No Result
View All Result
المشاهدات 3
عبدالرحمن محمد –
الشاعر الرقيق وصاحب الحس المرهف ابن قضاء الخصيب في محافظة البصرة، بدر شاكر السياب، ولد في قرية “بكيع” في 25-12-1925م.وقضى أغلب سنين عمره في قرية “جيكور”.
عُرِف السياب منذ نعومة أظفاره بحبه وتَعلقه بالشعر، وكتب ونظم القصائد وهو ابن الخامسة عشرة، وذاعت شهرته في منطقته لما كان لقصائده من عميق الأثر على من حوله.
درس السياب المراحل الأولى في مدارس عدة، وأكمل دراسته في المدرسة الرشيدية بالخصيب، وزاول التجارة والأعمال الحرة وخسر في كل تلك الأعمال، ثم توظف في دائرة (تموين أبي الخصيب).
في قريته التي تمتعت بصيت وشهرة تاريخية، وجمالاً وروعة في المنظر والموقع، من حيث وفرة الماء والخضرة والوجه الحسن، كانت قصص الحب والعشق وقصائد الوجد التي تتالت في الظهور كدرر منثورة، وازدادت بقصائد رائعة في وصف جمال وروعة القرية.
شط العرب وجيكور والنخيل وصور الطفولة والبراءة، الجمال والحنين، نهر البويب وبكيع ومنزل الأقتان؛ كانت مفردات تدل على شاعر مرهف الحس رقيق المشاعر مرَّ على حدائق عشق كثيرة وقطف منها روائع الزهر وعذب الكلمات، فكانت المئات من القصائد التي خلدتها ذاكرة العشاق ومحبي الشعر، وأغنت المكتبة العربية بأروع دواوين الشعر الإنساني.
مرَّ السياب بعشرات التجارب في الحب والإعجاب، وكتب عشرات القصائد الغزلية والوجدانية، وكانت تجاربه تكسبه المزيد من التعمق في الشعر، وكانت قصة زواجه من إحدى قريباته عام 1955، والتي أخلصت له وكان يبادلها ذلك ورعته في فترة مرضه وكانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياته فترة رهيبة عرف فيها صراع الحياة مع الموت.
ترك السياب أعمالاً عدة مطبوعة بعد وفاته منها: أزهار ذابلة (شعر)، أساطير (شعر)، المومس العمياء (ملحمة شعرية)، حفار القبور (قصيدة طويلة)، الأسلحة والأطفال (قصيدة طويلة)، مختارات من الشعر العالمي الحديث (قصائد مترجمة)، أنشودة المطر (شعر)، المعبد الغريق (شعر)، منزل الأقنان (شعر)، شناشيل ابنة الجلبي (شعر)، بالإضافة إلى عدة دواوين وملاحم شعرية مخطوطة، ومقالات وردود نشرت في مجلة الآداب، ليودع محبيه وعشاق شعره الرقيق في7/5/1963.
“ســـــــــــــتار”
عيناك والنور الضئيل من الشموع الخابيات
والكأس والليل المطل من النوافذ بالنجوم
يبحثن في عيني عن قلب وعن حب قديم
عن حاضر خاو وماض في ضباب الذكريات
ينأى ويصغر ثم يفنى إنه الصمت العميق
والباب توصده وراءك في الظلام يدا صديق !
………….
كالشاطئ المهجور قلبي لا وميض ولا شراع
في ليلة ظلماء بل فضاءها المطر الثقيل
لا صرخة اللقيا تطيف به ولا صمت الرحيل
يمناك والنور الضئيل أكان ذاك هو الوداع ؟!
باب وظل يدين تفترقان- ثم هوى الستار
ووقفت أنظر في الظلام وسرت أنت إلى النهار
…………
في ناظريك الحالمين رأيت أشباح الدموع
أنأى من النجم البعيد تمر في ضوء الشموع
واليأس مد على شفاهك وهي تهمس في اكتئاب
ظلاً- كما تلقي جبال نائيات من جليد
أطيافهن على غدير تحت أستار الضباب
لا تسألي ماذا تريد؟ فلست أملك ما أريد!
………….
باب وظل يدين تفترقان- ليتك تعلمين
أن الشموع سينطفين, وأن أمطار الشتاء
بيني وبينك سوف تهوي كالستار فتصرخين
الريح تعول عند بابي لست أسمع من نداء
إلا بقايا من حديث رددته الذكريات
وسنان هوّم كالسحابة في خيالي ثم مات !
…………….
أنا سوف أمضي سوف أنأى سوف يصبح كالجماد
قلب قضيت الليل باحثة على الضوء الضئيل
على ظله في مقلتي فما رأيت سوى رماد!!
أنا سوف أمضي ربما أنسى إذا سال الأصيل
بالصمت أنك في انتظاري ترقبين وترقبين
أو ربما طافت بي الذكرى فلم تذك الحنين
…………….
الزورق النائي وأنات المجاديف الطوال
تدنو على مهل وتدنو في انخفاض وارتفاع
حتى إذا امتدت يداك إلي في شبه ابتهال
وهمست ها هو ذا يعود! رجعت فارغة الذّراع
وأفقت في الظلماء حيرى لا ترين سوى النجوم
ترنو إليك من النوافذ في وجوم .. في وجوم !
……………..
قد لا أؤوب إليك إلا في الخيال وقد أؤوب
لا أملس في قلبي ولا في مقلتي هوى قديم:
كفان ترتجفان حول الموقد الخابي .. وكوب
تتراقص الأشباح فيه .. وتنظرين إلى النجوم
حذر البكاء .. وكيف أنت تهز قلبك في ارتخاء
عاد الشتاء ..
فتهمسين: وسوف يرجع في الشتاء.
No Result
View All Result