يحكى أنه في سالف الأزمان وحينما كان يا ما كان، كان هناك شعب يعيش في وئام بسلام وأمان واطمئنان لا يعرف الجشع ولا الطمع حتى تلوث بعض من هذا الشعب بوباء الجشع الأعمى فحكم على من تبقى من هذا الشعب بالهلاك، هذا الشعب الذي يعاني اليوم من قانون فرض بُغية دفع النظام إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وعدم التمسك بهذه العقلية التي يتصرف بها اليوم، قانون عقوبات اقتصادية رفعت من سعر الدولار، لينخفض معه معنى الأخلاق بل وقد يندثر عند بعض المتاجرين بالأزمات اصحاب النفوس الدنيئة والمريضة، فلا يعقل ابداً أن البضائع ذاتها التي ترتفع بسبب ارتفاع سعر الصرف والتلاعب اللاأخلاقي بهذه العملة ثم إذا انخفض تستقر البضائع عند سقف الارتفاع دون أن تنخفض معه! بل ووصل الأمر إلى إغلاق بعض التجار محالهم ولا أقصد صغار التجار وإنما وكما يسميهم الشعب الحيتان الذين لا يشبعون، فعندما يكون سعر الصرف مرتفع يفتحون مستودعاتهم وعندما يبدأ بالانخفاض يغلقونها ليبيعوا بسعر مرتفع وإذا ارتفع يرفعون السعر فوق الارتفاع الذي لم يبلغه المستوى الأول وسط غياب عن رقابة عليهم وضبط لأعمالهم .
اليوم اتوجه وعبر هذه الزاوية وأخاطب ضمائر التجار بعضكم سمع بالمبادرات الفردية التي أطلقها بعض أصحاب الضمائر الحية من صغار الكسبة للمساعدة في سد جوع القليل من الكثير الجائع، أخاطب اليوم ضمائركم بأن ترحموا هذا الشعب كونوا عوناً له لا عليه فالدنيا “دولاب” والتاريخ يسجل، ألا يكفيه ما أصابه من تهجير ومن قتل وقصف حتى يصاب بكم وأنتم بني جلدته ولستم ببعيدين عنه، الطوفان إذا جاء لن يستثني أحداً والجائع لن يخشى بندقيتك ولا تهديدك، كونوا سنداً للإدارة الفتية التي نشأت حديثاً لا عوناً عليهم فتكونوا سبباً بفتن نحن بغنى عنها، أنا لا أقول بأن لا تربحوا بل أقول اجعلوا ربحكم أخلاقياً حلالاً لا جشعاً ظلماً، تذكروا بأنه لولا تضحيات الشهداء وفدائية الجرحى وسهر الأمن لما كان لكم رزق تتاجرون به فلا تبيعوا تلك التضحيات ببعض من نقود أو قليل من غيره، شعبنا يستحق العيش بكرامة وتذكروا لن نسامح من يستغل قيمنا ولا من يحاول أن يضيع مكتسبات الشعب ولا بأي شكل أو حال من الأحوال، شعبنا يستحق الرحمة وعدم التلاعب بقوته، يا أصحاب العقارات المؤجرة ارحموا هؤلاء المستأجرين الذين تركوا أرضهم قسراً كونوا رحماء ببعضكم وارحموهم لعل السماء ترحمنا، فيكفي هذا الشعب ما عاناه ويكفيه ما رآه، ارحموه لعل ضحكة الوطن تعود ولعل زنبقة تنبت من ابتسامة شهيد ودمعة يتيم وفرحة طفل.
ارحموه لعل خرير الفرات الحزين يعود ناياً يعزف لحن الأمل عبر زيتون الشمال ولعلنا نؤكد للعالم كله وللرأسمالية العالمية أننا لا نزال على قيد الحياة ولا نزال على قيد الإنسانية، ارحموه لعلنا يوماً نحكي لأولادنا حكاية وطن.