تقرير/ مصطفى السعيد ـ ماهر زكريا –
روناهي/ الطبقة – يعد حوض الفرات من أقدم المناطق الأثرية، التي سكنها الإنسان، وأسس فيها حضارة عريقة بسبب توفر المياه، ومن المعروف عن بلاد ما بين النهرين تعدد الحضارات التي قامت وازدهرت فيها.
يقع تل “الممباقة” على الجهة اليسرى لبحيرة الأسد، في منطقة “الجرنية” وهو من أهم الموقع الأثرية القديمة في المنطقة، يقابله من الجهة المقابلة جبل “عرودة” وتل “حبوبة”، وهو يقع بالقرب من تل “الشيخ حسن” على بعد أكثر من 100كم غرب مدينة “الرقة”.
وزار الموقع كثير من الرحالة والبعثات الأثرية ومنهم الرحالة الإنكليزي “جير ترود بيل”، حيث زار الموقع في عام /1907/ وتحدث عن وجود بوابات للمدينة وسورها، وقال إنها من أكثر المناطق التي زارها متعة، وفي عام /1968/ اختار الألمان موقع “الممباقة” للبحث الأثري، بعد نداء من منظمة اليونسكو لإنقاذ التلال قبل أن تغمرها مياه بحيرة الفرات إبان انشاء سد الفرات، وبدأ العمل في الموقع منذ شهر أيلول عام 1969م.
وبالنسبة للحقبة التاريخية التي يمثلها الموقع حيث تم معرفة الاسم القديم للموقع من خلال الكتابات المسمارية التي عثر عليها فيه، وذكر البعض إن الموقع كان يعرف باسم مملكة “إيكالتا”، وتذكر المصادر التاريخية بأن الملك الفرعوني “تحوتمس” الثالث وصفها بأنها مدينة مهمة وكبيرة، وقد دمرها أثناء حملاته على المنطقة، وذلك في نقش موجود اليوم على معبد الكرنك الشهير في مصر.
كان لإيكالتا دور كبير، في الصراع بين الحثيين والآشوريين والمصريين، يعود تل “الممباقة” لفترات مختلفة من الألف الثالث قبل الميلاد حتى العصور الإسلامية، ويرجع الاستيطان البشري الأول لتل الممباقة إلى فترة البرونز المبكر حوالي /2500/ ق.م، حيث كانت المدينة محاطة بسور شأنها في ذلك شأن كل المدن القديمة، ولها بوابتان الأولى في الجنوب، والثانية في الشمال الشرقي، وفي إحدى غرف الجدار الدفاعي وجد جدار ملون بالأحمر والأزرق يمثل مشهداً راقصاً وقد عثر كذلك على أكواب، إضافة للتماثيل النسائية ذات العيون الكبيرة، وتحت أرضية إحدى الغرف وجد إناء يحتوي على أدوات برونزية وحلي ذهبية وفضية وبرونزية وعيون من الحجارة وأوانٍ برونزية، عثر على إحداها كتابة سومرية، وهي الكتابة السومرية الوحيدة التي عثر عليها في منطقة البحيرة، كما عثر على أختام اسطوانية أكادية وقطع برونزية مستوردة على ما يبدو من أوغاريت، أما بالنسبة لفترة البرونز الوسيط، وجدت أبنية كبيرة من اللبن وسور بطول /64/متر، وقد عثر في هذه الفترة على رأس منحوت بشكل بارز، صنع من الطين المشوي مزين بتاج ذي قرنين.
أما فترة البرونز المتأخر أو الحديث، فهي فترة الازدهار، حيث قامت مملكة “إيكالتا” وامتلأت بالمنازل التي وصل عددها إلى /450/ منزلاً، ويقطن كل منزل من أربعة إلى ستة أشخاص، و كان تصميم المنازل فيها يشبه التصميم الحديث للمنازل، غرفة رئيسية للاستقبال، وغرف أخرى لبعضها درَج يؤدي إلى الأعلى، وحوش وتنور وأماكن لتخزين الطعام، ويدل تخطيط الشوارع والساحات على اهتمام السكان البالغ بمدينتهم، وعثر على معبدين ضخمين كل منهما بطول /33/م وبعرض /14/م كانت تمارس فيهما الطقوس الدينية، وعثر على معبد ثالث ضخم ومخازن وإسطبلات، ولم يعثر على قصر لسيد مدينة “إيكالتا”، ومن أهم المكتشفات واللقى في هذه المرحلة، نحت طيني بارز يمثل مجسم على شكل مجنحة عارية، تمسك كل يد من يديها بـ “عنزة” صغيرة، وكشف على مجسمات عدة لعشتار، وفي بعض المشاهد بجنبها لبوات، ووجدت عدة جرار وأدوات للطبخ.
وكان أهم مكتشفات هذا الموقع الأثري هو الكشف على مجموعة من الكتابات المسمارية التي أعطتنا اسم المدينة القديم، وكتابات