدخل التركي في المنطقة وذلك بإنشاء المزيد من القواعد العسكرية في باشور كردستان، والذي بلغ عدد آخرها إلى عشر قواعد عسكرية، في محيط ناحية شيلادزه التابعة لقضاء آمدية في صورة واضحة وشفافة على موافقة حكومة باشور على ذلك التدخل، بل وهي نفسها تمهد لها الطريق.