“زلبا أو زالبا” مملكة قديمة حكمت منطقة البليخ اﻷوسط، في عام (1600ق.م)، ولعبت دوراً رياديا وهاماً في فترة اﻷلف الثاني قبل الميلاد، وأثار هذه المملكة مغيبة في ثنايا “تل حمام التركمان” الذي يقع على الضفة الشرقية ﻷحد روافد نهر البليخ، على بعد (70كم) إلى الشمال من مدينة “الرقة”، وعلى بعد خمسة كيلو مترات شرقاً، يجاوره تل أثري هام جداً هو تل “صبي اﻷبيض”.
مملكة “زلبا” تقع على الطريق التجاري القديم، الذي كان يربط “نينوى” بالبحر اﻷبيض المتوسط، ومكة المكرمة واليمن”، ويسمى “ببارلي رود أي طريق الشعير” الذي يمر بتل “حمو كار” ثم “بتل بري” و”تل خويرة”، ويستمر غربًا حتى “صهلاﻻ” تل صهلان على “البليخ”، ثم ينعطف جنوباً إلى “زلبا” ومنها إلى “باجروان” فالرقة، ومنها ينعطف هذا الطريق غرباً حتى “سورا” القديمة، ومن سورا يتفرع هذا الطريق إلى فرعين:
الفرع اﻷول يتجه جنوباً “طريق ديوقلبسيان”، الذي يمر “بالرصافة” و”الكوم” والطيبة “حرض القديمة” ثم “السخنة وفدك وأرك” فـ “تدمر”، التي يتفرع منها إلى ثلاثة فروع، اﻷول يتجه شرقاً إلى “أروك” “العراق”، والثاني يتجه جنوب غرب إلى “دمشق”، ومنها إلى “البتراء” فـ “مدائن صالح”، ومنها إلى المدينة المنورة فمكة المكرمة واليمن السعيد، أما الفرع الثالث من تدمر فيتجه غرباً، باتجاه “إيميسا” (حمص) ومن حمص إلى “أوغاريت” الواقعة على شواطئ المتوسط.
أما الفرع الثاني الذي يتفرع من “سورا” القديمة، فإنه يتجه غرباً باتجاه “إيمار”(مسكنة)، ومنها إلى يمحاض (حلب)، ومن يمحاض إلى كركميش(جرابلس)، أما من جهتي الشرق والجنوب فتحده الحقول الزراعية الواسعة. أما تل الحمام فهو تل أثري كبير، أبعاده (550م) طول بعرض (450م) وارتفاعه عن اﻷراضي المجاورة (45 م) وتعود بواكير نشأته اﻷولى إلى تاريخ موغل في القدم (5000 ق.م)،أي إلى مرحلة اﻷلف الخامس ق.م، وإلى سويات عصر البرونز القديمة والوسيط، (2000/3000ق.م) ويستمر تاريخ التل في حراكه الحضاري إلى العصرين الروماني والفترة العربية الإسلامية، ومنذ العام (1980م) خضع التل ﻷعمال تنقيبات أثرية، من قبل بعثة هولندية برئاسة البرفسور الشهير عالمياً “موريس فان لون” الهولندي، ثم تلاه الدكتور “ديتريك ماير”، وقد أماطت هذه التنقيبات اللثام عن سوية مهمة اتضح منها، أن سوية عصر البرونز الوسيط قد شهدت تطوراً مهماً، حيث ظهر شارع واسع تحفه المباني والمساكن من الجانبين، وفي سوية أقدم ظهر بناء ضخم عبارة عن معبد يمثل أحد المعابد الشهيرة في ماضي مملكة شهيرة لعبت دوراً عظيماً في التاريخ هي مملكة (زلبا)، وزلبا هذه كانت تشتهر بقوتها وبمواقفها المتشددة والمشاكسة، مع من جاورها من ممالك ومدن كبيرة مثل مدينة “توتول” التي كانت في صراع مع مملكة زلبا، بسبب قطعها الماء عن مدينة “توتول”، ومتحف “الرقة” كان يغص بالمكتشفات اﻷثرية من تل حمام، وهي تمثل رقماً مسمارية، وهي عبارة عن نصوص أدبية، وعقود، ونصوص قانونية إلى جانب مجموعة من الحلي الذهبية، وأنواع متنوعة من الخرز واﻷواني الفخارية الصغيرة والكبيرة جداً بارتفاع أكثر من متر.